تحوّل احتفاء مديرية تربية واسط، بتكريم 33 ألف طالب ممن حصلوا على الإعفاء العام، إلى مناسبة أثارت موجة من الاستياء الشعبي، بعد أن فشل الحفل الجماهيري، الذي أقيم السبت الماضي على أرض ملعب الكوت الأولمبي، في تلبية الحد الأدنى من التوقعات، وسط اتهامات بـ"الخداع" وسوء التنظيم، وصولا إلى وصفه بـ"المهزلة الانتخابية".
ورغم الحضور الجماهيري الواسع، الذي ضم آلاف العائلات القادمة من مختلف مناطق المحافظة، فقد شهد الحفل الذي اسمته مديرية التربية "كرنفالا"، فوضى كبيرة وضعفاً في التنظيم، ومشكلات تقنية في الصوت إلى جانب غياب برنامج فعلي للتكريم، ما تسبب في خيبة أمل للطلبة وأولياء أمورهم.
ووفقا لأحد الحاضرين، فإن "الحفل لم يكن أكثر من عرض للتطبيل والتلميع. حيث تم التركيز على المدائح والخطابات الموجهة للمسؤولين، مقابل تكريم عدد محدود من الطلبة، وتجاهل الغالبية، رغم الإعلان المسبق عن تكريمهم جميعاً بشهادات تقدير".
ووثقت شهادات أخرى اضطرار عائلات فقيرة لاقتراض المال من أجل تأمين أجور نقل لحضور الحفل، أملاً في تكريم أبنائها، لتعود في النهاية "مكسورة الخاطر" – حسب ما ذكرته إحدى الأمهات. فيما عبّر كثيرون عن إحباطهم مما اعتبروه محاولة مكشوفة لتوظيف الحفل في خدمة "الماكينة الانتخابية"، مشيرين إلى أن ما جرى يُظهر استخفافاً بمعاناة الناس وآمالهم.
كما ان مراسم التكريم اقتصرت على أبناء الشهداء، خلافاً لما تم الترويج له مسبقاً، ما اعتبره البعض تضليلاً متعمداً، في وقت طالب فيه عدد من المواطنين بأن تتم الاحتفاءات المستقبلية في المدارس نفسها، بعيداً عن الاستعراضات الجماهيرية التي "تستهلك الجهد والمال دون أثر فعلي".
تصريح التربية ينافي الواقع!
وبينما تكشف شهادات مواطنين كثيرين، إضافة إلى صور وثقتها وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل، عن الفوضى التي شهدها الحفل، وعن مدى استغلال المناسبة لصالح الجهد الانتخابي، تحاول مديرية التربية في بيان صحفي، إظهار صورة مُغايرة، بتأكيدها الاحتفاء بإعفاء 33 ألف طالب وطالبة متفوقين، وإشادتها بدعم الحكومة المحلية الطلبة والعملية التربوية والتعليمية، ورعايتها "الكريمة" الحفل.
ولم تتناس التربية في بيانها، إبراز وعود الحكومة المحلية بمواصلة دعمها العملية التربوية والتعليمية، في حين لا يزال هناك نقص في المباني المدرسية والمناهج والمستلزمات، وتدهور في البناء التحتي لكثير من المدارس، ناهيك عن ترهل أساليب التعليم واستمرار الدوامات المزدوجة والثلاثية، وكل ما يدفع الأهالي لنقل أبنائهم إلى مدارس أهلية – على حد ما أفاد به المواطن محمد علي شهاب، في حديث لـ"طريق الشعب".
عائلات مخدوعة!
من جانبها، تروي المواطنة برافدا علي لـ"طريق الشعب"، مشاهداتها الحية لوقائع الحفل.
وتقول: "ذهبتُ إلى حفل تكريم المتفوقين، الذي أقيم السبت الماضي على ملعب الكوت الأولمبي، بعد إلحاح شديد من ابنة أخي المتفوقة بالإعفاء العام"، وتضيف أن "الملعب اكتظ بالعائلات المخدوعة! إذ لا البرنامج برنامج ولا الاحتفالية احتفالية ولا التكريم تكريم"!
وتضيف برافدا قولها أن "كل ما حصل هو فوضى وسط سوء تنظيم وضعف في الصوت، بحضور جمهور يتجاوز عدده 30 ألف شخص"، مضيفة: "انتظرنا طويلاً كي تُنظم فقرات فنية أو ترفيهية، حتى جيء بالفنان هاشم سلمان صاحب الألعاب البهلوانية، وفي الحقيقة لم نر من بهلوانياته وخدعه شيئا، لعله تفرغ للمديح والتمجيد"!
وتتابع قائلة: "تشارك مع هاشم سلمان، عريف الحفل والمنشد، ليكوّنوا معا مجموعة تمتهن التمجيد، وفق مبدأ سفرة ممدودة ولنأكل والرزق على الله"!
وتزيد برافدها على قولها: "إلى جانبي كانت تجلس احدى المسكينات، جاءت بابنها على أمل أن يحصل على هدية، كما أوهموها. ولأن ظروفها المالية صعبة، اضطرت إلى اقتراض مبلغ أجرة السيارة، وفي النهاية عادت إلى منزلها مكسورة الخاطر!".
وتنوّه إلى انه "تم تكريم أبناء الشهداء فقط، ولم يتم تكريم بقية الطلبة. إذ ترك رعاة الحفل مهمة تكريم هؤلاء لمدراء مدارسهم"، مضيفة القول: "كان من المفترض تكريمهم من البداية في مدارسهم، بدلا من كسر خواطرهم. فالحفل جاء خلاف ما نُشر في إعلانه المسبق، من حيث تكريم جميع الطلبة المتفوقين، بشهادات تقدير".
وتؤكد برافدا أن "احباطا شديدا اصاب الجميع، لما حصل اليوم من مهزلة وضحك على الذقون. ويبدو ان الماكينة الانتخابية هذه المرة كبيرة، والخداع أكبر. وما يؤسف له حقا، هو المواطن، الذي دائما ما يكون ضحية لخداع المخادعين، فيذهب تحت تأثير ما يشبه (التنويم المغناطيسي) لينتخب المجرّب"!
هذا ويتساءل كثيرون: ما ضرّ مديرية التربية لو انها أفرحت المتفوقين بمنحهم جميعهم شهادات تقدير؟!
علما ان سعر الشهادة في المكتبات بحدود ألف وخمسمائة دينار!