اخر الاخبار

يعد العراق واحداً من أكثر البلدان التي شهدت تغييرات ديموغرافية ولأسباب عديدة، اثرت بشكل كبير على بنيته الاجتماعية وحتى الاقتصادية، حيث تزايدت الهجرة الداخلية والنزوح، نتيجة الصراعات المسلحة والحروب وعدم الاستقرار السياسي والاقتتال الداخلي الطائفي، ما افضى بطبيعة الحال الى تحولات كبيرة في توزيع السكان بين المناطق.

تعداد تجريبي

يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن «عملية التعداد التجريبي مستمرة منذ عدة أيام في كافة المحافظات، بما فيها محافظات إقليم كردستان»، مؤكدا اختيار «حوالي تسعين محلة موزعة على جميع المحافظات العراقية، مقسمة بين مناطق ريفية ومراكز المدن، سيجري فيها التعداد التجريبي».

ويضيف الهنداوي في حديث خص به «طريق الشعب»»، أنّ «التعداد التجريبي سيستمر لمدة أسبوعين، من 31 ايار إلى 13 حزيران من هذا العام»، مؤكداً أنه «يُعد خطوة أساسية من مراحل إجراء التعداد العام للسكان والمساكن، الذي سينفذ في 20 تشرين الثاني 2024».

ويتابع، أنه «من خلال ممارسة التعداد التجريبي، سنرصد ونسجل كل المشكلات، سواء كانت فنية أم تقنية، أو ما يرتبط بأداء الأجهزة الإلكترونية والكوادر البشرية. كذلك في ما يتعلق بتناقل البيانات وأمنها وسرعة تناقلها. ستكون كل هذه الجوانب محط دراسة ومعالجة لأي مشكلة قد تظهر. بالتالي يتم استكمال كافة المتطلبات والإجراءات الخاصة بالتعداد العام للسكان».

ووفقاً للهنداوي، فإن «التعداد التجريبي يسير بسلاسة، وان عملية تناقل البيانات تجري بمستوى عالٍ جداً من الدقة، كما لم نسجل أي إشكالية في مناقلة البيانات حتى الان، حيث تصل البيانات من الميدان إلى المركز بشكل منتظم عبر شبكة خاصة، ويتم رصد حركة الباحثين في الميدان بدقة».

ويبين أن «التحديات في العمل الميداني تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة وحركة التنقل بين المناطق، خصوصاً في المناطق الريفية. حيث هناك قرى بعيدة ونائية ولا توجد طرق نقل سهلة إليها، ما يضطر الباحثين للسير على الأقدام لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة».

ويكمل، انه «على الرغم من هذه التحديات، كان هناك تعاون كبير ودعم من القوات الأمنية التي وفرت أجواء هادئة وآمنة لعمل الباحثين، بالإضافة إلى استجابة طيبة من الأسر في المناطق المشمولة، سواء من حيث الإدلاء بالبيانات أو توفير الظروف المناسبة لعمل الباحثين».

وأشار الى «إنجازه ما يتجاوز 70% من مراحل العمل حتى الآن، وهي متعددة وتتضمن تحديد حدود المحلات في المناطق المشمولة وترقيم الدور والمباني والحيازات والمنشآت وكذلك أيضا حصر عدد الأسر وعدد السكان».

ويختتم الهنداوي حديثه بالقول: «إننا نعمل على تسجيل كل المؤشرات الإيجابية والسلبية الناتجة عن هذه العملية لتتم معالجتها، حيث يمثل التعداد التجريبي مرحلة مهمة من مراحل إجراءات التعداد العام للسكان».

مشكلات تهدد نجاحه

يقول المحلل السياسي محمد زنكنة: أن «أي مسألة تتعلق بالإحصاء يجب أن تُبنى على أسس علمية وبإشراف حكومي».

ويضيف زنكنة، أن «آخر تعداد سكاني أجري في عام 1997، ولم يكن على أسس علمية. أما في عام 2007، فإن وزارة التخطيط كانت هي الجهة التي عرقلت هذا التعداد. وفي عام 2017، لم تكن الظروف مناسبة بسبب التغييرات الديموغرافية في عدد من المحافظات، بعد تحريرها من «داعش» الارهابي.

ويشير زنكنة في حديث مع «طريق الشعب»، الى أن مناطق خانقين، جلولاء، السعدية، الزرباطية، المنذرية والشلامجة لم تحظ بحقها في تنفيذ المادة 140 من الدستور؛ ومن دون حسم هذا الموضوع لا يمكن الحديث عن امكانية نجاح التعداد السكاني.

يشار إلى ان استمارة التعداد تخلو من فقرة الانتماء المذهبي والقومي والديني للعراقيين؛ حيث الهدف من التعداد هو تثبيت قاعدة بيانات صحيحة وحقيقية عن عدد السكان لضمان توزيع الموارد والمستحقات المالية على جميع المحافظات بشكل عادل، إلى جانب الاعتماد على بيانات التعداد في برامج التنمية المستقبلية، وفقا لتصريحات حكومية.

تحديات

يقول المحلل السياسي علي البيدر عن قضية التغير الديموغرافي في العراق: أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب منهاجًا وبرنامجًا حكوميًا وسياسيًا شاملًا، وقد لا يقدر التعداد السكاني على حلها. فيما أكد أن «التغييرات الديموغرافية التي حدثت في العراق بعد عام 2003، خلال فترة الصراع الطائفي وبعد عام 2014، أدت إلى تكيف المجتمع مع الوضع الجديد».

ويشير البيدر خلال حديثه مع «طريق الشعب»، الى أنه «في حال توافر الإرادة الحكومية الجادة، فإن عملية الإحصاء يمكن أن تنجح وتحقق مستويات قياسية»، متسائلا عن كيفية التعامل مع العراقيين المقيمين في الخارج ضمن الإحصاء الشامل؟

ويحذر من اعتماد تغيير ديموغرافي «بدوافع سياسية»، مردفا أن هناك إرادة حكومية ومراقبة دولية لضمان نجاح فكرة التعداد الشامل. لكنه اشار الى «وجود عوائق تتمثل في وجود إرادة سياسية تسعى إلى الحفاظ على التوازنات الطائفية التي تأسست عليها العملية السياسية، بالإضافة إلى الضغوط المتعلقة بموارد الدولة من خلال إبقاء الأعداد ضمن دائرة التخمينات».

عرض مقالات: