لا يزال مشروع المستشفى الأسترالي في محافظة ديالى يراوح مكانه منذ سنوات، برغم كونه من أبرز المشاريع الصحية الإستراتيجية التي يُعول عليها في تحسين الواقع الصحي المتدهور في المحافظة، لكنه بعد مرور أكثر من 15 عاما على انطلاق العمل فيه، لم تتجاوز نسبة الإنجاز حاجز الـ 50 في المائة، الامر الذي أثار موجة من الانتقادات والمطالبات بالتحقيق في أسباب التلكؤ.
وبينما تشير الجهات الرسمية إلى وجود خلافات بين الشركة المنفذة ووزارة الصحة تتعلق بآليات التمويل والصرف، يتهم ناشطون جهات متنفذة بالفساد وسوء الإدارة وعرقلة المشاريع الخدمية، ما أدى إلى حرمان أهالي ديالى من خدمات طبية كانت من المفترض أن تُحدِث نقلة نوعية في مستوى الرعاية الصحية، خاصة في معالجة الأمراض الخطيرة كالأورام السرطانية.
منظومة فساد مترسخة
وقال الناشط من محافظة ديالى، محمد جاسم إن "الفساد الإداري والمالي، وسوء التخطيط، وهيمنة بعض الجهات النافذة على المشاريع الخدمية، تقف وراء تعطيل العديد من المشاريع الحيوية في المحافظة، وعلى رأسها مشاريع القطاع الصحي".
وأضاف محمد لـ "طريق الشعب"، أن "ما يحدث اليوم من تلكؤ واضح في تنفيذ مشاريع مثل المستشفى الأسترالي وغيره، ليس مجرد فشل إداري، بل هو نتيجة مباشرة لمنظومة فساد مترسخة تعيق كل جهد إصلاحي وتمس حياة المواطنين بشكل يومي". وأشار إلى أن "بعض المتنفذين يسيطرون على مفاصل القرار المحلي، ويتعاملون مع المشاريع الخدمية وكأنها صفقات خاصة، يتم تأخيرها أو التلاعب بها لأغراض سياسية أو اقتصادية ضيقة، على حساب معاناة الناس واحتياجاتهم الأساسية".
وشدد على أن "محافظة ديالى تحتاج إلى وقفة حقيقية، وإلى تحقيقات جادة ومعلنة حول مصير المشاريع المتلكئة، وتقديم كل من تورط بإهدار المال العام أو تعطيل المشاريع للمحاسبة القانونية، مهما كانت صفته".
صحة المحافظة تكشف أسباب التلكؤ
بدوره، كشف مسؤول إعلام دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، عن استمرار التلكؤ في إنجاز المستشفى لذي يحتوي 549 سريرا.
وأوضح العزاوي لـ "طريق الشعب"، أن "المشروع يعاني من تأخر كبير يعود إلى "خلافات بين الشركة المنفذة ووزارة الصحة"، مشيرا الى ان الشركة ترجع أسباب التلكؤ الى "عدم صرف المبالغ والسلف المالية اللازمة من قبل الوزارة بشكل منتظم، ما تسبب في توقفات متكررة وتعطيل كبير في وتيرة العمل".
وأشار الى ان دائرة صحة ديالى مهمتها الإشراف على العمل كمهندسين، متوقعا أن المستشفى ـ في حال انجازه ـ سيحدث نقلة نوعية في واقع الخدمات الصحية في المحافظة، إذ من المتوقع أن يخدم أكثر من 2500 منتسب، ويخفف العبء الكبير عن مستشفى بعقوبة العام الذي يعود تأسيسه إلى ستينيات القرن الماضي ويشهد زخما متزايدا.
وبيّن فارس أن المشروع يضم 6 طوابق وردهات للأطباء والطبيبات، إضافة إلى 13 صالة للعمليات ومختبرات، ما يجعله مستشفى متكاملا وكبيرا على مستوى المحافظة.
ولفت إلى أنه في حال إنجاز المشروع، سيغني عن معظم المستشفيات الحالية داخل القضاء، ليكون الواجهة الصحية الرئيسية لمحافظة ديالى.
ورغم زيارة رئيس الوزراء قبل نحو ستة أشهر وتوجيهه إنذارا للشركة الأسترالية المنفذة بسبب تباطؤ العمل، لا تزال وتيرة التنفيذ دون المستوى المطلوب.
مجلس المحافظة ينذر الشركة المنفذة
وأكد فارس أن المشروع يتطلب وجود ما لا يقل عن 250 عاملا في شفت الصباح، ومثلهم مساءً، للإسراع في الإنجاز، بينما لا يتجاوز عدد العاملين حاليا اكثر من 60 إلى 70 عاملاً فقط.
وأضاف، أن رئيس مجلس المحافظة قام قبل يومين بزيارة ميدانية إلى الموقع، وأصدر إنذارا للشركة لمدة أسبوعين، على أن يعاود الزيارة لمتابعة مدى تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء.
وختم فارس حديثه بالتأكيد على أن "أهالي ديالى بأمس الحاجة إلى هذا المشروع الكبير الذي سيسهم في تخفيف الزخم الكبير على مستشفى بعقوبة العام، ويقدم خدمة صحية تليق بسكان المحافظة".
أما عضو مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، فيشير الى أن نسب الإنجاز في المشروع "لا تزال متدنية للغاية"، محذرا من أن استمرار هذا التلكؤ "ينذر بتداعيات سلبية خطرة على الواقع الصحي في المحافظة".
وقال الكروي لـ "طريق الشعب"، أن "المراكز الملحقة بالمستشفى صممت خصيصا لمعالجة أمراض معقدة وخطرة، منها الأورام السرطانية، ما يجعل من المشروع ركيزة أساسية في تحسين الخدمات الطبية وتقليل العبء عن مستشفيات بعقوبة ومدن ديالى الأخرى.
وأضاف أن المجلس المحلي وجه دعوات رسمية إلى رئاسة الوزراء ووزارة الصحة بضرورة فتح تحقيق شامل للوقوف على الأسباب الحقيقية خلف التأخير المزمن، مبينًا أن المشروع الذي كان من المفترض أن يُنجز في عام 2028، ما يزال لم يتجاوز الـ50 في المائة من الإنجاز.