اخر الاخبار

بدأ البغداديون يفتقدون رؤية الكثير من الأرصفة في غالبية مناطق بغداد، الى جانب الشوارع العامة، بسبب انتشار البسطيات عليها، الى جانب استغلالها من قبل المواطنين وتحويلها الى مشاريع، او ضمها لمنازلهم، وربما تحويلها الى مرائب لوقوف السيارات.

ويبرر مواطنون تلك الظاهرة بسبب انتشار البطالة بين الشباب، وارتفاع معدلات الفقر، ما دفع العديد منهم إلى اللجوء لهذا النوع من العمل، لتأمين قوتهم اليومي.

وعادة ما تدشن الجهات المعنية حملة إزالة لتلك التجاوزات وتهدد المخالفين بفرض غرامات، لكن الظاهرة بحسب مختصين ترتبط بعدة عوامل، أبرزها اقتصادية.

البنية التحتية للأسواق غير منظمة

ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش أن "العراق يعاني من غياب بنية تحتية اقتصادية ملائمة لتنظيم الأسواق منذ تسعينيات القرن الماضي، مما تسبب في تفاقم العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية".

ويضيف حنتوش لـ "طريق الشعب"، أنه "منذ التسعينات، لم يشهد العراق تطوير أسواق شعبية جديدة، أو إنشاء علاوي حديثة، أو مناطق تجارية متخصصة، وحتى المخازن المناسبة غير متوفرة، على الرغم من الزيادة السكانية الكبيرة".

ويشير إلى أن "هذا النقص دفع المواطنين إلى اللجوء إلى الانتشار العشوائي لممارسة أعمالهم التجارية، خصوصًا قرب الأسواق القديمة والمناطق المكتظة بالسكان، الأمر الذي تسبب في زحام خانق وفوضى تنظيمية أثرت سلبًا على حركة التجارة والحياة اليومية". ويذكر الخبير، أن الحل الأمثل يكمن في "إنشاء أسواق شعبية وأسواق جملة ومناطق تجارية جديدة، فضلًا عن بناء علاوي حديثة، مع نقل جزء من الأعمال العشوائية إلى تلك المناطق المنظمة"، معتبرا أن "عدم وجود حلول حقيقية لهذا الملف يفاقم مشكلة البطالة، ويؤدي إلى تراجع فرص العمل وانتشار الظواهر السلبية كالسّرقة وتعاطي المخدرات".

وشدد حنتوش بالقول إن "الطريق الصحيح نحو تطوير السوق العراقي يبدأ ببناء بنية تحتية متكاملة للأسواق، ما يسهم في تنظيم النشاط الاقتصادي وتقليل البطالة، وبالتالي الحد من المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالفقر وغياب فرص العمل".

وتزداد معاناة المشاة في شوارع بغداد، حيث باتت الأرصفة مستباحة من قبل أصحاب المحال والمطاعم، فضلاً عن استخدامها كمواقف للسيارات، ما يجبر المواطنين، وخاصة الأطفال، على السير بين المركبات، معرضين حياتهم للخطر.

"نفتقد الأرصفة"

تقول زينب عبد الرحمن، مواطنة من بغداد: "كلما خرجنا نعيش في حالة ترقب، إذ صارت الأرصفة مفقودة، ومُحتلة بالتجاوزات، ما يدفعنا للنزول إلى الشارع".

وتضيف زينب في حديث لمراسل "طريق الشعب": "لم تتوقف التجاوزات عند المحال، بل امتدت إلى بعض المنازل التي أزالت حدائقها لبناء غرف إضافية، ما أفقد الأحياء جمالها"، مستدركة بالقول "كما تتراكم النفايات بسبب البسطيات مسببة تلوثا للبيئة، فيما تعرض الأرصفة الممددة تحتها شبكات الكهرباء والماء للتلف، ما يزيد معاناة المواطنين". وتطالب زينب أمانة بغداد بوضع حد لهذه الظاهرة، وفرض عقوبات صارمة، مع توفير أماكن بديلة لأصحاب البسطيات، وإطلاق حملات توعية للحفاظ على الأرصفة، لضمان سلامة المشاة وتحسين صورة المدينة.

إعاقة حركة السير

من جانب آخر، يقول الأكاديمي حسن ناصر إن "رغم الاستغلال السلبي للأرصفة الذي يعرض الأطفال لخطر الدهس أثناء اضطرارهم للسير بجوار المركبات، ويتسبب في إعاقة حركة السير وحدوث اختناقات مرورية، إلا أن أصحاب البسطيات مضطرون للجوء إلى هذه المخالفات لكسب لقمة العيش بالحلال".

ويضيف ناصر لمراسل "طريق الشعب"، قائلا: ان "الحكومة تعتقد أنها تضع حلولاً عبر إزالة البسطيات والمخالفات، لكن في الحقيقة، هي تقوم بتحميل هؤلاء البسطاء عبئاً اقتصادياً كبيراً، خاصة وأنهم لجأوا إلى هذه الطريقة لكسب المال بدلاً من اللجوء إلى طرق سيئة، مثل السرقة، أو تعاطي المخدرات، أو العزوف عن المسؤولية، وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي تفاقمت بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة".

ولفت إلى وجود الآلاف من الخريجين وأصحاب الشهادات لديهم بسطيات في منطقة العلاوي، والباب الشرقي، وبقية المناطق المكتظة في بغداد.

ووفقا لتقرير نشرته دائرة البحوث والدراسات النيابية/ قسم البحوث، اطلعت عليه "طريق الشعب"، فقد بلغ معدل البطالة في العراق لعام 2021 16,5 في المائة، والذي يمثل النسبة المئوية للقوى العاملة العاطلة عن العمل، اي ان هناك عاطلا بين كل خمسة اشخاص تقريبا في سوق العمل. اما وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فقد اشارت خلال العام الماضي إلى ان هناك أكثر من مليون شاب عاطل عن العمل من خريجي وزارتي التعليم العالي والتربية، قاموا بالبحث عن عمل في موقع الوزارة.

ويقوم بعض الناس بتحويل الرصيف إلى كراج للسيارات، مقابل 3 آلاف دينار.

وكانت مفارز مديرية المرور العامة باشرت بالاشتراك مع جميع الجهات الساندة ومنها قيادة عمليات بغداد والتشكيلات الأمنية الأخرى، وبالتنسيق مع أمانة بغداد، حملة غلق جميع الكراجات المخالفة للضوابط ومحاسبة الأشخاص الذين يستغلون الأرصفة مقابل مبالغ مالية".

ويقول مسؤول إعلام أمانة بغداد، عدي الجنديل، أن "تسعيرة وقوف السيارات في الكراجات الرسمية التابعة لأمانة بغداد حُددت بمبلغ 3000 دينار للمركبة الواحدة"، مشيرًا إلى أن هذه التسعيرة ثابتة ولا يجوز تجاوزها.

وأضاف في حديث لـ"طريق الشعب"، أن هناك عدة كراجات تابعة لأمانة بغداد موزعة في جانبي الكرخ والرصافة، لافتًا إلى وجود خطة لإنشاء 10 كراجات جديدة متعددة الطوابق، بواقع 5 في الكرخ و5 في الرصافة، بهدف استيعاب الأعداد المتزايدة من السيارات.

عرض مقالات: