اخر الاخبار

تبتلع الأنهار والسدود والمشاريع الأروائية، سنويا خلال فصل الصيف، اعدادا من المراهقين والشباب في مختلف المحافظات. إذ يلجأ هؤلاء للسباحة في الأماكن الخطيرة التي لا تتوفر فيها أبسط الشروط الصحية، هربا من حرارة الجو ومن منازلهم الملتهبة جراء كثرة انقطاع التيار الكهربائي.

وتتجاوز حرارة الجو في شهري تموز وآب 50 درجة مئوية، ما يتسبب في حصول حالات إعياء وإغماء واختناق لمواطنين عديدين، تحت طائلة أزمة الكهرباء التي تزداد وتيرتها خلال فصل الصيف. وفي محاولة لمواجهة درجات الحرارة المرتفعة، يتجه الكثيرون من الشباب والمراهقين، وحتى الأطفال، إلى السباحة في الأنهار والجداول، ما يعرضون أنفسهم لخطر الغرق، ويثيرون قلق عائلاتهم.

وفي كل عام تسجل مدن وقرى حوادث غرق عدة خلال الصيف. ومع بدء ارتفاع درجات الحرارة في نيسان الماضي، غرق تلميذ في الصف الخامس الابتدائي، حينما كان يسبح مع مجموعة من زملائه في مشروع ماء الحويجة. وفي يوم 24 أيار الفائت، انتشلت فرق الدفاع المدني جثة طفل يبلغ من العمر 13 عاما، من نهر باخورنيف خلف سد دهوك، بعد أن سقط فيه. وفي التاريخ نفسه، غرق شاب عمره 17 عاما في مشروع سد الخاصة جنوبي كركوك، حيث كان يزاول السباحة مع مجموعة من رفاقه.

يأتي ذلك في ظل عدم توفر أعداد كافية من المسابح النظامية، والتي إن توفرت يتطلب الدخول إليها مبلغا من المال قد لا يقوى على دفعه الفقراء ومحدودو الدخل.

أجور المسابح مرتفعة

يقول المواطن حسين سجاد من قضاء الهندية في كربلاء، أن حوادث الغرق التي تتكرر سنويا، لا تثني الشباب والمراهقين من السباحة في الأنهر والجداول. إذ انهم يضطرون إلى السباحة في هذه الأماكن لعدم توفر مسابح نظامية.

ويوضح في حديث صحفي أن “المسابح، ورغم أنها آمنة، لكنها مُكلفة مادياً. فأجرة دخول الشخص الواحد تصل إلى 10 آلاف دينار، وأكثر أحيانا”، مضيفا قوله: “لذلك يضطر الفقراء وذوو الدخل المحدود إلى السباحة في الأنهر، ومنها شط الهندية والنهر السياحي ونهر البو عزيز”.

أمراض جلدية

أما المواطن جلال الجبوري، وهو من سكان بابل، فيقول أنه بسبب السباحة في الأنهر أصيب ومعه الكثيرون غيره، بأمراض جلدية، مشيرا في حديث صحفي إلى ان نهر الفرات ابتلع العديد من معارفه وأقربائه. ورغم ذلك، يرى الجبوري أن “السباحة في الأنهر تبقى متعة مجانية متوفرة دائما، ومن الضروري اللجوء إليها في ظل ارتفاع درجات الحرارة وكثرة انقطاع التيار الكهربائي”، لافتا إلى ان “نهر الفرات يشهد خلال الصيف إقبالاً كبيراً للأهالي منذ الظهيرة حتى ساعة الغروب. ولا تمنع حوادث الغرق الناس من مواصلة السباحة، لكن الشرطة النهرية تتدخل أحيانا لمنع السابحين من الوصول إلى نقاط خطيرة”.

ولا تتوقف مخاطر السباحة في الأنهر عند الغرق، إنما تتعدى ذلك. فبعض الأنهار ملوّثة ويصاب من يسبح فيها بأمراض معوية وجلدية، لا سيما في ظل ازمة المياه وكثرة الملوّثات التي ترمى في الأنهر، كمياه المجاري، ومخلّفات المستشفيات والمخلفات الصناعية، وغيرها.

أخطاء تؤدي إلى الغرق

من جهتها، تقول مدربة السباحة إيلاف حميد، أن “السباحة في المسابح النظامية، أيضا خطيرة بالنسبة للأشخاص الذين لا يجيدون العوم بشكل جيد”، مبينة في حديث صحفي ان “من أبرز الأخطاء التي يقع فيها هؤلاء، هو الذهاب إلى الأجزاء العميقة، وعدم ارتداء النجادة”.

وتضيف قولها: “أما في الأماكن المفتوحة، كالأنهار والبحيرات، فالسباحة أكثر خطورة، وحتى الشخص الذي يجيد السباحة قد يتعرض للغرق. فأحيانا يصاب السبّاح بتشنج عضلي يعيق حركته، ما يتسبب في غرقه”، موضحة أن “ما يزيد مخاطر السباحة في الأماكن المفتوحة، هو ذهاب الشخص لوحده، أو مع أشخاص لا يجيدون إجراءات الإغاثة والإنقاذ”.

وتشدد إيلاف على أهمية أن يتعلم الشخص السباحة “فهي رياضة مفيدة للمفاصل والعظام، وعلاج للإصابات الرياضية. وبالنسبة للطفل تصحح مشيته فيما إذا كانت خاطئة. كما تعزز السباحة المناعة. لذلك يُفترض أن تكون هذه الرياضة منهاجا دراسيا للأطفال في المدارس”.

وفي ظل تكرار حوادث الغرق، تزداد الحاجة إلى إطلاق حملات إعلامية للتوعية بمخاطر السباحة في الأنهر والجداول.

وتؤكد وزارة الداخلية أنها تولي “اهتماماً بالغاً” بموضوع حوادث الغرق، وأنها تمنع المواطنين من السباحة في بعض الأماكن. فيما تقوم الشرطة النهرية في العديد من المحافظات، بوضع إشارات تحدد الأماكن غير العميقة الصالحة للسباحة، والتي تسمى شعبيا “كياش” وتقع على ضفاف الأنهر.

أما مديرية الدفاع المدني، فتصدر في كل صيف إرشادات للحد من حوادث الغرق. ومنها تجنب السباحة في الأنهر، وإذا كان لا بد من ذلك، فعلى السباحين أن يختاروا أماكن آمنة، وأن يصطحبوا معهم مستلزمات للسلامة.