اخر الاخبار

تبرر الحكومة المحلية في محافظة البصرة، تلكؤ مشاريع المحافظة لسنوات، بأسباب كثيرة أبرزها «غياب الأموال وتأخر إقرار الموازنات العامة»، لكن مراقبين طرحوا أسبابا أخرى تتعلق بالضعف الرقابي من جانب الجهات المعنية.

وترصد هيئة النزاهة بين فترة وأخرى تلكؤاً وفساداَ في العديد من مشاريع محافظة البصرة، والتي كان آخرها ضبط مخالفات في عقد بقيمة 41 مليون دولار.

الصراع السياسي هو السبب

ويذكر الناشط من محافظة البصرة، أحمد ستار، أن الكثير من المشاريع الخدمية تعيش تلكؤا ملحوظا منذ سنوات، كمشاريع المدارس المتوقفة منذ العام 2011.

ويجد أن «الصراع السياسي في المحافظة هو المعرقل الأكبر لإنجاز المشاريع المهمة».

ويحث ستار خلال حديثه لـ «طريق الشعب»، على ابعاد المشاحنات السياسية عن العمل بالمشاريع، التي تم استئناف العمل فيها كجامعة الزبير وغيرها».

اما في ما يخص القطاع الصحي، فيشير ستار إلى وجود تلكؤ كبير في المستشفيين الكويتي والزبير.

وينوه المتحدث بأن مركز المحافظة يحظى بمشاريع خدمية كبيرة ومتواصلة، بينما حصة الأطراف التهميش واللامبالاة.

ويردف كلامه «ربما مناطق الاطراف بانتظار موسم انتخابي جديد كي تحظى ببعض المشاريع الترقيعية، التي ما أن يوضع لها حجر اساس حتى تهمل وتدخل خندق الاندثار، بانتظار موسم آخر!».

اغلب مشاريعها متلكئة

قول النائب السابق عن محافظة البصرة، وائل عبد اللطيف، إن «التلكؤ والفساد يطالان أكثر المشاريع الخدمية في المحافظة»، مشيراَ إلى إن «مشاريع تحلية مياه البحر وتحويلها الى مياه «RO» لتكون صالحة للشرب، هي أكثرها تلكؤاً».

ويضيف في حديث مع «طريق الشعب»، أن «المشاكل بين العراق ودول المنبع المجاورة، جعلت المحافظة تتوجه الى استخدام مياه البحر للاستعمال البشري، الأمر الذي يتطلب إيجاد مشاريع تحلية لتلك المياه، كما هو معمول به في أغلب دول العالم، التي تعتمد هذا النوع من المشاريع كـ (قطر والإمارات والبحرين والكويت)».

ويتابع أن «مشاريع تحلية المياه متلكئة، وهي قيد التنفيذ منذ 10 سنوات، ولم تصل نسب الإنجاز أكثر من 14 في المائة»، نافياً في الوقت نفسه وجود محاسبة أو توجيه إنذار ـ على اقل تقدير ـ إلى المقاولين المسؤولين عن هذه المشاريع.

ويترسل بالحديث عن هدر وتلكؤ بمشاريع أخرى؛ اذ يذكر أنه تم رصد خلال الأسبوع الجاري مخالفات وتلكؤ في تنفيذ مشروعين بقيمة 41 مليون دولار أمريكي: الأول تابع لعقد مبرم بقيمة 22 مليون دولار أمريكي بين شركة نفط البصرة مع شركتين أجنبيتين. والآخر هو مشروع ماء البراضعية، الذي تبلغ كلفته 19 مليون دولار أمريكي، وقد رصد فيه تلكؤ كبير في نسب إنجازه».

ويشير إلى وجود تلكؤ في المستشفى التركي، حيث العمل متوقف، ونسبة الإنجاز لا تتجاوز 10 في المائة، مؤكدا غياب التحرك الحقيقي في هذا الشأن من قبل وزارة الصحة والحكومة المحلية، على الرغم من أهميته لأهالي البصرة الذين تتفشى بينهم الأمراض السرطانية بشكل مقلق، وبعيدا عن المعالجات الحقيقية.

ويأمل عبد اللطيف أن يكون هناك توجه حقيقي وجاد من قبل المحافظة على المشاريع الخدمية.

ويقترح، أن يجري تشكيل لجنة عليا تكلف متابعة المشاريع، ورصد أسباب التلكؤ لمعالجتها.

ويردف كلامه بأن «الكثير من تلك المشاريع تشكل غطاءً لفساد عميق، وهدراً للمال العام، بسبب أنها مناطة بعهدة شركات وهمية، حولت تلك المشاريع إلى وهمية أيضا، وحبراَ على ورق»، بحسب قوله.

أسباب التلكؤ

وتصنّف المشاريع المتلكئة في محافظة البصرة إلى صنفين؛ الأول يشمل مشاريع وزارية والأخرى محلية، بحسب أحمد السليطي رئيس لجنة الرقابة والمتابعة المالية في مجلس محافظة البصرة السابق، الذي عزا التلكؤ إلى تأخر تخصيص وإطلاق الأموال الخاصة بمشاريع المحافظة، وهذا مرتبط بتأخر إقرار الموازنة العامة.

يقول السليطي في حديث مع «طريق الشعب»، إنّ «أغلب المشاريع المتلكئة أحيلت منذ العام 2012 كالمشاريع التابعة إلى بعض الأقضية والنواحي».

وبصفته قائمقام قضاء أبي خصيب وكالة، تحدث السليطي عن المشاريع المتلكئة في القضاء، مشيراً إلى وجود مشاريع تابعة لشركات لا تملك ميزانية تلائم حجم المشروع، وشركات أخرى عملت بمشاريع البنى التحتية، وليس لديها أعمال مماثلة سابقا. ويقصد بمشاريع البنية التحتية، مشروعات الكهرباء والمياه والاتصالات والمجاري والاكساء.

والى جانب قضاء أبي الخصيب، يطال التلكؤ المشاريع الخدمية في قضاء شط العرب وغيره من الاقضية؛ فبعض المشاريع لا تتجاوز مدة انجازها سنتين او اقل، بينما مرت سنوات كثيرة على تلكؤها.

ويشير السليطي الى أن الحكومة المركزية أصدرت قرارا بإيقاف العمل في جميع المشاريع في عموم البلاد، منذ عام 2014 وفق قرار 347، لكن تم تعديل القرار في العام 2018، بالشكل الذي وضع ثلاثة خيارات امام الشركات المنفذة للمشاريع التي توقفت: اما سحب يدها من المشروع او انجاز المشروع بشرط تسديد الأموال على شكل دفعات في وقت لاحق، او ان تدخل في شراكة مع جهات أخرى لأجل التنفيذ.

ويؤكد السليطي، أن «موازنة ٢٠٢٣ تتضمن مشاريع كبيرة للبنى التحتية وتحديداً المناطق التي وزعت فيها قطع أرض لفئات مختلفة من شرائح المجتمع»، مبيناً انه تم توزيع 113 قطعة ارض في غالبية الاقضية، والمستفيدون منها بانتظار توفير البنية التحتية في المنطقة ليتمكنوا من بنائها، والسكن فيها.

متابعة

واطلعت «طريق الشعب» على بعض المشاريع التي رصدت فيها تلكؤات وفساداً منذ مطلع العام الجاري، حيث رصدت هيئة النزاهة الاتحاديَّة تلكؤاً في مشروع، ومخالفات في تأجير عقار دون قيمته الحقيقيَّة في محافظة البصرة، كلفته (16،000،000،000) دينار، اضافة الى ضبط عقد مشروع حواجز إعلانيَّة تجاريَّة لمتطلبات بطولة خليجي (25) بعد توقف العمل في المشروع، الذي بلغت نسبة إنجازه حتى الآن 49 في المائة والذي انتفت الحاجة إليه بعد انتهاء البطولة، وكلفته (8،175،000،000) دينار في ديوان محافظة البصرة - قسم الحسابات.

وتم ضبط أوليَّات عقار يقع في المركز التجاري في منطقة العشار لوجود مخالفات إداريَّة وماليَّة رافقت تأجيره، وإنشاء مشيدات واستغلالها كمحلات تجاريَّة. كما رصد تلكؤ في مشروع إنشاء صالات عمليَّاتٍ في مستشفى الفيحاء العام الذي خُصِّصَ له مبلغٌ قدره (3,773,582,000) دينار، إضافة الى رصد مخالفات في عقدٍ أبرمته جامعة البصرة لإنشاء مطعمٍ ومسبحٍ وقاعة مناسباتٍ على أرضٍ تبلغ مساحتها (5000م2) تابعة للجامعة، حيث ابرم العقد من قبل رئيس الجامعة وليس من قبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

عرض مقالات: