اخر الاخبار

أضعفت المحاصصة وآفة الفساد القانون وعمل مؤسسات الدولة، وبالتالي فان العمل الرقابي على تنفيذ المشاريع يكون غير مجد، الأمر الذي يجعل المواطنين يتحملون عبئا كبيرا، في ظل سوء الخدمات التي يتلقونها من طرف الحكومة.

ففي محافظة الديوانية، يتعرض العديد من المقاولين إلى محاولات ابتزاز، تضعهم أمام خيارين: أما التنازل عن نسبة من مبلغ العقد لصالح جهات ضاغطة، أو دفع رشوة كبيرة لصالح تلك الأطراف، الأمر الذي هؤلاء المقاولين شركاء في صفقات الفساد.

المحاصصة وتأثيراتها

ولا تشمل عملية المحاصصة تقاسم المناصب فحسب، بل أن هذه الظاهرة أخضعت حتى المناطق والمحافظات لضغوطات الأحزاب المتنفذة ومكاتبها الاقتصادية التي تحميها أجنحتها المسلحة، وبالتالي فان أية مشاريع خدمية او استثمارية تعمل عليها الحكومات المحلية في المحافظات، لا بد من ن تحظى بمباركتها أولا.

ويتحدث مسؤول سابق في مجلس محافظ الديوانية عن المحاصصة وتداعياتها، قائلا: إنها “تسببت بتهميش وبإقصاء العديد من الكفاءات والعقول، كما أفرزت أعمال عنف هددت السلم الأهلي”، مشيرا إلى انه في ظل تلك الأجواء “أصبحت الإدارات غير قادرة على العمل وفق القانون، فظهر ابتزاز المقاولين بفضل المحاصصة، التي خلقت هيمنة لبعض الجهات وجعلتها تتمدد إلى مختلف المناصب الرسمية في الوزارات والوكالات والهيئات”.

ويقول المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته في حديث خصّ به “طريق الشعب”، ان “هذه الأحزاب تملك حرية التصرف بالمقدرات المالية والآليات السياسية والتدخل في عمل الوزارات والمحافظات”.

ويضيف ان “90 بالمائة من واردات الأحزاب يجري تمويلها من تلك الأعمال المشبوهة تحت يافطة الكوميشنات والابتزاز”، مشيرا إلى ان غالبية الأحزاب تعمل على وضع الشركات والمقاولين تحت سيطرتهم، وتمنحهم مقاولات مشروطة”.

ويبين، أن المتعارف عليه بين تلك الأحزاب المتنفذة أن تأخذ نسبة من مبالغ العقود المبرمة، تتراوح بين 10 – 20 بالمائة.

وينبه إلى أن ذلك جعل العمل يتراجع تدريجيا وينحدر إلى الأسوأ، يوما بعد يوم.

هدر المال العام

وبالحديث عن تداعيات السلبية التي يخلقها ابتزاز المقاولين، يشير المسؤول الى انه “يخلق ارتفاعا بأسعار سقف الكشف التخميني، فاذا كان بحدود العشرين مليار دينار يرتفع ليصبح 22 مليار دينار أو أكثر، ما يسبب ضياعا وهدرا للمال العام، وفي بعض الأحيان يبقى السعر ذاته، شرط دفع “كومشن” من قبل المقاول إلى الجهة التي تسند اليه العمل، والتي تضمن له عدم المحاسبة على أعمال التنفيذ وتوقيتات الانجاز، الذي ينتهي بالعادة الى عدم مطابقته للمواصفات الموضوعة في شروط التعاقد.

فساد متجذر

يقول احمد سعد، صاحب شركة في محافظة الديوانية، ان “أحد الأحزاب المتنفذة (لم يسمه) يسيطر على مفاصل المحافظة، وبسبب انتشر الفساد بصورة مشرعنة”.

ويضيف في حديث مع “طريق الشعب”، ان أي مشروع لم يحَل على الشركة الراغبة في العمل من دون دفع نسبة الـ10 في المائة من كلفة المشروع مقدما.

ويشير احمد إلى ان “الفساد أصبح آفة نخرت البنى التحتية للمحافظة”، مبينا أن هناك 20 مقاولا فقط من أبناء المحافظة، والبقية من خارجها”.

والى جانب ذلك، تعمل تلك الجهة الحزبية، طبقا لحديث أحمد، على بيع المناصب الحكومية في المحافظة.

وقدّم احمد رفقة مجموعة من المقاولين شكوى الى هيئة النزاهة بهذا الشأن، لكنهم لم يتلقوا أية استجابة على ذلك.

وأشار إلى ان جميع مشاريع الصحة والتعليم والبلدية وحتى مشروع مجاري الديوانية الذي لم ينجز منذ عشر سنوات، طالتها شبهات فساد كثيرة، مردفا أن ظاهرة الابتزاز أخذت تتراجع في الآونة الأخيرة، على أثر تنحية المحافظ السابق.

إجراءات المحافظة

يقول محافظ الديوانية ميثم الشهد في تصريح صدر يوم 4 نيسان الجاري، “نعلن البراءة من اي شخص يحاول ابتزاز المقاولين والاتفاق معهم على نسب لقاء إحالة اي مشروع”، لافتاً الى ان “هذا القرار جاء في ظل الاقبال على إحالة مجموعة من المشاريع التي سوف تنتشل المدينة من واقعها المزري”، حسب تعبيره.

واكد الشهد ان “مشاريع المحافظة سوف تحال الى من يمتلك الكفاءة الفنية والمالية التي تؤهله لتنفيذها وبأسرع وقت واعلى جودة، واي شخص يلجأ إلى الطرق الملتوية سوف يتعرض إلى المساءلة القانونية”، لافتاً الى ان “الشركات والمقاولين كانوا يتعرضون الى اخذ نسبة عند احالة المشاريع عليهم من قبل مسؤولين سابقين في الحكومة المحلية”.

يذكر أن العديد من الشركات والمقاولين في محافظة ديالى، يتعرضون إلى عمليات ابتزاز وتهديد من قبل الجماعات المسلحة، من اجل الحصول على المال لدعم عملياتهم باستهداف المدنيين والقوات الأمنية.

عرض مقالات: