في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العمال في القطاع الخاص، تبرز قضية الضمان الاجتماعي كأحد الحقوق الأساسية التي تضمن لهم الأمان الوظيفي والمعيشي. إلا أن شكاوى متكررة تكشف عن محاولات بعض أصحاب العمل في القطاع الخاص، التهرب من تطبيق قانون الضمان الإجباري، مما يؤدي إلى حرمان العمال من حقوقهم الأساسية.
وفي هذا السياق، يكشف العامل في إحدى شركات القطاع الخاص، أحمد إبراهيم، عن تعرض حقوقه لانتهاك واضح، خاصة بعد أن رفض صاحب الشركة شموله بالضمان الاجتماعي الإجباري للعمال، وأرغمه على التسجيل في الضمان الاختياري. هذا الإجراء حرم العامل من العديد من الامتيازات التي يكفلها قانون الضمان الاجتماعي الإجباري، مثل الحماية من الإصابات المهنية، وتوفير التقاعد، والتأمين الصحي.
ويوضح أحمد خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، أن إجباره على هذا الخيار يضعه في موقف صعب، حيث يعامله القانون كأنه يعمل لحسابه الخاص، رغم أنه موظف تحت إدارة صاحب العمل. وأكد على أن هذا النهج ليس حالة فردية، بل يعكس ظاهرة متزايدة في بعض شركات القطاع الخاص التي تحاول التهرب من مسؤولياتها تجاه العمال، مما يشكل تحديا حقيقيا لجهود تحسين ظروف العمل وتحقيق بعض من العدالة الاجتماعية.
دعوات للتدخل
ودعا أحمد الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى التدخل الفوري لضمان تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين من ارباب العمل. كما طالب النقابات العمالية بتكثيف جهودها لحماية حقوق العاملين في القطاع الخاص وضمان شمولهم بالضمان الاجتماعي الإجباري بما يتماشى مع التشريعات النافذة.
بدوره أكد حسن جميل الشمري، رئيس الاتحاد الوطني العام لنقابات عمال العراق، على أن الضمان الاختياري الذي أُقر بموجب القانون رقم 18 لسنة 2023، يهدف إلى شمول العاملين في القطاع غير المنظم، مثل الباعة المتجولين وأصحاب الأعمال الفردية. ومع ذلك، فأن بعض أصحاب العمل في القطاع المنظم، كالشركات والمحلات التجارية، يستغلون هذا النوع من الضمان للتهرب من الالتزام بشمول العمال بالضمان الإجباري، الذي يكفله القانون. وأوضح الشمري لـ"طريق الشعب" أن الضمان الإجباري يوفر للعامل مزايا مهمة مثل التقاعد، والترقية، والتأمين الصحي، في حين أن الضمان الاختياري يحرم العامل من بعض هذه الامتيازات.
وأكد أن إجبار العامل المنظم على الانضمام إلى الضمان الاختياري بدلا من الإجباري يُعد انتهاكا صريحا للقانون، يستوجب محاسبة صاحب العمل عليه وتحويله إلى محكمة العمل.
خطوات لمواجهة التجاوزات
ودعا الشمري جميع العمال المتضررين إلى التقدم بشكاوى إلى الاتحاد أو وزارة العمل، مشيرا إلى توفر قنوات اتصال ومقرات لاستقبال الشكاوى ومتابعتها قانونيا. كما شدد على أهمية اتخاذ إجراءات رادعة للحد من هذه التجاوزات، وضمان حماية حقوق العمال وفقا للتشريعات النافذة. واختتم الشمري تصريحه بتأكيد التزام الاتحاد بمساندة العمال، داعيا إلى تعزيز الوعي بحقوقهم وضمان تطبيق القوانين التي تحقق العدالة الاجتماعية في بيئات العمل.
من جهته أكد كريم لفتة سندال، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية العراق، لـ "طريق الشعب" على أن الضمان الاختياري يهدف إلى توفير الحماية للعمال، لكنه أشار إلى وجود تجاوزات من قبل أصحاب العمل في تطبيقه، خاصة في قطاع الشركات والمعامل.
وأوضح أن العديد من أصحاب العمل يلجؤون إلى تسجيل عدد محدود من العمال، غالبا من الأقارب، ضمن الضمان الاجتماعي، بينما يتم تجاهل تسجيل بقية العاملين، تهربا من دفع نسب الاشتراك التي تصل إلى 17 بالمائة وقد ترتفع إلى 20 بالمائة.
واشار الى أن العمال الذين يُجبرون على الانضمام إلى الضمان الاختياري بدلا من الضمان الإجباري يخسرون العديد من الامتيازات، مثل احتساب سنوات الخدمة بشكل كامل، والتقاعد، والتأمين الصحي. وأضاف أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع اتحادات العمال، عليها دور أساسي في الرقابة على أصحاب العمل وضمان تطبيق القانون. وأشار إلى أن العمال المنظمين في الشركات، في حال تسجيلهم ضمن الضمان الاختياري، قد يواجهون صعوبات في الاستفادة من حقوقهم الكاملة، مثل إضافة سنوات الخدمة السابقة، بما في ذلك الخدمة العسكرية، إلى سجلهم التقاعدي.
ضرورة الرقابة المشددة
ودعا سندال إلى تكثيف الجهود الرقابية من قبل وزارة العمل واتحادات العمال، لضمان شمول جميع العمال بالضمان الإجباري وتجنب التجاوزات التي تؤدي إلى انتهاك حقوق العمال، مؤكدا على استعداد الاتحاد لتلقي الشكاوى ومتابعتها قانونيا لتحقيق العدالة للعاملين في مختلف قطاعات العمل.