طالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني، والتي أطلقت حملة “أحموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق”، بإيقاف الاستهداف الممنهج لعدد من المنظمات، بعد مداهمة منظمتي مجتمع مدني في السليمانية والبصرة خلال الشهر الماضي، فيما اعتبرت الإجراءات المتخذة من قبل السلطات الرسمية انتهاكاً صارخاً لمواد الدستور، مطالبة بتوفير بيئة آمنة لعمل المنظمات بعيداً عن الضغوطات والتهديدات، مع ضرورة الالتزام بالمعاهدات الدولية الخاصة بحماية الفضاء المدني.
بيان حملة أحموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق :
تشهد منظمات المجتمع المدني والمدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان في العراق بما في ذلك إقليم كردستان موجة متزايدة من الانتهاكات الممنهجة التي تتراوح بين المداهمات غير القانونية وحملات التشويه والاعتقالات التعسفية والتضييق على الفضاء المدني. إن هذه الممارسات لا تستهدف جهات محددة بعينها فحسب، بل تمثل توجها لإضعاف المجتمع المدني وإخضاعه لقيود تتعارض مع مبادئ الحرية والديمقراطية.
لقد تكررت الاعتداءات في عدد من المدن العراقية وتنوعت بين استهداف مقار المنظمات وتشويه السمعة والتعتيم الإعلامي. وإن حادثة مداهمة مقر “أوفيس بايا” في السليمانية بتاريخ 22 آب/أغسطس 2025 وما رافقها من الاستيلاء على محتوياته تعد مثالا صارخا على خطورة هذه الانتهاكات لاسيما في ظل الصمت الإعلامي والتأخير في كشف الحقائق للرأي العام، الأمر الذي يعرقل المساءلة ويعمّق الإفلات من العقاب.
وقد شهدت البصرة في وقت سابق تعرض منظمات مدنية محلية لحملات منظمة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تضمنت اتهامات غير دقيقة هدفت إلى تقويض شرعيتها وإضعاف ثقة المجتمع بها. الأخطر أن هذا الخطاب التحريضي طال النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان على نحو خاص من خلال حملات تشويه ممنهجة ذات طبيعة تمييزية تهدف إلى إسكات أصواتهن وإقصائهن عن المجال العام.
إن هذه الانتهاكات تمثل خرقا واضحا للدستور العراقي لعام 2005 الذي يكفل حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات (المادة 38) وحماية الملكية الخاصة (المادة 23). كما تشكل مخالفة مباشرة لالتزامات العراق الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إن التعتيم الإعلامي وحملات التشويه لا يقلان خطورة عن الانتهاكات الميدانية إذ يحجبان الحق في الوصول إلى المعلومات ويقوضان ثقة المجتمع بالمؤسسات المدنية ما يفتح المجال لمزيد من الانتهاكات في ظل غياب المساءلة.
لذا تطالب حملة “احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الان” بما يلي:
إجراء تحقيق فوري وشفاف في كافة الاعتداءات بما في ذلك حادثة “أوفيس بايا” ومحاسبة الجهات المسؤولة عنها.
وضع حد لسياسة التعتيم الإعلامي وضمان حرية تداول المعلومات المتعلقة بالانتهاكات.
وقف حملات التشويه بحق منظمات المجتمع المدني والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وتجريم الخطاب التحريضي ضدهم.
تعويض المتضررين عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم وضمان استعادة ممتلكاتهم.
توفير حماية خاصة للنساء والمدافعات عن حقوق الإنسان ضد التمييز والاستهداف القائم على الجنس، وضمان مشاركتهن الآمنة في الحياة العامة.
ضمان بيئة آمنة ومستقلة لعمل منظمات المجتمع المدني بعيداً عن التدخلات والضغوط والتهديدات.
الالتزام التام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضم اليها العراق والعمل على تعزيز حماية الفضاء المدني.
إن استهداف منظمات المجتمع المدني وتشويه سمعتها يشكل تهديدا مباشرا لمسار الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في العراق. وتحذر الحملة من أن استمرار هذه السياسات من شأنه أن يؤدي إلى تدهور خطير في بيئة العمل المدني ويعرض الجهود الوطنية والدولية في مجالات الإصلاح والتنمية إلى مخاطر جدية.
وعليه فإننا ندعو السلطات الاتحادية وسلطات إقليم كردستان إلى تحمل مسؤولياتها الدستورية والقانونية في حماية الفضاء المدني وضمان سيادة القانون بما يعزز الثقة ويصون الحقوق والحريات الأساسية.