اخر الاخبار

دفع ارتفاع معدلات العنف الأسري والتدهور الاقتصادي، الكثير من الأسر إلى تزويج أبنائهم وبناتهم، وهم لم يبلغوا سن الرشد بعد، الأمر الذي أضاع على المرأة حقوقها القانونية وبات يعرضها للعديد من المخاطر الصحية.

وعلى الرغم من رفض المحاكم التصديق على مثل هذه الزيجات، والتي تتم عند مكاتب شيوخ وخارج القضاء، اعتبر ناشطون وقانونيون الأمر ظاهرة مجتمعية غير قانونية، وتفضي غالباً إلى الطلاق.

مشروع فاشل

وتقول رئيسة منظمة تموز للتنمية الاجتماعية فيان الشيخ علي إن “زواج القاصرات بات ظاهرة مجتمعية كبيرة خاصة في مناطق القرى والأرياف والمحافظات الجنوبية مقارنة بالمدن، وذلك لأسباب تتعلق أهمها بتراجع مستوى الوعي التعليمي وشح فرص العمل التي خلفت تحديات اقتصادية كبيرة”. ووصفت الشيخ علي زواج القاصرات “بالمشروع الفاشل في الغالب، لكونه يتم على حساب حقوق وصحة المرأة والعائلة التي تتكون فيما بعد”. وشددت على ان “زواج القاصرين (الذكور والإناث)، تتبناه العوائل التي تعاني من قصور في الوعي التعليمي والامكانيات الاقتصادية”.

من جانبها عدت مديرة منظمة التقوى في محافظة البصرة د. عواطف المصطفى، أن الزواج المبكر غير ناجح بنسبة 98 بالمائة وهو ظاهرة باتت تشكل خطورة بالنسبة للنساء خاصة في جنوب البلاد، مشددة على ضرورة تحسين المستوى المعيشي للأسر العراقية خاصة بالمناطق الجنوبية لأن الفقر هو سبب رئيسي لزواج القاصرات.

غياب الرادع القانوني

وبهذا الصدد، ترى فيان الشيخ علي أن “البلاد تعاني من تراجع السلطة القانونية، مما أدى إلى ارتفاع نسب زواج القاصرات التي تتم خارج المحاكم ولدى مكاتب رجال الدين، مما يولد مشكلة مركبة تتمثل بضياع حقوق المرأة القانونية والتأخير في استحصال المستمسكات الرسمية التي تحتاجها الأسرة فيما بعد”.

وتنوه د. عواطف المصطفى مديرة منظمة التقوى إلى أن الرادع القانوني على الرغم من توفره، إلا أنه بسيط ولا يرتقي إلى مسؤولية الإصلاح المجتمعي”، داعية إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات والحلول ومنها منع الزواج خارج المحكمة وتشديد العقوبة والغرامة للمتزوجين خارج المحكمة بالإضافة إلى معاقبة ولي الأمر الذي يقوم بتزويج بناته القاصرات او مبكرا.

 وحول الموقف القانوني من زواج القاصرين تقول المحامية مروة عبد الرضا إن “العقوبة القانوينة على زواج القاصرين تترتب على الزوج فقط ولا يعاقب القانون رجل الدين وأولياء الأمور، على الرغم من مشاركتهم في ارتكاب جريمة زواج القاصرين”، منبهة إلى ان “القانون يحاسب الزوج فقط حتى لو كان هو الآخر قاصرا وفق قانون الأحداث”.

دور محدود لمنظمات المجتمع المدني

وعن دور منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة، افادت رئيسة منظمة تموز للتنمية الاجتماعية فيان الشيخ علي، بأن هذه المنظمات دعت دوماً إلى تنفيذ حاسم لإجراءات المنع القانوني لحالات الزواج خارج المحاكم وتشديد العقوبة، إلاّ ان غياب الجدية في اتخاذ اللازم، أحال دون تحقيق ذلك إلى الآن.

منبهة إلى أن “دور منظمات المجتمع المدني يقتصر في هذا الجانب على نشر الوعي ورفع التوصيات والمقترحات إلى الحكومة والبرلمان لاتخاذ اللازم وذلك للحد من هذه الظواهر إلى جانب المساعدة في توثيق الزواجات واسترداد الحقوق والتأكيد على حقوق المرأة القانونية”. وتدعو د. عواطف المصطفى من جهتها إلى معالجة هذه الظاهرة والحد منها عن طريق توعية النساء بحقوقهن الاجتماعية والقانونية، والتوعية بمخاطر الزواج المبكر والاستعانة بمستشارة طبية وباحثة اجتماعية، وتطالب منظمات المجتمع المدني بحملات مناصرة للحد من الزواج خارج المحكمة بالإضافة إلى كتابة البحوث والتقارير من قبل الأكاديميين والنشطاء التي تبين مخاطر الزواج المبكر، ومساهمة الإعلام بتوعية المجتمع بأكمله.

وتنوه المحامية مروة عبد الرضا، إلى دور منظمات المجتمع المدني قائلة “يجب ان يكون الدور توعوياً منذ البداية، يرافقه العمل على حملات دفاع لتعديل القوانين بما يضمن عدم تعرض النساء إلى زواج مبكر وبما يضمن حقوقهن حال تعرضهن إلى الزواج المبكر”، مشيرة إلى ان “منظمات المجتمع المدني تتجنب التطرق إلى تعديل قانون الاحوال الشخصية تجنبا إلى توجيه النشاط والعمل بالمذاهب بدلا عن القانون”.

زواج القاصر يسلبها حقوقها

وتؤكد مديرة منظمة التقوى في محافظة البصرة د. عواطف المصطفى على ان زواج البنت خارج المحكمة يسلب منها حقوقها القانونية فضلا عن ضياع حقوق الاطفال مستقبلاً.

 وتضيف د. عواطف ان “الزواج خارج المحكمة هو عرف اجتماعي مرتبط بعادات سببها قلة الوعي، وفي معظم الأحيان يتسبب بفقدان النسب للاطفال لظروف كثيرة منها وفاة الأب أو الطلاق، او امتناع الأب عن التسجيل القانوني للزواج”.