يستمر سيناريو الزحامات المرورية بالرغم من مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد، حيث يتطلب من المواطن في اي منطقة داخل العاصمة قضاء ساعة كاملة للوصول إلى وجهة لا تتعدى مسافتها 10 كيلومترات. وفي ظل استمرار هذه المشكلة، يشكك البعض في فاعلية وجودة المشاريع الحكومية في معالجة الأزمة.
فاطمة علي، طالبة في كلية اللغات بجامعة بغداد، توضح معاناتها قائلة: "غالبًا ما تفوتني المحاضرات الأولى بسبب ازدحام جسر الجادرية، حيث أقضي وقتي في الطريق أكثر مما أقضيه في الجامعة".
وتضيف لمراسل "طريق الشعب": ان "تقسيم أوقات الدوام أرهق الطلبة؛ إذ نخرج من المنزل صباحا، ولا نعود إلا مع حلول الليل".
وتشير إلى أنه "في كثير من الأحيان لا تتوفر سيارات الأجرة أو وسائل النقل العام بسبب الازدحام، ما يجبرنا على الانتظار لساعات أو البحث عن وسيلة لنقلنا إلى نقطة قريبة".
الاعمار والإسكان ترى العكس
وزارة الإعمار والإسكان، تؤكد أن مشاريع فك الاختناقات المرورية قد أحدثت تحسنًا ملحوظًا في حركة السير.
وذكر نبيل الصفار، المتحدث باسم الوزارة، أن "افتتاح عدة مشاريع من الحزمة الأولى ساهم بشكل إيجابي في تحسين الانسيابية"، موضحًا أن هذه المشاريع تعتمد على بعضها لتشكيل منظومة متكاملة.
وفيما يتعلق بخطة مشاريع الحزمة الثانية، ذكر الصفار لمراسل "طريق الشعب" أنها ستكون استكمالًا لمشاريع الحزمة الأولى، مشيرًا إلى ان مشروع جسر الصرافية الثاني الجاري العمل به حاليًا، سيعزز الانسيابية نحو مجسر الشالجية الذي تم افتتاحه سابقًا.
وأضاف الصفار، أن "هناك عدة مشاريع تشمل طريق مطار المثنى، إلى جانب أربعة مشاريع أخرى على محور قناة الجيش، من بينها مشروع جسر الجادرية الثاني، والذي سيربط مناطق الكرخ بالرصافة ويمتد إلى سريع القادسية وصولًا إلى ساحة النسور التي تشهد حاليًا أعمالا تطويرية".
وتوقع الصفار أن تدخل مشاريع جديدة الخدمة قبل نهاية عام 2024، ما قد يسهم في تقليل الزحامات وتحسين حركة السير في بغداد.
لا تعتبر حلاً
في حديثه عن الحلول المقترحة لمعالجة الازدحام المروري في العاصمة، افاد المهندس سلوان الآغا بأن "مشاريع المجسرات التي أطلقتها الحكومة تهدف إلى زيادة القدرة الاستيعابية للشوارع، لكنها لا تعد حلاً نهائيًا للمشاكل المرورية". وأوضح الاغا لـ "طريق الشعب"، أن "مدينة تتمتع بكثافة سكانية وأنشطة عالية لا يمكن أن تُحل مشكلاتها المرورية عبر بناء المجسرات والتقاطعات فقط. ورغم أن هذه المشاريع قد تُحسن حركة المرور بشكل مؤقت، فإن فائدتها قد تقل بمرور الوقت إذا لم يتم العمل على حلول أخرى أكثر استدامة".
وأشار الآغا إلى "ضرورة تنفيذ شبكة من الطرق الحولية لتقليل الازدحام، بالإضافة إلى تحسين وسائل النقل العام، ومنها مشروع المترو الذي تم الحديث عنه منذ الثمانينات، لكن لم يتم تنفيذه حتى الان".
وأكد "أهمية إعادة توزيع المراكز الإدارية والاقتصادية في المدينة، بحيث لا تتركز المؤسسات في مكان واحد، بل يتم تقسيمها وربطها إلكترونيًا لتسهيل الوصول إليها وتخفيف الضغط على الشوارع الرئيسية".
وشدد على أن الحلول طويلة الأمد يجب أن تقوم على دراسة استراتيجية أعمق، تُعرف بدراسة النقل الشامل، والتي تعتمد على توزيع الأنشطة السكانية والإدارية في المدينة بشكل مدروس؛ ومن خلال هذه الدراسة، يمكن تحديد الحلول الأنسب لتوسيع بعض الشوارع والتخفيف من الاختناقات بناءً على بيانات دقيقة عن حركة الناس والكثافات السكانية.
شكوك في فاعلية المشاريع
وتعبر هدى أسعد، مختصة في هندسة الطرق والجسور، عن شكوكها تجاه فاعلية مشاريع فك الاختناقات المرورية، مشيرة إلى أن "رغم افتتاح العديد من هذه المشاريع، فإن مشكلة الزحام لا تزال مستمرة وربما تزداد". وتقول سعد في حديث لـ "طريق الشعب" أن "هذه المشاريع تتطلب رؤية استراتيجية واضحة، كونها ترتبط بالتصميم الأساسي لمدينة بغداد، إلا أن المواقع التي تُنفذ فيها بعض المشاريع تعكس غياب التخطيط المدروس".
وتشير سعد إلى شكوكها في جودة المواد المستخدمة في بعض المشاريع، التي تحتاج إلى إعادة تأهيل رغم افتتاحها حديثًا".
وتسترسل بالقول: ان جسر قرطبة، تسربت منه المياه عند أول هطول للأمطار، داعية إلى التركيز على إنشاء طرق حولية ونقل الدوائر الحكومية والمراكز التجارية إلى أطراف بغداد.
وتعرب عن أملها في وضع خطط استراتيجية وواقعية من قبل أصحاب الشأن والمختصين لتخفيف الزحام وتحسين جودة البنية التحتية في العاصمة.