اخر الاخبار

رغم إعلان الحكومة عن تحقيقها تقدماً في ملف الإصلاح الاقتصادي، من خلال تعظيم الموارد غير النفطية وزيادة العوائد الجمركية وتراجع التضخم، إلا أن مختصين في الشأن الاقتصادي يرون أن هذه الخطوات لا تزال محدودة ولا ترقى إلى مستوى التحديات البنيوية التي يواجهها الاقتصاد العراقي، الذي يبقى رهين الاعتماد المفرط على النفط، ويفتقر إلى سياسات تنموية مستدامة، لا تعكس تحوّلاً حقيقياً في بنية الاقتصاد الريعي القائم على النفط.

ويُشكّك مختصون في جدوى هذه المعالجات ما لم تترافق مع رؤية طويلة الأمد تضمن تنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاع الخاص، والحد من الفساد والبيروقراطية التي لا تزال تُعيق أي إصلاح اقتصادي فعلي. التقرير التالي يرصد ما أعلنته الحكومة من جهة، ويعرض وجهات النظر النقدية من جهة أخرى.

اصلاحات وهيكلة اقتصادية

وأكد رئيس مجلس الوزراء الوزراء محمد شياع السوداني، في كلمة له خلال مؤتمر ملتقى السليمانية الدولي التاسع، أن حكومته تمكنت من تعظيم الموارد غير النفطية عبر زيادة العوائد الجمركية، وتراجع نسبة التضخم في البلاد.

وقال السوداني، إن التحديات الاقتصادية قد استلزمت من الحكومة عملا متواصلا في أكثر من مجال، ونستطيع أن ندعي أنها إصلاحات هيكلية في الكثير من القطاعات بدءا من إصلاح القطاع المصرفي كمقدمة لتهيئة أسباب العمل والازدهار أمام القطاع الخاص، والارتقاء بالبيئة الاستثمارية الجاذبة للشركات والخبرات الاجنبية.

وأردف، أن حكومته استهدفت كسر حلقة مزمنة من الفساد، وسوء ادارة الثروات الوطنية نحو مزيد من دمج العراق في الاقتصاد العالمي.

وأشار السوداني الى أن العوائد الجمركية قد ازدادت بنسبة 128 في المائة وتراجعت معدلات التضخم السنوية الى 2,7 في المائة بعدما كانت بمقدار الضعف قبل سنتين فقط.

نجاحات محدودة مؤقتة

وتعقيبا على كلام رئيس الحكومة، يرى أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي أن الواقع الاقتصادي في العراق "ما يزال يعاني من تعقيدات هيكلية عميقة، على الرغم من إعلان الحكومة عن تحسّن في الإيرادات غير النفطية وتراجع معدلات التضخم".

وبيّن أن “المؤشرات الحكومية تحمل بعض الدقة من حيث الأرقام، خاصة ما يتعلق بزيادة التحصيل الجمركي والضريبي خلال العام الماضي، إلا أن هذا النجاح يظل محدوداً ومبنيّاً على إجراءات آنية قصيرة الأمد”.

وأشار السعدي في حديث لـ"طريق الشعب"، إلى أن “الاقتصاد العراقي لا يزال ريعياً بامتياز، إذ تعتمد الموازنة العامة على النفط بأكثر من 85%، ما يجعله هشاً أمام أي تغيّر في أسعار السوق العالمية”. وأضاف أن “الانخفاض في معدلات التضخم لا يعكس بالضرورة تحسناً في النمو، بقدر ما يُظهر تراجعاً في القدرة الشرائية للمواطن، وهو ما يشير إلى حالة من الركود الاقتصادي، لا الانتعاش”.

وانتقد السعدي أداء الحكومة في تحفيز القطاع الخاص، قائلاً إن “الإنفاق الحكومي لا يزال موجهاً في معظمه للنفقات التشغيلية، من رواتب ودعم، دون أن يُوظف في مشاريع إنتاجية أو تنموية تُسهم في خلق فرص عمل وتخفيض نسب البطالة”.

وختم بالقول: “ما تحقق حتى الآن لا يتجاوز كونه خطوات أولية في الاتجاه الصحيح، لكنها لا ترقى إلى حجم التحديات. العراق بحاجة إلى مشروع اقتصادي وطني طويل الأمد، يقوم على تنويع مصادر الدخل، وتحفيز القطاع الخاص، وإصلاح النظام الضريبي، وتغيير نمط إدارة المال العام نحو التنمية المستدامة”

اصلاحات غير كافية

أما الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه، فقد ربط انخفاض أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن، بمشروع السلة الغذائية والتوسع في شبكات الهايبر ماركت، إلى جانب تحسّن نسبي في إيرادات التعرفة الجمركية.

وحذر عبد ربه في حديث لـ"طريق الشعب"، من “الخطر الحقيقي الذي يواجه الحكومة، والمتمثل في انخفاض أسعار النفط مؤخراً”، مشدداً على ضرورة “إعداد خطة عاجلة لتفادي تداعيات هذا الانخفاض على الاقتصاد الوطني”.

وتابع: “رغم الحديث عن تنويع الموارد، إلا أن النفط لا يزال مهيمناً على معظم المشاريع”، داعياً إلى “تنشيط الصناعة النفطية والسعي لتقليل استيراد الغاز”.