منذ بداية تفشي جائحة كورونا قبل عامين، وما أعقبه من إجراءات حكومية طال ضررها العديد من المشاريع، الى جانب تقييد القدرة الشرائية للمواطنين، يواجه العمال في القطاع الخاص تسريحا قسريا، في ظل غياب تطبيق قانون الضمان الاجتماعي.
كورونا تلاحق قوت العاملين
يقول وسام حامد، عامل في محل لبيع الألبسة في منطقة الشورجة وسط بغداد: أن “صاحب العمل قلص عدد العاملين من 18 الى 7 عمال فقط، إثر تراجع حركة البيع بفعل أزمة كورونا”.
وبدأت هذه القرارات التعسفية تلوح العمّال منذ شهر حزيران 2020 بعد ان بدأت الحياة العملية بالعودة تدريجياً، حيث سبقها حظر للتجوال بسبب تفشي الجائحة.
ولسنوات عديدة، كان حامد يعمل في سوق الشورجة، ويتنقل من مكان إلى آخر من دون ان تكون لديه معرفة بقانون الضمان الاجتماعي.
ويؤكد أن أقرانه من العمال “لا يعرفون شيئا عن القانون أيضا”، ما جعلهم عرضة للاستغلال من قبل ارباب العمل.
ويشير العامل الى أن ارتفاع سعر صرف الدولار قبل اكثر من عام، أثر كثيرا في حركة السوق.
الخاسر الأكبر
وفي السياق، يقول نائب الأمين العام في الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، عدنان الصفار، في حديث خصّ به “طريق الشعب”: إن “العاملين في القطاع الخاص، الذين نسبتهم غير قليلة، عادة هم محرومون من مشاريع الضمان الاجتماعي التابعة للدولة”، مؤكداً أن “اوضاعهم الاقتصادية لا تسمح لهم بضمان أنفسهم على نفقتهم الخاصة”.
ويضيف الصفار في تصريح لـ”طريق الشعب”، “حذرنا سابقاً من مغبة استمرار السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتشغيلية الخاطئة التي تنتهجها المؤسسات ذات العلاقة، ومنها القطاع الخاص الذي تعرض لضرر كبير طوال السنوات السابقة، نتيجة للاستيراد العشوائي المفتوح، وعدم دعم الصناعة الوطنية، وعدم تقديم المساعدة في استيراد المواد الاولية والمتطورة تكنولوجياً”، مؤكدا أن ذلك “أدى إلى اغلاق ما لا يقل عن 30 الف معمل ومنشأة تابعة للقطاع الخاص”.
ويشير إلى أن “جائحة كورونا كانت عاملا إضافيا، ساهم في غلق هذه المؤسسات، لكن الخاسر الأكبر هو القوى العاملة، التي شهدت حملات تسريح كيفي، وإنهاء خدمات الكثير منهم بإعذار وحجج مختلفة”.
تغييب الضامن القانوني
ويتابع الصفار، أن “حملات التسريح التي شهدها القطاع الخاص هي نتيجة الوضع غير الطبيعي، بالإضافة الى عدم التزام اغلب رواد القطاع بقانوني العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي، اللذين يحدان من عملية التسريح ويضعانها تحت طائلة المساءلة القانونية”.
ويؤشر الصفار “ضعفا لدى لجان التفتيش، ما يشكل خللا في مراقبة هذا القطاع المتعدد الاطراف والمواقع”.
ويفيد بأن عدد المفتشين لا يتجاوز 110 مفتش.
ويزيد الصفار أن “العمالة الاجنبية غير الرسمية أخذت تتزايد يوما بعد آخر بأعداد وصلت الى مليون عامل، اغلبهم لا يمتلكون اختصاصات عملية أو مهنية، بينما يتعرضون لاستغلال مادي وجسدي”.
تسريح قسري
وقال وكيل وزارة العمل للشؤون الإدارية والقانونية، علاء السكيني، إن “العامين الماضيين شهدا تسريح آلاف العمال بشكل قسري من مشاريع القطاع الخاص والشركات الاستثمارية والأمنية في بغداد والمحافظات”، لافتا إلى أن “اللجان التفتيشية سجلت الجزء الأكبر من عمليات التسريح القسري، والجزء الثاني تم من خلال تقديم العمال شكاوى مباشرة للوزارة لتسريحهم من دون سابق إنذار، وعدم منحهم حقوقهم المالية، أو استبدالهم بالعمالة الأجنبية”.
وأضاف السكيني، أن “عدداً كبيراً من العمال في القطاع الخاص غير مضمونين، مما سهل عملية التسريح من قبل أرباب تلك المشاريع والشركات”، موضحا أن “بعض تلك المشاريع استبدلت العمالة الوطنية بعمال من جنسيات أجنبية وعربية، لاسيما في المطاعم والفنادق والمشاريع الاستثمارية”.
وبين السكيني أن “الوزارة تسعى لشمول جميع العمال بقانون الضمان الاجتماعي في ظل الإقبال على العمل في القطاع الخاص وانعدام الفرص في التعيين الحكومي، ولتشجيع العاطلين على إنشاء مشاريعهم الخاصة التي يمكنها الحد من نسبة البطالة”.
ولفت إلى أن “الوزارة تلزم جميع الشركات الاستثمارية بتشغيل 50 في المائة من العمالة الوطنية، لاسيما أصحاب الشهادات والخبرة والحرفيين في مختلف القطاعات، وممن يمتلكون شهادات تدريبية من قبل الوزارة”
الانتهاكات مرهونة بالفساد
وقال الخبير الاقتصادي حسين مجبل ان “العمالة الوطنية غير محمية، والقوانين النافذة غير مطبقة، ودائما ما يتهرب أرباب العمل من تطبيق القوانين الضامنة لحقوق العمل”، مبينا ان “الفساد المستشري في دوائر الضمان الاجتماعي يشكل المعيق الأول أمام استحصال العمال لحقوقهم”.
وتابع أن “العديد من القائمين على تنفيذ القوانين يتغاضون عن تطبيقها من خلال تواطؤهم مع أرباب العمل”، مؤكدا ان “حقوق العامل منتهكة بسبب الفساد المستشري في المؤسسات، التي تعمل على ضمان حقوق العمال”.