يؤشر مواطنون ارتفاعا في أسعار الأدوية بشكل ملحوظ، وهو ما يضع عبئاً كبيراً على كاهل الكثيرين منهم لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة، وذوي الدخل المحدود.
يقول مراقبون إن هذه الأزمة تعود إلى عدة عوامل، من بينها سوء برامج توطين الصناعات الدوائية، التي لم تنجح في توفير الأدوية محلياً بأسعار مناسبة، إلى جانب هيمنة بعض الجهات الحزبية والمسلحة على معامل الأدوية وشركات ومجمعات طبية، ما يقود إلى تحكمها بالأسعار واحتكار الأدوية.
ضغوط مالية
تقول سعاد خير الله، إن مشكلة ارتفاع الأسعار يضعها هي والكثير من المواطنين في موقف صعب، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة أو يحتاجون إلى علاج مستمر.
ويضيف، أن العديد من الأدوية الأساسية غير متوفرة في المستشفيات الحكومية، ما يضطر المرضى إلى اللجوء إلى الصيدليات الخاصة؛ حيث تكون الأسعار مرتفعة بشكل كبير. وهذا الوضع يسبب لها ضغوطاً مالية إضافية على الأسر ذات الدخل المحدود.
وتؤكد سعاد لمراسل «طريق الشعب»، أن «هذه المشكلة تتفاقم في ظل غياب الرقابة على الأسعار والتواطؤ بين بعض المستوردين والصيدليات لرفع الأسعار بشكل غير مبرر».
وطالبت سعاد الحكومة والجهات المعنية باتخاذ إجراءات فورية لضبط أسعار الأدوية وتوفيرها في المستشفيات والمراكز الصحية بأسعار معقولة، لضمان حق الجميع في الحصول على العلاج اللازم دون تمييز أو عوائق مالية.
أطباء الحكومة وصيدليات القطاع الخاص
يقول حمزة محمد، الذي يعمل صيدلاني: «غالبا ما يصف الأطباء في المستشفيات الحكومية ادوية ضمن الأصناف التي تعتمدها وزارة الصحة، لكن غالبيتها غير متوفرة في المستشفيات، انما تتكدس في الصيدليات والمذاخر التابعة للقطاع الخاص».
ويضيف محمد في حديث لـ»طريق الشعب»، أن «عدم توفر الادوية في المستشفيات الحكومية أرهق المواطنين اقتصاديا، كونها باهظة الثمن، ما يضطر بعض المرضى للاستغناء عن الدواء في أحيان كثيرة».
ويؤكد، أن «صناعة الأدوية في العراق شهدت تراجعاً كبيراً وصل إلى درجة الشلل التام، بعد عام 2003، بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالمصانع، فضلاً عن عمليات التخريب والنهب التي تعرضت لها تلك المعامل»، مشيرا إلى أن الضرر الذي لحق بها كلف البلد أموالاً طائلة على استيراد الأدوية من الخارج» طبقا لرأيه.
ويؤشر محمد «عدم وجود رقابة حماية حقيقية للدواء، كما ليس هناك احصائيات حقيقية عن حجم الاستهلاك وحاجة السوق لمنتجات دوائية محددة»، مضيفا ان «المشاريع الحكومية المتعلقة بتوطين الصناعات الدوائية في العراق لن ترى النور في ظل وجود هيمنة من قبل الأحزاب وبعض الجهات المتنفذة على المنافذ الحدودية وبعض المعامل والشركات الدوائية».
وتعد تجارة الأدوية في العراق من بين الأشياء الأكثر تحقيقاً للأرباح، وتسيطر عليها مافيات وعصابات تملك بعضها امتدادات سياسية وحزبية، وتحظى بتنسيق مع شخصيات في الوسط الصحي والطبي.
وكان نقيب الصيادلة السابق مصطفى الهيتي، كشف خلال العام الماضي عن وجود 20 معملاً لإنتاج الأدوية في العراق، نصفها لا يعمل، لأسباب ارجعها إلى البيئة الاستثمارية في العراق وموضوع البنى التحتية وغيرها.
الصناعة تنتج 270 مستحضرا
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الصناعة والمعادن، ضحى الجبوري، إن «الشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في سامراء التابعة للوزارة، مستمرة في تجهيز المستحضرات الطبية التي تنتجها مصانع الشركة إلى وزارة الصحة والقطاع الخاص. ويتم تجهيز هذه المستحضرات بحسب الطلبات والعقود المبرمة بين الطرفين».
وأضافت الجبوري في حديث خصت به «طريق الشعب»، أن «عدد المستحضرات التي تنتجها الشركة يصل إلى حوالي 270 مستحضراً بين شراب وحبوب وكبسول ومرهم وقطرات»، مبينة انها علاجات لمرض السكري، الفشل الرئوي، ارتفاع ضغط الدم، قرحة المعدة، التهاب المفاصل، والعديد من الأمراض الأخرى.
وأوضحت، أن «إنتاج مصانع القطاع الخاص والشركة العامة لصناعة الأدوية لا يغطي أكثر من 15 في المائة من احتياجات وزارة الصحة، ولكن هناك العديد من الطلبات المقدمة إلى الوزارة لإنشاء مصانع جديدة للأدوية، ما سيرفع هذه النسبة في المستقبل».
وأشارت الجبوري إلى أن «الشركة حققت إنجازات جديدة بإنتاج مستحضرات طبية حديثة. حيث نجحت مؤخراً في إنتاج مستحضر جديد باسم «ريبا روك سام»، وهو عبارة عن حبوب تستخدم لعلاج تخثر الدم والوقاية من الجلطات الدموية الوريدية. هذا المستحضر أثبت فعاليته العالية مقارنة بالمستحضرات الأجنبية المستوردة، وذلك بناءً على نتائج البحث والتجارب الاستطلاعية التي أُجريت وفقاً للدساتير الدوائية العالمية».
وأكدت، أن «الشركة مستمرة في تطوير وإنتاج مستحضرات جديدة تلبي احتياجات وزارة الصحة والسوق المحلية. كما أن هناك مشاريع بناء جديدة تضم مصانع أدوية تم إنشاؤها وفق متطلبات الجودة التي فرضتها وزارة الصحة، وقد وصلت نسبة إنجاز هذه المشاريع إلى مراحل متقدمة».