تعاني محافظة كركوك نقصا حادا في التجهيزات الدوائية لدى المستشفيات والمراكز الحكومية، ما يجعل المريض يتحمل أعباء تكلفة شرائه من الصيدليات الخارجية لقاء مبالغ كبيرة.

وتلحق بشح التجهيزات الدوائية في المحافظة، عيوب ورداءة في تصنيع الدواء، الأمر الذي تعزوه كوادر صحية الى غياب الرقابة الحقيقية من الجهات المعنية.

رصد مخالفات عديدة

وكشفت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة يوم 11 أيار من العام الجاري، عن وجود مخالفات وتلاعب في تجهيز أدوية إلى دائرة صحَّة كركوك من قبل الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبيـة (كيماديا) التابعة للوزارة.

وبحسب البيان الصادر عن الدائرة، فإن مكتب تحقيق الهيئة في كركوك ضبط أوليات تجهيز دائرة الصحة في المُحافظة بكميَّـةٍ من مادة (امبول فولتارين) بلغت (598,750) امبول، للأعوام (2020 و2021 و2022) بسعرٍ إجمالي وصل إلى (134,718,750) مليون دينار، وتمَّ توزيع (433,136) امبول على المستشفيات والقطاعات الصحيَّة التابعة للدائرة، فيما تم إيقاف توزيع الكميَّة المُتبقّية البالغة (165,614) امبول بعد ظهور تغييراتٍ فيزيائية عليها، بناءً على توجيهٍ صادر عن وزارة الصحَّة - دائرة الأمور الفنية، لحين صدور قرارٍ بإتلافها أو استرجاعها.

وأضاف البيان، أنه «تم رصد قيام شركة «كيماديا» بتزويد دائرة الصحة بكمية (104,100) من مادة Piaster) Zinc) بلاستر لاصق بسعرٍ إجمالي بلغ (159,801,600) مليون دينار، تم توزيع جزء منها بين المُستشفيات والدوائر الصحيَّة في المُحافظة، لافتا إلى ضبط أوليَّاتها، بعد ظهور عيوب تصنيعية؛ بسبب رداءة المادة المُجهّزة وصعوبة فتحها ولصقها». وتابع «تم رصد نقصٍ في كميات مادة امبول (CLEXANE) تحت الجلد المجهزة إلى مستشفى داقوق العام من قبل دائرة صحّة كركوك التي بدورها تسلَّمت (868) علبة تحتوي كلُّ واحدةٍ منها، على امبولتين من الشركة العامة لتسويق الأدوية والمُستلزمات الطبيَّـة».

الأدوية غير متوفرة

يتوارد أحمد السيد بين فترات قريبة إلى مستشفى كركوك، لإجراء عملية غسل الكلى، والى جانب معاناته مع مرضه تلقي مشكلة شراء الأدوية والعلاجات هما أكبر على عاتقه.

يقول السيد لمراسل «طريق الشعب»، إنّ «الأطباء وبقية الكادر الطبي جيد في تعامله وحرصه، لكن في بعض الاحيان تكون حقن الدم المطلوبة لما بعد عملية الغسل، مفقودة، وتفقد أبر الكالسيوم بشكل تام، إضافة الى نقص في العديد من العلاجات الأخرى».

ويضيف ان «الادوية غير المتوفرة في المراكز الحكومية، اضطر الى شرائها من الخارج بسعر مضاعف عمّا لو كان متوفرا في المراكز».

يشار الى ان مستشفى كركوك يحوي 34 جهازا لغسل الكلى، ويجري اسبوعيا نحو 370 عملية.

غياب الرقابة

رسل حميد، التي تعمل في مركز صحي حكومي في محافظة كركوك، تقول لمراسل «طريق الشعب»: ان «تجارة الأدوية في البلاد أصبحت من أكثر أنواع التجارات المربحة، لاسيما مع عدم وجود رقابة صارمة تتابع أسعار الأدوية وأنواعها وتواريخ صلاحياتها»، مشيرة إلى ان ذلك أدى إلى نشاط تجارة الأدوية التي اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها، والتي تحقق أرباحاً كبيرة».

وبالحديث عمّا تعانيه المراكز الطبية في المحافظة، تؤكد وجود نقصا «حادا» في الدواء بشكل عام، مبينة انه منذ شهر أيار العام الماضي، لم تصل أية حقائب إسعافات أولية الى مدارس المحافظة.  وتكشف أيضا عن وجود نقص في الأدوية والأجهزة المخصصة لعلاج مرضى السرطان، مضيفة أن صحة كركوك طالبت الجهات المعنية بمد يد العون من اجل توفيرها، كون مراكز علاج مرضى السرطان بكركوك تردها أعدادٌ أكثر بكثير من بقية محافظات البلاد. وتقر حميد بوجود منظمات دولية، تسعى بالوقت الحالي لتعويض النقص الحاصل في الأدوية، ولو بشكل بسيط، مثل الأدوية النسائية ووسائل تنظيم الأسرة.

أغلبها لا يعمل!

ويمتلك العراق 20 معملا دوائيا، لكن أكثر من نصف العدد متوقف، وما يعمل منها عاجز عن سد حاجة السوق العراقي من الدواء، ويعتمد بشكل أساسي على ما يستورد من الدواء، الذي يعتبر باهظ الثمن على المواطن العراقي. ويقر نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي، بوجود 20 معملاً لإنتاج الأدوية في العراق، مستدركاً أن نصف هذه المعامل لا يعمل، لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالبيئة الاستثمارية في البلاد.

ويؤكد الهيتي في حديثه مع «طريق الشعب»، ان «الصناعة الدوائية التي تنتج في البلاد لا تتجاوز 10 معامل من العدد الموجود».

وكان مجلس الوزراء قرر عدم استيراد ما يقارب 23 مادة دوائية، بحسب الهيتي، الذي أشار الى ان «هذه الحماية لم تطبق الا بشكل جزئي على بعض المواد، بسبب عدم وجود دراسات فعلية وحقيقية عن حجم الاستهلاك لهذه المواد في الاسواق العراقية».

عرض مقالات: