يرى مراقبون أن التهديدات الصهيونية الأخيرة تجاه العراق تحمل إشارات واضحة لرغبتها في تصعيد الصراع الإقليمي، مستهدفة تحويل العراق إلى ساحة إضافية لهذا التصعيد، فيما دعوا إلى ضرورة تعامل الحكومة العراقية مع هذه التهديدات بجدية من خلال تعزيز الصف الداخلي واعتماد استراتيجية شاملة تجمع بين الدبلوماسية والعمل الأمني الميداني.
الموقف الرسمي
ووجّهت وزارة الخارجية العراقية رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، رداً على تهديدات الكيان الإسرائيلي بالاعتداء على العراق.
وأكدت الوزارة في رسائلها أن "العراق يُعدّ ركيزة للاستقرار في محيطه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن "رسالة الكيان الإسرائيلي إلى مجلس الأمن تمثل جزءاً من سياسة ممنهجة لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة".
وشددت الوزارة على أن لجوء العراق إلى مجلس الأمن يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والامن الدوليين، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة ولبنان، وإلزام الكيان الإسرائيلي بوقف العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات.
وأوضحت الوزارة، أن العراق كان حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار، مؤكدةً أهمية تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية، التي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي.
وأكدت الرسائل ايضاً أن العراق يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لإيقاف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
ضرورة التعامل بجدية
ويحذر المحلل السياسي علي البيدر من خطورة التهديدات التي تواجه العراق، مشددًا على ضرورة التعامل معها بجدية وعلى مستويات متعددة، سياسية وأمنية.
ويضيف البيدر في حديثه لـ "طريق الشعب"، أن "الدبلوماسية وحدها ليست كافية لحماية العراق"، مؤكدًا "أهمية اتخاذ خطوات عملية لتعزيز الأمن والتصدي لمحاولات استهداف البلاد".
ويرى البيدر، أن "العراق بحاجة إلى موقف رسمي يعكس التناقض مع الادعاءات التي تبرر الاعتداءات"، مشيرًا إلى "ضرورة اتخاذ مواقف سياسية وأمنية أكثر عمقًا بما يسهم في تقليل شرعية التهديدات الخارجية"، معتبرا أن مثل هذا التحرك يمكن أن يضعف دوافع الأعداء في استهداف البلاد.
ويؤكد البيدر، ضرورة بذل المزيد من الجهود على الأرض لمنع التصعيد واتخاذ الإجراءات الأمنية الفاعلة التي تفند مزاعم الإسرائيليين وتمنع تبرير الهجمات، لافتاً الى وجود مساع لتوسيع دائرة الصراع.
ويشير البيدر الى ان التحركات الحالية تظهر رغبة واضحة في تصعيد غير مسبوق، مبينا أن الصهاينة كانوا يفضلون العمل في الظل دون إعلان نواياهم، لكن اسلوبهم تغير الان، وهذا التلويح يدل على رغبته في توسيع رقعة الصراع، وجعل العراق ساحة رئيسية له، لافتا الى احتمالية تنفيذ عمليات أوسع وأكثر خطورة، قد لا تقتصر على مناطق محددة، بل قد تمتد لتشمل مناطق أوسع، مما يزيد من التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد.
وفي ظل هذه التحذيرات، أكد البيدر أن "العراق بحاجة إلى استراتيجية شاملة تجمع بين الدبلوماسية والعمل الأمني الميداني. ورغم أن الحوار السياسي والتحركات الدبلوماسية تعتبر خطوة إيجابية، إلا أنها، بحسب البيدر، لا تكفي وحدها لحماية البلاد. "الدبلوماسية أفضل من الصمت، لكنها ليست كافية. يجب أن يمتلك العراق أدوات حقيقية لحمايته" يعتقد البيدر.
خطوات دبلوماسية حاسمة
بدوره، يقول المحلل السياسي محمد زنكنة لـ "طريق الشعب"، أن العراق يمكنه تجنب الاعتداءات الإسرائيلية عبر اتخاذ خطوات دبلوماسية حاسمة وإظهار موقف رسمي واضح يفصل بين تصرفات الجهات المسلحة وبين سياسات الحكومة العراقية.
ويوصي زنكنة بأن تُعلن الحكومة أن أنشطة هذه المجاميع لا تمثلها، وأن تؤكد تضامنها مع الشعب الفلسطيني، مع إمكانية القيام بدور إنساني في تخفيف الحصار عن الفلسطينيين.
ويعتقد زنكنة، أن "الدبلوماسية هي الخيار الأمثل لتجنب الحرب والدمار، خاصة في ظل تهديدات إسرائيلية جدية استهدفت العراق"، ويؤكد أهمية استغلال العلاقات الإيجابية مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل ومنع أية هجمات محتملة، مع التشديد على أن أية تصريحات أو أفعال هجومية لا علاقة لها بالحكومة العراقية، وأن الموقف الرسمي بشأن الحرب والسلام هو من صلاحية القائد العام للقوات المسلحة.
أما بشأن دعم العراق لفلسطين ولبنان، فيرى زنكنة إمكانية القيام بأدوار دبلوماسية والانضمام إلى مبادرات أو خطط لوقف الحرب في غزة ولبنان، أو فرض هدنة إنسانية لتوصيل المساعدات للمدنيين.
منظومة دفاع أمني
فيما يؤكد الخبير الامني عدنان الكناني، ضرورة توحيد الصف الداخلي كأولوية لمواجهة التحديات الخارجية، داعيا الى تقوية القواسم المشتركة بين الأطياف المختلفة في المجتمع العراقي.
ويجد الكناني، ان هناك حاجة لإنشاء منظومة دفاع جوي فعالة لحماية الأجواء العراقية، مشيرًا إلى أن "سيادة البلاد تتعرض للإساءة بشكل متكرر، بسبب غياب هذه المنظومة".