بدأت جامعة سامراء تطبيق إجراءات جديدة تهدف إلى منع الطالبات من استخدام مساحيق التجميل داخل الحرم الجامعي. هذه الإجراءات جاءت بعد تزايد الاحتجاجات على تعميم سابق أصدرته الجامعة، والذي يمنع الطالبات من التبرج، بحجة احترام "قدسية مدينة سامراء" والامتثال للعادات والتقاليد الاجتماعية.
وطبقا لتعميم رسمي، صدر يوم 31 كانون الأول 2024، طالبت إدارة الجامعة عمادات الكليات والأقسام، بمنع التبرج داخل الحرم الجامعي.
جامعة سامراء تنفي
وقال أستاذ في جامعة سامراء، م.م أنمار السامرائي، أن "الجامعة لا تواجه أي مشكلات أو قرارات منع تتعلق بموضوع بمنع المكياج"، مشددًا على أن الوضع في الجامعة طبيعي للغاية.
وأضاف السامرائي لـ "طريق الشعب"، أنه "لا توجد أي مشكلة بهذا الموضوع حاليًا، والجامعة تسير على ما يرام. المعلومات التي انتشرت حول وجود منع أو حذف هي غير صحيحة على الإطلاق. بيان رئاسة الجامعة أوضح الأمر، ولا يوجد أي منع أو قرارات مشابهة"
وأردف قوله: "قد تكون هناك ملاحظات محدودة يتم التعامل معها من باب التنويه فقط، لكن الوضع العام طبيعي جدًا ولا يستدعي القلق".
وأرفق السامرائي لمراسل "طريق الشعب"، نص البيان التوضيحي للجامعة الذي صدر يوم 5 كانون الثاني، الذي جاء فيه أن الجامعة تؤكد "التزامها الكامل باحترام التقاليد والأعراف الجامعية، بما يعكس بيئة تعليمية سليمة تعزز من القيم الأكاديمية والأخلاقية، حيث وجهت الجامعة بضرورة الالتزام بالحشمة وعدم المبالغة في التبرج، استجابةً لمناشدات متعددة وردت من المجتمع الجامعي بهدف وضع البيئة الجامعية في سياقها الصحيح، وبما يتماشى مع التقاليد السائدة في بلدنا العزيز".
وأضاف البيان، ان "توجيهات الجامعة هذه تأتي في إطار حرصها على تعزيز السلوكيات الإيجابية بين الطلبة والطالبات، وذلك بما يتماشى مع تعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي تسعى إلى ترصين العملية التعليمية وبناء مجتمع جامعي يتمتع بالقيم والأخلاق السليمة، كما وتهدف هذه التعليمات إلى توجيه الطلبة نحو احترام الأعراف والتقاليد، والابتعاد عن مظاهر اللباس غير المحتشم التي لا تنسجم مع بيئتنا الثقافية والاجتماعية".
وأكد، "ارتباط الجامعة الإداري والعلمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي حصرا، والتي تسعى بدورها جاهدة إلى تطوير العملية التعليمية وتحقيق أهدافها النبيلة، وإن الجامعة لا تتلقى أية إملاءات من جهات خارجية، وتعمل وفق رؤية وطنية قائمة على تقديم المعرفة والعلم بما يتناسب مع مكانة العراق التاريخية كمنبع للتاريخ والعلم والمعرفة".
وذكر عدد من الطلبة لمراسل "طريق الشعب"، فان موظفات الاستعلامات في مداخل الجامعة، أقدمن منذ مطلع الشهر الجاري على مراقبة وجوه الطالبات، وإزالة مساحيق التجميل عنها بواسطة "منديل مبلل".
وقال الطلبة، ان الموظفات قمن أيضا بتفتيش حقائب الطالبات ومصادرة مستحضرات التجميل منهن، قبل دخول الحرم الجامعي.
رئيس الجامعة يرد..
وقال رئيس جامعة سامراء الدكتور صباح علاوي، أن الجامعة لم تتعرض لأي طالبة أو تفرض عليها أي ضغوط بخصوص مظهرها الشخصي، مثل مطالبتها بإزالة المكياج، مشيراً إلى أن ما تم تداوله في هذا السياق لا يتعدى كونه إشاعات ومبالغات.
وأضاف علاوي لـ "طريق الشعب"، أن الجامعة تتبع التوجيهات الوزارية التي تمنع المبالغة في اللباس غير اللائق أو التبرج المفرط، بالإضافة إلى ارتداء الحلي بطريقة مبالغ فيها. واكد، أن "هذا التوجيه كان تربوياً ولم يكن يهدف إلى الحد من الحريات، بل كان بمثابة توجيه أبوي يحث الطلبة على التركيز على الجانب العلمي، بدلاً من الانشغال بالمظاهر التي قد تخلق انطباعاً غير لائق، يتعارض مع ثقافة وبيئة المجتمع العراقي"، مؤكدا أنّ هذا التوجيه هو قرار داخلي للجامعة، ولم يكن له أن يثير هذا الكم من الجدل لولا محاولات البعض تصوير الأمور بما يتناسب مع أهوائهم.
وشدد على أن الجامعات العراقية لا تخضع لأهواء إداراتها، بل تعمل في إطار التوجيهات الوزارية، وأن محاولة ربط هذه الإجراءات بتوجهات أو رغبات جهات معينة هي محض تصورات غير صحيحة.
قرار مخيب للآمال
من جانبه، وصف أيوب عبد الحسين، سكرتير اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، قرار منع التبرج الصادر عن رئاسة جامعة سامراء بأنه “مرفوض ومخيب للآمال”، مشيراً إلى أنه يمثل تعدياً واضحاً على الحريات الشخصية للطالبات.
وقال عبد الحسين لـ "طريق الشعب"، إن هذا القرار يعكس توجهاً أيديولوجياً متشدداً، يتنافى مع القيم التي يجب أن تقوم عليها المؤسسات الأكاديمية من احترام للتنوع والحريات الفردية.
وأضاف عبد الحسين، أن "اتحاد الطلبة العام يدين بشدة هذا القرار، إلى جانب قرارات مشابهة أصدرتها عدد من الجامعات مع بداية العام الدراسي"، معتبرا أن هذه الإجراءات تعد غريبة عن الأعراف الأكاديمية العراقية التي عُرفت بالاعتدال والوسطية، مشيراً إلى أنها محاولة لفرض نمط فكري واحد يتماشى مع توجهات القوى المتنفذة في السلطة، مما يهدد التنوع الثقافي والاجتماعي داخل المجتمع الجامعي.
وتابع عبد الحسين، أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة إجراءات وصفها بـ”الممنهجة”، وتستهدف الحريات الطلابية والأكاديمية، من بينها منع نشاط اتحاد الطلبة داخل الجامعات، وفصل الطلاب تعسفياً بسبب آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع إقامة الفعاليات الطلابية.
وزاد بالقول: "الآن، يمتد هذا القمع إلى التدخل في مظهر الطلبة ومظاهرهم، مما يزيد من القيود المفروضة داخل الحرم الجامعي".
وفي السياق، سلط عبد الحسين الضوء على ما وصفه بـ"الأزمة البنيوية" التي تعاني منها العملية التعليمية في العراق، مشيراً إلى تدهور البنية التحتية للجامعات، تقادم المناهج الدراسية، وعدم مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل. وأكد أن المسؤولين كان ينبغي عليهم توجيه جهودهم لمعالجة هذه الأزمات بدلاً من التركيز على مظهر الطلبة وزينتهم.
وأشار إلى أن قرار منع التبرج أثار استياءً واسعاً بين الطلبة، خاصة في ظل ما وصفه "بالأساليب المخزية والمهينة" التي تُستخدم لتطبيقه. وطالب اتحاد الطلبة العام بإلغاء القرار فوراً، والالتفات إلى القضايا الجادة التي تواجه التعليم في العراق، وضمان احترام الحريات الشخصية والأكاديمية لجميع الطلبة.
واختتم عبد الحسين حديثه قائلاً: "احترام التنوع والحريات هو السبيل الوحيد لبناء بيئة أكاديمية صحية ومزدهرة، وليس فرض القيود والتضييق على الطلبة".