اخر الاخبار

يتعرض قضاء الجبايش في محافظة ذي قار جنوب العراق، إلى جفاف قاسٍ نتيجة لقلة الواردات المائية والتغير المناخي العام الذي تشهده البلاد، ما تسبب بجفاف شبه تمام لاهوار المنطقة ونزوح كبير لسكانها الى المناطق المجاورة، باحثين عن مياه تروي عطشهم. 

وقضاء الجبايش هو أحد اقضية محافظة ذي قار يقع شرق مدينة الناصرية شمال غرب محافظة البصرة، ويقع مركز الجبايش على هور الحمار قرب نهر الفرات، ويبلغ عدد سكان القضاء حوالي 150 الف نسمة.

العوائل تنزح؟!

وبدأت العوائل في قضاء الجبايش النزوح نحو المحافظات التي تملك منسوب مياه يكفي لسد الحاجة اليومية على أقل تقدير، كون الوضع المائي في القضاء وصل الى مرحلة حرجة جداً، بحسب قائمقام قضاء الجبايش، كفاح شناوة.

يقول شناوة لـ”طريق الشعب”، إن “منسوب المياه في نهر الفرات وصل الى ما يقارب 50 سم، وهي نسبة خطرة جداً”.  ويضيف شناوة قائلاً إن “في الوقت الراهن، يتم خلط مياه نهر الفرات مع مياه خط الإصلاح القادم عبر قناة البدعة من نهر دجلة، ونقلها للمنازل”، مؤكدا ان هذه الخطة “ساهمت بإنقاذهم في الوقت الراهن”.  ويحذر شناوة من ان ترك الوضع الحالي مستمرا على ما هو عليه: “سنكون امام كارثة بيئية”، مؤكدا ضرورة زيادة الاطلاقات المائية، كون الامر بات يرتبط بحياة الناس وليس فقط المزروعات او الحيوانات.

ويعتبر ان بقاء السكان في المنطقة وتحديدا مربي الحيوانات كالجاموس يعني الحكم على قطيعهم بالموت، اضافة الى ان الجفاف ساهم في زيادة نسب البطالة، بعد أن اصبح غالبية السكان بلا عمل.

يشار إلى أن دائرة الموارد المائية في محافظة ذي قار، أعدت تقريراً فنياً بشأن مشكلة انخفاض منسوب المياه في قضاء الجبايش، وعرضته على الجهات المعنية لغرض ايجاد الحلول السريعة، حفاظاً على الاهوار والسكان المحليين.

صراع اقتصادي

ويبدي رئيس منظمة الجبايش للسياحة والبيئة رعد حبيب، وهو من سكان المنطقة، سفه لما يطال الجبايش من واقع مؤلم جراء ما تتعرض له اهوارها من جفافٍ، الذي يعزوه لـ”قلة الإيرادات المائية وكثرة التجاوزات المائية على نهر الفرات”.

يقول حبيب لـ”طريق الشعب”، إن “الهجرة السكانية من المنطقة أصبحت امراً طبيعياً معتادا عليه. وكان للجفاف تأثير كبير على سكان الاهوار اكثر من غيرهم كونهم يعتاشون عليها”.

ويشير حبيب الى ان العديد من الأهوار كانت تلعب دوراً مهماً في مواجهة التغيّرات المناخية.

وفقدت الأهوار قيمتها البيئية والاقتصادية مع فقدانها المياه، إذ سكانها صاروا يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة.

وبالرغم من كون الأهوار تشكل هوية وطنية، إلا أنها لم تشهد أي مشروع تنمية أو استثمار حقيقي يواجه المخاطر التي تعيشها، بحسب حبيب.

ويؤكد أن “قضاء الجبايش يشهد كارثةً بيئية خطرة، كون الهجرة تسبب خللا كبيرا في المحافظة، حيث هناك تنافس كبير على المهن في المدينة، إضافة إلى خلل أمني واقتصادي وآخر فكري”.

مياه غير صحية

“ونزح اغلب سكان منطقة الجبايش الى محافظة كربلاء والنجف وبابل وواسط، باحثين عن مياه ولو بنسبة بسيطة، يستطيعون السكن بجوارها”، وفقا للخبير في الشأن الاهواري جاسم الأسدي، الذي يعمل في منظمة طبيعة العراق بمحافظة ذي قار.

يقول لاسدي لـ”طريق الشعب”، إن وضع الاهوار “سيئ ومعقد، حيث ما تتعرض له الجبايش لا يشبه ما تعرضت له في الأعوام السابقة، حيث الجفاف الحالي مضى عليه ثلاثة أعوام”.

ويضيف أن “مناسيب نهر الفرات بالقرب من الاهوار انخفضت الى 55 سم بعد ان كانت مترا و16 سم في العام الماضي”، متوقعا ان يصل حتى نهاية الشهر المقبل الى 30 سم. وهو اقسى انخفاض تصله مناطق الاهوار، منذ عشرين عاماً.

ويتابع حديثه قائلا: إن الوضع سيئ ليس من ناحية انخفاض المنسوب فقط، انما حتى في جودة المياه المتوفرة، اذ ما تبقى ملوث بشكل كبير، بسبب رمي مياه الصرف الصحي دون معالجة، إضافة الى ارتفاع نسب الملوحة.

ويشير الأسدي الى ان مربي الجاموس في منطقة الجبايش فقدوا ما يقارب 32 في المائة من قطيعهم، كما أن المخزون السمكي انعدم بنسبة تصل الى 90 في المائة. 

ويحمّل الأسدي دول الجوار والحكومة العراقية مسؤولية ما تتعرض له الأهوار من كوارث بيئية؛ فالمياه تتناقص لأسباب عديدة، مشيرا الى ان الوضع الحالي يتطلب سرعة تشكيل لجنة لإدارة تداعيات الجفاف.

ويقترح الاسدي بعض الحلول التي يجدها “فعالة لانعاش الاهوار”، من بينها “الاستفادة من مياه المبازل، وإعادة تنقية مياه الصرف الصحي، وضخها في الأهوار”.

عرض مقالات: