اخر الاخبار

أعاد مشهد استقبال رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، وفداً من شركة أمريكية متخصصة بتكنولوجيا الشبكات والاتصالات، قصة اللغط والصراع الخفي بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات حول رخصة "الإنترنت الفضائي".

وفي إطار تهافت العديد من دول المنطقة على التعاقد مع شركات أمريكية متخصصة بمختلف المجالات، استهوى هذا الجو رئيس الوزراء الذي استقبل يوم أمس وفداً من شركة سبيس أكس (ستارلينك) الأمريكية المتخصصة بتكنولوجيا الشبكات والمعلومات والاتصالات، متجاهلا اعتراض هيئة الإعلام على وزارة الاتصالات التي حاولت ترخيص الإنترنت الفضائي، قبل عامين، لكن السلطة القضائية تعاطت مع طعن الهيئة وجمحت رغبة الوزارة.

ويستغرب مراقبون من قفز السوداني على قرار المحكمة الاتحادية العليا، وعلى الخلاف بين الوزارة والهيئة، في لقائه الشركة الامريكية، التي لا تزال أجهزتها تتسلل الى السوق العراقية بطريقة غير شرعية، مشيرين الى ان ذلك يندرج في اطار الاستعراض الإعلامي.

وفي حينها، قال عضو لجنة الاتصالات النيابية زهير الفتلاوي ان طلب وزارة الاتصالات تشغيل الإنترنت الفضائي رفض بسبب اعتراض هيئة الإعلام والاتصالات على ذلك، موضحًا أن "الأقمار الصناعية التي تقدم هذه الخدمة تغطي سماء العراق بغض النظر عن وجود رخصة من عدمها".

وأكد الفتلاوي أن "إدخال أجهزة ستارلينك التي تلتقط هذه الخدمة يتم عن طريق منافذ حدودية"، مؤكدًا أن "وزارة الاتصالات ليست لديها السلطة في منع دخول هذه الأجهزة، بل ان ذلك من مسؤولية هيئة الإعلام والاتصالات وسلطات المنافذ الحدودية والأجهزة الأمنية".

ويُبث الإنترنت الفضائي من الأقمار الصناعية في الفضاء، ويوفر تغطية عالمية، تسمح بالاتصال بالإنترنت من أي موقع في الكرة الأرضية. وتعتبر شركة "ستارلينك" الشركة الأبرز والرائدة في توفير وتطوير الإنترنت الفضائي، وهي تحاول توفيره في كل الدول.

ورغم عدم تفعيل خدماتها في دول عديدة من بينها العراق، يستطيع المستخدمون الاشتراك بخدماتها عبر عدة طرق مستفيدين من أقمار الشركة المنتشرة حول أغلب دول العالم.

تسلل "ستارلينك" الى السوق العراقية

لكن قرار القضاء لم يمنع أجهزة (ستارلينك) من التسلل الى العراق، بعد أن وفّرتها السوق السوداء بأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر الجهاز الواحد إلى ١٦٠٠ دولار، إذ يتم شحنها عن طريق DHL، وتدخل البلاد عبر بعض المطارات والمنافذ الحدودية، ليجري توزيعها بين المحافظات.

أحد تجار الأجهزة الإلكترونية قال لـ"طريق الشعب"، في وقت سابق، ان السلطات في الحدود كانت قد صادرت أكثر من شحنة من تلك الأجهزة، مشيرا إلى أن أحد التجار تعرض لمساومة من قبل تلك السلطات: السماح بإدخالها مقابل 1000 دولار عن الجهاز الواحد، لكن رفض التاجر قاد الى مصادرتها، بحسب قوله. 

وأضاف التاجر، أن هذه الصفقات تديرها شخصيات متنفذة، تحرص على بقاء تلك الأجهزة في السوق العراقية.

تُدار من برلين!

أما مهندس الاتصالات محمد كاظم فيقول: إن "عملية السيطرة على الإنترنت الفضائي في الوضع العراقي مستحيلة، ومن الأفضل ترخيصه بدل تركه خارج سلطة المؤسسات الرقابية"، مشيرًا إلى أن "الدول التي تمتاز باتباع الإجراءات الأمنية الأشد صرامة لم تتمكن من منع انتشاره".

ويضيف كاظم في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "الأجهزة متوفرة في العراق حاليًا، ويمكن استخدامها من خلال الاستعانة بأجهزة ستارلينك المصنوعة في اليابان والصين وهذه الأجهزة تدخل عبر مواقع متعددة في العراق"، مبينًا أن "ما يمنع انتشارها حاليًا هو أسعارها المرتفعة، وفي حال انخفضت سيكون من الصعب السيطرة عليها وبالتالي سيكون للأمر انعكاسات سلبية أمنية واقتصادية".

ويشير إلى أن "المواقع الحالية للمستخدمين في العراق تظهر أماكن وجودهم عند تعقبهم، في برلين. كما أن هذا النوع من الإنترنت يمكن من إدارة الطائرات المسيرة وغيرها من القضايا المهددة للأمن"، موضحًا أن "الدولة ستخسر موردًا اقتصاديًا في حال عدم ترخيص هذا الإنترنت؛ فالفواتير والأموال تخرج الآن من العراق، وسترتفع معدلات الاشتراك في الأيام القادمة في حال استمرار خدمة الإنترنت السيئة المقدمة من قبل شركات الاتصال الحالية".

توجيه بتسهيل عمل الشركة

وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، قال في بيان امس أن “رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، استقبل وفداً من شركة سبيس أكس (ستارلينك) الأمريكية المتخصصة بتكنولوجيا الشبكات والمعلومات والاتصالات، حيث جرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون في مجال الاتصالات والخدمات التي تقدّمها الشركة، ومناطق تغطيتها”.

ووجّه رئيس الوزراء، بحسب البيان “الجهات المعنية بدراسة سبل تسهيل عمل شركة سبيس اكس (ستارلينك) والإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة”، مبدياً “ترحيبه بشركات التكنولوجيا الكبرى، خاصةً الأمريكية للعمل في العراق وإمكانية تعاونها مع القطاع الخاص العراقي، وضمن رؤية الحكومة في إجراءات التحوّل الرقمي”.

من جانبه، أكد وفد الشركة “الاستعداد للعمل في العراق وتقديم الخدمات والتعاون في السوق العراقية، مبيناً أن “خدمات ستارلينك ستساهم في التحوّل الرقمي وتطبيقاته لمؤسسات القطاعين العام والخاص، وتطوير الاتصالات وتحقيق الازدهار الاقتصادي في إطار التعاون الثنائي بين العراق والولايات المتحدة”.