باشر العراق إنشاء 12 مدينة صناعية في عموم البلاد؛ جميعها قيد التنفيذ في محافظات بغداد والبصرة وذي قار والأنبار وكربلاء والنجف وواسط وميسان والموصل، والتي تسعى الحكومة من خلالها لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، دعما للمنتج المحلي وإنعاش الاقتصاد الوطني، لكن هناك اتهامات بأن “المتنفذين” هم المستفيدون من تلك المدن.

وتذكر وزارة الصناعة، أنّ بعض نسب الإنجاز وصلت إلى ٩٠ في المائة، كما هي الحال في المدينة الصناعية بمحافظة الأنبار، فيما لفتت إلى رغبة القطاع الخاص في الاستثمار بهذه المدن، لكي لا يبقى رهين العشوائيات الصناعية.

إدراجها ضمن موازنة 2024

وأعلنت لجنة التخطيط الإستراتيجي والخدمة الاتحادية، عن إدراج الحكومة مشاريع المدن الصناعية المتلكئة ضمن موازنة 2024.

وقالت رئيسة اللجنة، ليلى مهدي التميمي، أن “المدن الصناعية تتوزع بين محافظات واسط وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف والأنبار والبصرة”، مبينة أن “نسب إنجاز المدن الصناعية متفاوتة وهي تعتمد على طبيعة وتمويل المشاريع”.

وأضافت أن “بعض مشاريع المدن الصناعية كانت متلكئة، حيث وصلت نسب الإنجاز فيها الى 70%”، مؤكدة أن “الحكومة الحالية ركزت على إدراج تلك المشاريع ضمن قانون الموازنة الحالية 2024”.

المواد الأولية متوفرة

يقول الخبير الاقتصادي صفوان قصي، إن القطاع الخاص يملك قدرة على تقليل حجم الاستيراد للمواد والسلع من الخارج، عن طريق ما ينتجه محلياً، لافتاً إلى أن “وزارة الصناعة تمكنت من جذب استثمارات بقيمة ٩ مليار دولار”.

ويضيف قصي لـ”طريق الشعب”، قائلاً إنّ “قيمة ما يستورده العراق تقدر بـ٧٠ مليار دولار في السنة”، متأملا أن يتم خلق بيئة صناعية مناسبة للمصانع المحلية، في ظل وجود مواد أولية تشجع على إنشاء المدن الصناعية.

ويشير الى أن “العراق يستطيع استخراج اكثر من ١٨٠ مادة من المشتقات النفطية”، مشيرا إلى نجاح بعض التجارب في محافظة المثنى مثلا، حيث تمتلك احتياطيا هائلاً من المواد الاولية لصناعة الاسمنت، ونجحت في ذلك.

ويؤكد أنه “يمكن ان تنجح التجربة في الانبار ونينوى، اذ تحتوي هاتان المحافظتان على كمية كبيرة من الفوسفات، مشيرا الى ان الحكومة تخطط لجعل البلد يحقق ايرادات من غير النفط في العام ٢٠٢٩، وهذا يتطلب الاستثمار في قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة وغيرها.

ويشير ايضا الى ان هناك فرصة للاستثمار في قطاع الدواجن وتصديرها وإنشاء مصانع. كذلك تنمية قطاعي الألبان والتبغ في إقليم كردستان.

أضرار محتملة

ويعبّر الباحث في الشأن الاقتصادي عبد السلام حسن حسين، عن قلقه من تداعيات دعم الحكومة للاستثمار في المدن الصناعية، مشيرا الى ان ذلك يتسبب في إلحاق ضرر بالمواطن الفقير والمعدم.

ويعلل حسين في حديث مع “طريق الشعب”، أسباب قلقه بـ”استغلال المستثمرين لدعم الحكومة، مثلما حصل في مشاريع البناء والسكن، حيث استغلوا ذلك لتحقيق أرباح مادية على حساب المواطنين، ووصلت أسعار العقارات إلى مستويات غير معقولة”.

ويشير حسين الى ان الحكومة لا تملك رؤية واقعية تركز على دعم المواطن، كونها لا تستعين بمختصين لمناقشة أسباب فشل المشاريع السابقة، ووضع حلول ومعالجات تستهدف مصلحة المواطنين، وليس مصلحة المتنفذين.

وينصح الخبير الاقتصادي الحكومة بالبدء بثلاث مدن صناعية بدلاً من اثنتي عشرة مدينة، وذلك لبيان انعكاس هذه المشاريع على الواقع الاقتصادي العام والمواطن، ثم المباشرة ببناء بقية المدن، كما دعا الى الى إعادة تشغيل المعامل المتوقفة من سنوات، وإعادة الكفاءات وتشغيل وتنشيط الايدي العاملة.

ويجادل بأن المدن الصناعية ستحقق أرباحا للمتنفذين دون تحقيق أي فائدة للمواطن العراقي، في ظل تجاهل دعم المنتج المحلي وتحسين نوعيته لزيادة ثقة المواطن بالمنتجات المحلية.

عرض مقالات: