اخر الاخبار

في السنوات الأخيرة شهدت التجارة الإلكترونية في العراق نمواً ملحوظاً، نتيجة التوسع في استخدام شبكة الإنترنت وزيادة الاعتماد على الأجهزة الذكية. وبرغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع، مثل البنية التحتية الضعيفة وقلة التشريعات المنظمة، فإن السوق العراقي أظهر قدرة ملحوظة على التكيّف مع الاتجاهات العالمية في التسوق عبر الإنترنت.

وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في العراق قد تجاوز 1.5 مليار دولار في عام 2023، بزيادة ملحوظة عن الأعوام السابقة. هذا النمو يعكس ازدياد عدد المستخدمين الذين يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي والتسوق الإلكتروني للحصول على منتجاتهم وخدماتهم، وهو ما يبرز أهمية تنظيم هذا القطاع لضمان حقوق المستهلكين وحمايتهم من عمليات الاحتيال والتلاعب.

إلى جانب الحماية القانونية، يسهم تنظيم التجارة الإلكترونية في تعزيز وفتح آفاق أوسع للعمل بالنسبة للشباب العاطلين عن العمل، علاوة على انه يحفز النمو الاقتصادي. ويُعد تنظيم التجارة الإلكترونية في العراق خطوة ضرورية ومهمة، لكن مختصين أكدوا ان التنظيم يجب ان يؤدي الى الازدهار والضبط، ورفع كفاءة العمل وحماية المستهلك.

ضوابط وتنظيم

من جهته، أعلن البنك المركزي، اخيرا، رفع ورقة «مشروع نظام التجارة الإلكترونية» إلى مجلس الوزراء للاطلاع عليه وإقراره، للمضي فيه.

وذكر بيان للبنك، تلقته «طريق الشعب»، ان محافظ البنك علي محسن العلاق، «ترأس اجتماع لجنة الأمر الديواني (24079)، لتنظيم التجارة الإلكترونية في العراق بمشاركة الجهات المعنية، وجرى خلال الاجتماع مناقشة مشروع نظام التجارة الإلكترونية وحماية المستهلك عبر الضوابط التي ناقشها الحضور، من خلال إجراءات التسجيل والحصول على رخصةٍ لممارسة هذه التجارة».

وأسهمت اللجنة بحسب البيان «بتعريف موفّر الخدمة ومنحه الرخصة من خلال منصة إلكترونية تقوم بتأسيسها وزارة التجارة، وشدّد اعضاء اللجنة على تثبيت ضوابط منح الرخصة للراغبين في ممارسة التجارة الإلكترونية بما يحفظ حقوق الأطراف كافة».

من اي منطلق يجب ان يكون التنظيم؟

في هذا الشأن، قال الخبير التكنلوجي علي أنور ان «هذا النوع من التجارة هو صورة الكترونية لمفهوم التجارة المعروف»، مبيناً ان «التجارة التقليدية بالعراق تعاني من مشاكل. فما بالك بالتجارة الالكترونية؛ الشروط والأدوات والتقنيات ذات العلاقة جميعها تتأثر بهذا الموضوع».

واضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، أن «مفهوم التجارة الالكترونية اليوم متداول وبدأ ينمو على مستوى المنطقة، وفي العراق مؤخرا هناك نمو واضح، فحجم الاوردرات من هذه التجارة، ولو كانت لدينا ادوات ضبط اكثر، ستكون الارقام اكبر».

ونوّه أنور بأن «موضوع تنظيم التجارة له أكثر من هدف، فالمعلن هو حماية المستهلك، والاهداف الاخرى هي جباية الضرائب وملاحقة بعض المروجين لبضائع غير خاضعة لضمان وللفحص والسيطرة النوعية والرقابة من الاجهزة المختصة».

وقال، إن «شرط التنظيم مهم وضروري، شريطة ان يؤدي الى هذا التنظيم للازدهار والضبط ورفع كفاءة العمل وحماية المستهلك»، منوها الى ان «التجارة الالكترونية لم تكتمل بكل مفاصلها، والسائد لدينا هو عرض المنتجات وايصالها عن طريق منصات التواصل والتطبيقات ولكن الدفع لا يزال نقدياً، او ما يعرف كاش اون دليفري».

فيما أكد على ضرورة أن «تكون هناك اجراءات بسيطة وسهلة غير معقدة للتجارة الالكترونية، وهذا الامر يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار، اضافة الى ان هناك قوانين ومعايير دولية يجب ان نخضع لها وان لا نتجاوزها».

ولفت إلى ان «إكمال الدائرة وتفعيل الدفع الالكتروني لكل هذه الاوردرات، والتي لها فوائد تنعكس بمجالات اخرى، مثل نمو الطلب على تطبيقات وستكون هناك صناعة برمجية افضل، علاوة على مراقبة افضل للحركة امنياً واقتصادياً، وستكون جودة المنتج عالية، ولكن تطبيق كل ذلك في الوقت الحالي يعد أمراً صعباً».

مصطلح جديد

إلى ذلك، قال الباحث في الشأن الاقتصادي احمد عبد ربه ان «التطور التكنولوجي ساهم في ظهور التجارة الإلكترونية وتعدد أشكالها والوسائل التي تقدمها من خدمة ومنتج. كما تعتبر أحد أهم أنواع الاقتصاد التشاركي الذي يسهم في تحقيق تنمية تجارية متطوراً وفقاً لمتغيرات العصر».

وأضاف قائلا لـ»طريق الشعب»، أنّ «لتجارة الإلكترونية افضت الى خلق مصطلحات جديدة ساهمت في بناء الهيكلة الأساسية لها، وجعلت الحياة الاستهلاكية أكثر يسر وسلاسة»، مبيناً ان «الاستهلاك الإلكتروني قائم على حلقتين أساسيتين غير متكافئتين تتضمنان مبدأ استمرارية هذه التجارة المستحدثة في ذلك المجتمع».

واكد عبد ربه، أن حماية المستهلك «من أولويات القانون التجاري الذي ينظم الدائرة التجارية في الحياة العامة بين المستهلك والتاجر والمنتج، لأن الرغبة في الربح السريع دفعت العديد من التجار والمنتجين ومقدمي الخدمات لإتباع أساليب غير مشروعة للإثراء السريع باستخدام وسائل الغش والخداع المختلفة».

ولفت الى أن «المخاطر التي يتعرض لها المستهلك في التجارة الإلكترونية قد يكون مصدرها التاجر الذي يمثل الطرف الآخر في العلاقة التعاقدية الذي كثيراً ما يتسم سلوكه بالغش والتحايل قبل المستهلك».

واتم حديثه بالقول انه بالرغم من التطور العلمي والتقني إلا أن «المستهلك العراقي ما يزال يعاني من الغش والتحايل عند تعاقده إلكترونًيا، بالإضافة إلى ضعف نوعية السلع والخدمات وارتفاع أسعارها»، مؤكدا حاجة المستهلك العراقي «للحماية القانونية بسبب المخاطر، وقلة الأمان، وكثرة المشاكل عبر الشبكة الإلكترونية، فحماية المستهلك من أهم وأكثر المواضيع التي تحتاج إلى فرض القانون وتطبيقه بعيداً عن الازدواجية كما هو الحال في بقية القوانين، بسبب حداثة هذا الموضوع على المجتمع العراقي».

عرض مقالات: