اخر الاخبار

أُعلن في وقت سابق، عن تخصيص أموال لمشاريع تطوير 42 حياً في محافظة الديوانية، إلا أن عضو مجلس المحافظة، طارق البرقعاوي، وصف هذه المشاريع بأنها "كذبة كبرى" وخدعة لسرقة الأموال، حيث تم تنفيذ أعمال محدودة شملت 4 - 5 أحياء فقط من أصل 42 مشروعاً، قبل الادعاء بنفاد الأموال بعد ذلك.

البرقعاوي كشف في حديث له أن إحدى الجماعات المسلحة، تسلمت مشروع مجاري الديوانية الكبير، بعد ضغوط على رئيس الوزراء، مشيراً إلى أنها مدرجة ضمن قوائم الإرهاب العالمي، وتخطط لسرقة المليارات.

وقال أنه تلقى تهديدات مباشرة لكشفه الفساد، لكنه أكد استمراره في الدفاع عن حقوق المحافظة رغم التهديدات.

ورداً على هذه التهديدات، وجّه وزير الداخلية وقائد شرطة الديوانية بتشديد الإجراءات الأمنية لحماية البرقعاوي، رغم رفضه هذه التدابير. وكان رئيس الوزراء قد أصدر توجيهات في 19 كانون الثاني بتوفير التمويل اللازم لمشاريع الأحياء ومحطات الرفع ومجاري الديوانية، مؤكدًا ضرورة توافق المشاريع مع الأولويات الحكومية ومعالجة مشاكل المحافظة.

الإعمار: مشاريعنا تشهد تقدما

ويؤكد المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار، استمرار العمل في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والمجاري بمحافظة الديوانية، مع إحراز تقدم ملحوظ في بعض المشاريع المتلكئة منذ سنوات.

ويقول الصفار في حديث خصّ به "طريق الشعب"، إن "الوزارة تسعى جاهدة للإسراع في إنجاز هذه المشاريع بالتعاون مع المحافظة لتحسين الخدمات الأساسية التي تحتاجها المنطقة"، مضيفا أن مشروع مجاري الديوانية الكبير، يعد من المشاريع المتلكئة منذ عام 2011.

ويوضح، أن نسب الإنجاز تجاوزت 80 في المائة، وبطاقة تصميمية تصل إلى أكثر من 100 ألف متر مكعب، مشيرا الى أن المشروع يشكل خطوة كبيرة نحو تحسين خدمات الصرف الصحي في المحافظة.

ويفصّل الصفار الحديث عن مشاريع مهمة أخرى مثل مشروع مجاري الغماس، الذي سيعزز الواقع الخدمي في القضاء، بالإضافة إلى مشروع مجاري عفك، الذي يشهد تقدمًا مستمرًا، موضحا أن الوزارة تدرس حاليًا تصميم وتنفيذ شبكات جديدة لمياه الأمطار ومحطات الرفع في أقضية العناوية والسنية، ضمن خططها لتحسين البنية التحتية في المنطقة.

وفي قطاع المياه، يشير المتحدث إلى مشاريع حيوية تشمل خطوط نقل الماء لمدينة الديوانية، إلى جانب خطط لإنشاء مشاريع مياه جديدة في قضاء الحمزة وقضاء بدير، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب وتحسين الواقع الخدمي في هذه المناطق.

وعلى صعيد آخر، يجد المتحدث أن العمل مستمر في تأهيل 42 حيًا في مدينة الديوانية، بالتعاون مع الحكومة المحلية، مؤكدا أن الوزارة تعمل على معالجة بعض المشكلات البسيطة التي تعترض تنفيذ هذه المشاريع، مع التأكيد على تكثيف الجهود للإسراع في إنجازها.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية الأخرى، يكشف المتحدث عن وجود خطط لتطوير قطاع الطرق، إضافة إلى مشاريع المياه والكهرباء التي وصفها بأنها تمثل أولوية قصوى لسكان المحافظة، موضحا أنّ تنفيذ بعض المشاريع يتطلب مواد مستوردة، ما يشكل تحديًا في بعض الحالات، إلا أن الوزارة تعمل على تذليل العقبات بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان سير العمل وفق الخطط الزمنية المحددة.

ويختتم المتحدث بالتأكيد على التزام وزارة الإعمار والإسكان بتلبية احتياجات محافظة الديوانية وتوفير الخدمات الأساسية التي تسهم في تحسين حياة السكان وتعزيز التنمية المستدامة.

مشاريع الوزارات "عقيمة"

من جانبه، كشف مسؤول محلي في محافظة الديوانية، طلب عدم الكشف عن اسمه، عن معوقات كبيرة تواجه تنفيذ المشاريع الخدمية في المدينة، على الرغم من تخصيص مبلغ غير مسبوق يصل إلى 1.5 ترليون دينار عراقي من قبل مجلس الوزراء.

وقال المسؤول لـ"طريق الشعب"، أن أغلب هذه المشاريع أُحيلت إلى وزارات مختلفة، لكن التجربة مع المشاريع الوزارية وُصفت بـ"العقيمة"، مشيرًا إلى وجود عشرات المشاريع المتلكئة.

وأضاف المصدر، أن المشاريع الكبرى تشمل مجسرات، مشاريع المجاري، ومشاريع إعادة تأهيل الأحياء السكنية، إلا أن التنفيذ شهد مشاكل كثيرة، مشيرا الى انه "لدينا 10 مشاريع وزارية متلكئة، خمسة منها تحت إشراف وزارة الإسكان، وبعضها متوقف بسبب مشاكل فنية وإدارية".

وتحدث المسؤول عن مشروع تأهيل 42 حيًا سكنيًا في المدينة، الذي أُحيل إلى شركة كانت محل جدل واعتراض من البداية. وأكد أن النائب باسم الغرابي سبق أن أبلغ الوزارة بتحفظات حول الشركة، وأشار إلى وجود مشاكل سابقة لها في محافظة بابل، لكن وزارة الإسكان مضت في إحالة المشروع للشركة على الرغم من التحذيرات.

وزاد بالقول: "أن ما يُطلق عليه مشاريع 42 حيًا هي عبارة عن جداول كميات لبعض الأحياء في المدينة. الشركة باشرت العمل في 11 حيًا فقط، لكنها لم تنجز شيئًا يذكر بعد مرور عام، بل إن أعمال الحفر التي بدأتها زادت من معاناة السكان".

وأشار إلى أن تعثر الشركة الأولى تسبب في تأخير عمل شركة أخرى تُدعى "نور الأفق"، التي تواجه بدورها اتهامات بالتلكؤ.

وتابع المسؤول قائلاً: "المدينة تشهد حالة فوضى كبيرة في مجال الإعمار، حيث تتداخل المشاكل الفنية مع الفساد الذي أصبح أمرًا مسلَّمًا به في العراق، والجميع مشارك فيه إلا من رحم ربي".

وأكد المصدر، أن غياب الرقابة وضعف الإدارة يفاقمان المشاكل في المشاريع الخدمية، مما ينعكس سلبًا على حياة المواطنين، مطالبا بمراجعة العقود الموقعة مع الشركات المنفذة، وإجراء تحقيقات شاملة في شبهات الفساد لضمان تنفيذ المشاريع بشكل يحقق الفائدة للسكان.

وواصل الحديث، ان "الفساد والمحاصصة في المشاريع أصبحت امراً اعتيادياً في العراق، ويكاد لا يخلو أي مشروع منها".

الشركة الاسبانية

في ذات السياق، كشف مصطفى المياحي، مسؤول إعلام بلدية الديوانية، عن تفاصيل تعثر مشاريع تأهيل الأحياء السكنية في المدينة، مشيرًا إلى أن "وزارة الإعمار والإسكان أحالت تأهيل 42 حيًا إلى شركة تُعرف باسم “الشركة الإسبانية”، التي استلمت العمل منذ أكثر من عام.

وأضاف المياحي أن مدة إنجاز المشروع المحددة كانت 700 يوم، إلا أن الشركة لم تباشر العمل سوى بـ10 أحياء، تسعة منها لا تزال في مرحلة الحفريات، فيما لم يتجاوز العمل في الحي النموذجي المفترض (حي الجامعة) نسبة 80 في المائة، برغم أن موعد تسليمه كان مقررًا في 15  ايلول 2024.

وأشار المياحي لـ "طريق الشعب"، إلى أن "الأيام الأخيرة شهدت تصاعدًا في الاحتجاجات الشعبية ضد الشركة المنفذة، وسط مطالبات بإيقاف التعامل معها بسبب التلكؤ الواضح في أعمالها".

وتابع أن "المشاريع السابقة في المدينة التي نفذتها شركات أخرى، مثل شركتي "الرافدين" و"نور الأفق"، عانت أيضًا من مشاكل كبيرة، أبرزها مشروع المجاري الكبير الذي تسبب في تدمير البنية التحتية للمدينة".

وأكد المياحي، أن "التعاقد مع الشركة الإسبانية تم عبر وزارة الإعمار والإسكان، وبالتالي فإن الحكومة المحلية في الديوانية وأعضاء مجلس المحافظة يرفضون وجود هذه الشركة لكنهم لا يملكون السلطة القانونية لفسخ العقد".

وأوضح، أن "العقد المبرم بين الشركة والوزارة ينص على تنفيذ المشروع وفق الكميات وليس بالضرورة تأهيل كامل الأحياء المقررة، حيث تم تخصيص مبلغ 328 مليار دينار للتأهيل. ونتيجة لذلك، يمكن أن يتم العمل على 10 أحياء فقط ويتوقف بسبب نفاد الأموال".

كما أشار إلى وجود خروقات وشبهات فساد في المشروع، منها إفلاس الشركة عام 2019 في إسبانيا وسحب رخصتها، قبل أن تعود وتُسجل كشركة عاملة في العراق في نفس العام. ورغم ذلك، حصلت الشركة على مشاريع ضخمة في بغداد وبابل والديوانية، ومعظم أعمالها متوقفة ومتلكئة.

وزاد المياحي أن "العقد المبرم مع الشركة يتضمن شرطًا جزائيًا يثقل كاهل الجهات المحلية، إذ ستضطر الجهة التي تقرر فسخ العقد إلى دفع مبلغ قدره 68 مليار دينار، مما يجعل عملية فسخ العقد مع الشركة معقدة ومكلفة للغاية".

وكشف عن أن "الشركة، التي تحمل اسمًا إسبانيًا، لا تمت بصلة إلى إسبانيا من حيث الكفاءة أو المعايير المهنية، حيث تستخدم أدوات ومعدات بدائية في تنفيذ أعمالها، مثل براميل معدة للاستخدام المنزلي وإطارات السيارات المستهلكة، مما أثار استياء المواطنين والمسؤولين المحليين على حد سواء".

ودعا المياحي إلى تدخل حكومي مباشر لمعالجة الأزمة وإنهاء حالة التلكؤ التي تلقي بظلالها على الخدمات الأساسية والبنية التحتية في المدينة. وأكد أن استمرار الوضع الحالي سيزيد من تدهور أوضاع الأحياء المتضررة ويُفاقم من غضب المواطنين الذين يعانون يوميًا من سوء الخدمات.

واختتم المياحي حديثه بالتأكيد على ضرورة مراجعة العقود المبرمة مع الشركات ومحاسبة الجهات التي منحت عقودًا بهذا الحجم لشركات متعثرة وغير كفوءة، حفاظًا على المال العام وتحقيق العدالة للمواطنين.

عرض مقالات: