يواجه القطاع السياحي في العراق تحديات كبيرة تعرقل تقدمه، رغم امتلاك البلاد مقومات سياحية غنية تشمل المواقع التاريخية والأثرية والدينية. وعلى الرغم من الجهود الحكومية الأخيرة لتنشيط السياحة، فإن الفساد الإداري، وضعف البنية التحتية، وسوء الإدارة، تبقى من أبرز العقبات التي تعيق تطوير هذا القطاع الحيوي.
وأكدت نائبة رئيس لجنة الثقافة والسياحة والإعلام النيابية، سميعة الغلاب، أن تراجع عائدات السياحة في العراق يعود بشكل رئيس إلى الفساد الإداري والمالي، مشيرة إلى أن السياحة كانت في السابق مصدرًا هامًا للإيرادات، لكنها أصبحت خاسرة في السنتين الأخيرتين بسبب سوء الإدارة، مضيفة أن رئيس هيئة السياحة السابق تم إعفاؤه ولكنه بقي مستشارًا في نفس الهيئة.
تحديات تعيق تقدمه
وفي السياق، أكد عضو لجنة الثقافة والسياحة والإعلام النيابية، النائب عارف الحمامي، أن القطاع السياحي في العراق يواجه العديد من التحديات التي تعيق تقدمه، مشيرًا إلى أن أبرز هذه التحديات هو "الارتباك الإداري الحاصل في معظم مؤسسات الدولة، والذي أثر سلبًا على تقدم التنمية في البلاد".
وقال الحمامي لـ "طريق الشعب"، أن الفساد يعد من العقبات الأخرى التي تعرقل النمو في هذا القطاع الحيوي.
وأوضح، أن لجنة الثقافة والسياحة والإعلام تتابع هذه الملفات عن كثب، وقد عقدت العديد من اللقاءات مع كوادر وزارة الثقافة والسياحة والآثار، بالإضافة إلى مستشار رئيس الوزراء للشؤون السياحية، بهدف إيجاد حلول لهذه القضايا والتعاون من أجل تطوير القطاع السياحي في العراق وتحقيق التنمية المستدامة.
تشجيع الاستثمارات السياحية
يقول وليد الزبيدي، رئيس الملتقى السياحي، أن "العراق شهد إهمالًا كبيرًا في القطاع السياحي خلال السنوات الماضية بعد تغيير النظام في عام 2003، حيث تأثر القطاع بشكل ملحوظ على مدى عقدين من الزمن".
وقال الزبيدي لـ "طريق الشعب"، إن "السياحة في العراق كانت تعاني من إهمال حقيقي وعشوائية في العديد من مجالاتها، بما في ذلك الشركات السياحية، الفنادق، المواقع الأثرية، والمناطق السياحية".
وأضاف، أن هذا الإهمال أدى إلى تراجع القطاع السياحي إلى درجة أنه أصبح شبه ميت في البلاد
وأشار الزبيدي، إلى أن "العراق كان يمتلك إمكانيات كبيرة لجذب السياح بفضل موقعه التاريخي والأثري، فضلاً عن السياحة الدينية والترفيهية"، لافتا إلى أن الحكومات المتعاقبة على العراق لم تولِ هذا القطاع اهتمامًا كبيرًا، ولم يكن هناك تخطيط أو استراتيجيات مستقبلية لتطويره.
وأردف الزبيدي كلامه بأن "الوضع بدأ يتحسن في السنتين الأخيرتين، خاصة مع وجود الحكومة الحالية وتوجيهات رئيس الوزراء. هناك توجه واضح نحو تنشيط القطاع السياحي من خلال اهتمام أكبر بتطوير البنية التحتية، وتنظيم النشاطات السياحية، وتشجيع الاستثمارات السياحية.
وتحدث الزبيدي عن خطوة مهمة تمت مؤخرًا، حيث تم إدراج بغداد في التنافس على لقب “عاصمة السياحة العربية” لعام 2025، حيث يعول من خلال هذا الحدث على تطوير المواقع السياحية في العراق وتعزيز مكانة البلاد على المستوى الدولي.
وبيّن، أن "القطاع السياحي في العراق بحاجة إلى تطوير، بما في ذلك تأهيل المواقع السياحية، وتطوير البنية التحتية، وزيادة الاستثمارات السياحية"، مؤكدا ضرورة أن "تستمر الحكومة في دعم هذا القطاع الحيوي من أجل تحقيق نهضة حقيقية في مجال السياحة".
ضعف البنية التحتية
من جانبه، ذكر محمد العبيدي، نقيب السياحيين في العراق، أن القطاع السياحي "يواجه تحديات كبيرة تعرقل تطوره، رغم امتلاك العراق مقومات سياحية متميزة تشمل المواقع التاريخية والأثرية والطبيعية والدينية".
وقال إن "المشاكل التي تعاني منها السياحة متعددة، تبدأ بضعف البنية التحتية، مرورًا بسوء الإدارة والتخطيط، وصولًا إلى الفساد الإداري والمالي، فضلًا عن التأثيرات السياسية والمحاصصة التي تعيق التعاون بين المؤسسات الحكومية".
وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، أنّ "العراق يفتقر إلى المرافق السياحية والخدمية الأساسية، مثل الفنادق الحديثة وشركات السياحة المتخصصة، إضافة إلى وسائل النقل المتطورة"، مشيرا إلى أن "ضعف شبكة الطرق والمواصلات، وتردي خدمات الاتصالات، بما في ذلك الإنترنت، يشكل عقبة كبيرة أمام تطور القطاع، مما يجعل تجربة السائح في العراق غير مريحة مقارنة بالدول المجاورة".
وأشار إلى أن السياحة "تعتمد على الإدارة والكفاءات البشرية المتخصصة، نظرًا لطبيعتها الخدمية التي تتطلب تعاملًا مباشرًا مع الزوار. إلا أن غياب التخصص السياحي في إدارة المؤسسات الحكومية، مثل وزارة الثقافة وهيئة السياحة، أدى إلى ضعف الأداء العام للقطاع، حيث تفتقر المؤسسات إلى خبراء أكاديميين ومهنيين في المجال السياحي، ما ينعكس سلبًا على مستوى الخدمات المقدمة".
وفيما يتعلق بالفساد، شدد العبيدي على أن الفساد الإداري أكثر خطورة من الفساد المالي، لأن الأموال يمكن تعويضها، لكن فقدان الخبرات والكفاءات يؤدي إلى انهيار الإدارة وضعف الخدمات، لافتا الى أن غياب الشخص المناسب في المكان المناسب أثّر بشكل مباشر على تطور القطاع، حيث تُشغل العديد من المناصب من قبل غير المتخصصين، مما يعطل اتخاذ القرارات الصحيحة ويعرقل تنفيذ المشاريع الحيوية.
أما عن الوضع السياسي، فأكد أن المحاصصة السياسية ألقت بظلالها على قطاع السياحة، حيث تعاني المؤسسات السياحية من ضعف التنسيق مع الوزارات الأخرى، مثل الإسكان والنقل والداخلية، موضحا أن السياحة لا يمكن أن تزدهر دون تكامل الجهود بين مختلف الجهات الحكومية، إلا أن التقاطعات السياسية تحول دون تحقيق هذا التعاون، ما يؤدي إلى تعطيل المشاريع وتأخير تقديم الخدمات الأساسية للسياح.
وواصل القول: إنّ العراق يمتلك إمكانيات هائلة ليكون وجهة سياحية متميزة، لكنه بحاجة إلى إرادة سياسية وإدارية قوية لتجاوز العقبات وتحقيق النمو المطلوب.
واختتم العبيدي حديثه تحديد خمسة عوامل للنهوض بالقطاع السياحي، تشمل: تحسين البنية التحتية، إعادة هيكلة المؤسسات السياحية، تعيين مختصين أكفاء لإدارتها، مكافحة الفساد الإداري عبر آليات رقابية صارمة، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية لضمان تقديم خدمات متكاملة تدعم هذا القطاع الحيوي.