اخر الاخبار

تفتقر المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنشآت التجارية وكافة بيئات العمل في العراق، إلى معايير السلامة المهنية، ما يعرض الأفراد العاملين في تلك المؤسسات الى مخاطر متعددة.

ويشير مراقبون إلى وجود ضعف حكومي في رصد المخالفات ووضع إجراءات صارمة لضمان السلامة المهنية.

نقص الكوادر

واشارت مديرية الدفاع المدني في وقت سابق، الى وجود 7 آلاف مشروع مخالف في عموم البلاد بينها قاعات مناسبات وفنادق ومطاعم ومشاريع خاصة، وتم تغريم 4 آلاف مشروع منها فيما لم يراجع أصحاب ثلاثة آلاف منها.

وتقول عضو اتحاد العمال في العراق، سميرة الخفاجي: إن “عدد المفتشين في وزارة العمل لا يتجاوز الـ 150 شخصا لكل محافظات العراق، وهم معنيون بمراقبة الضمان الاجتماعي وأماكن العمل بالإضافة الى السلامة والصحة المهنية”، مؤكدة غياب إمكانيات الجهاز الحكومي في هذا الجانب، بسبب نقص الكوادر.

وتضيف الخفاجي خلال حديثها مع “طريق الشعب”، انه “من المفترض ان تحتوي كافة المؤسسات على قسم متخصص بالسلامة المهنية”، مشيرة الى ان هذه الأقسام بدأت تختفي تدريجيا خاصة مع زيادة الاستثمارات في العراق.

وعن تداعيات غياب السلامة المهنية والضمانات الاجتماعية والصحية، تلفت الخفاجي إلى “وجود اشخاص تعرضوا لإصابات بالغة وآخرين قضوا بسبب عدم امتثال كافة المؤسسات والابنية التجارية والاعمال الحرة وحتى أماكن الاستراحة لإجراءات السلامة المهنية.

وتواصل الخفاجي حديثها، أن “القطاع غير المنظم، بعيد تماما عن أي مفهوم للسلامة المهنية، بالإضافة إلى وجود عوائل كاملة باطفال ونساء تعيش وسط أوبئة وبيئة عمل غير صحية تماما، منها معامل الطابوق وأماكن النفايات”.

وطالبت الخفاجي بتوفير كوادر متخصصة وكافية، وتفعيل دور الرقابة والمتابعة لضمان سلامة المواطنين والعمال، والالتفات للقطاع غير المنظم.

وتصف دور النقابات والاتحاد في العراق بأنه “ضعيف”، ويقتصر دورها على إقامة حملات التوعية وتدريب ورصد نسبي وفق الامكانيات.

الدفاع المدني

ويقول العقيد رحمن حسين مهدي، مدير إعلام الدفاع المدني: أن إجراءات الدفاع المدني تهدف إلى تعزيز سلامة المباني وضمان حماية الأرواح والممتلكات، وعبرها يجري منح موافقات تتعلق بإنشاء البنايات الأفقية والعمودية، بعد أن تُحيلها البلديات المعنية بالبقعة الجغرافية للدفاع المدني، والذي يتولى، بدوره، شقين رئيسيين في عملية المراجعة والتفتيش.

ويضيف في حديثه لـ “طريق الشعب”، أن “احدى مهام الدفاع المدني تكون ضمن مسؤولية الشعبة الهندسية، حيث تركز على الأساسات وفحص التربة، وفي حال احتياج البناية إلى غرفة حصينة أو ملجأ، يتم إجراء فحوصات إضافية للتربة والمياه الجوفية لضمان السلامة الهيكلية، اما الشق الاخر فيكون من مسؤولية قسم الإطفاء والسلامة الذي يشرف على إجراءات الوقاية والسلامة، خاصة في البنايات متعددة الطوابق. وبعض هذه الإجراءات: تجهيز سلالم الطوارئ وتعزيز عدد طفايات الحريق، حيث يتعين على كل طابق الامتثال لكافة متطلبات السلامة لضمان أمان المبنى وسكانه”.

ويتابع مهدي قائلاً، أن “فرق الدفاع المدني تجري عدة كشوفات دورية على المنشآت والعمارات والمراكز التجارية، لضمان التزامها بإجراءات الوقاية والسلامة. وتتم متابعة هذه الكشوفات الأولى بكشوفات أخرى للتأكد من استدامة الأمان”.

ويضيف أن “ضباط الدفاع المدني يقومون بمتابعة الكشوفات طيلة أيام السنة في مناطقهم الجغرافية لضمان استمرار الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية”.

وبالحديث عن المخالفات، يبين مهدي أنه “في حال عدم الامتثال لمتطلبات الأمان، تتم إحالة المخالفين إلى جلسة الفصل داخل الدفاع المدني، وهي بمثابة محكمة مصغرة يرأسها مدير الدفاع المدني وتضم ضباطًا قانونيين”.

ويكشف خلال حديثه عن “إحالة 927 مخالفا إلى هذه المحكمة، وتم تغريم 509 أشخاص وفقًا للمادة 20 و21 من قانون الدفاع المدني رقم 44 لسنة 2013، منذ بداية العام وحتى 16 إيار المنصرم”.

ويكمل، أنه “إذا لم ينفذ المدعو ما هو مطلوب منه بعد حضور المحكمة، تتم إحالته إلى المحاكم الجنائية. وقد تمت إحالة نحو 515 حالة إلى محاكم الجنح لعدم الامتثال”.

غياب خطط الطوارئ

ويؤشر حيدر أحمد نوري، عضو الجمعيات الوطنيّة للصليب الأحمر/ القسم الصحي، نقصا ملحوظا في الوعي والإجراءات المتعلقة بالسلامة المهنية في العراق، مشيرًا إلى أن “العمل في جانب التوعية لا يتلقى متابعة كثيفة من الجهات المعنية”.

ويقول نوري: أن “العديد من البنايات والمؤسسات الحكومية والمنشآت الخاصة تفتقر إلى سلالم الطوارئ وخطط الطوارئ، مما يجعلها عرضة للحوادث الكارثية مثل حادثة مجمع الليث وحادث العرس في الحمدانية، التي أودت بحياة عشرات الضحايا نتيجة غياب الاهتمام والرقابة على هذه القضايا”.

ويضيف نوري خلال حديث لـ”طريق الشعب”، ان هناك أهمية في زيادة الوعي وتقديم تدريبات تتعلق بالإسعافات الأولية لمواجهة الحالات الطارئة عند حدوثها.

ويشير الى ان “الجامعات الحكومية والأهلية، التي تحتوي مختبرات كيميائية فيها مواد خطرة، نادرًا ما تُعنى بتوعية السلامة والتعامل والوقاية، ما يعرض حياة العاملين والطلاب للخطر”، مؤكدا تعرض عميد إحدى الجامعات للتسمم بسبب غياب الآلية الصحيحة في التعامل مع المواد الكيميائية وعدم وجود أفراد متخصصين في السلامة المهنية للتوعية والرقابة.

ويوضح نوري، أن “هناك العديد من الحوادث الأخرى التي تمت تغطيتها حفاظًا على سمعة المؤسسات، بدلاً من اتخاذ الإجراءات الصحيحة لمنع تكرارها”.

ويؤكد، أن غياب السلامة المهنية يجعل من المؤسسات “قنبلة موقوتة”، مشددًا على ضرورة تعزيز الرقابة والمتابعة ووضع إجراءات احترازية فعالة، مشددا على أهمية توفير تدريب مكثف ومستمر على الإسعافات الأولية والتعامل مع الطوارئ، لضمان سلامة العاملين والطلاب والمواطنين بشكل عام.