يعيش الأهالي في محافظة بابل حالة من الألم في ظل فقدان أطفالهم، نتيجة لعدم توفر أجهزة إنعاش في المستشفيات الحكومية بالمحافظة؛ إذ يخلق النقص في التجهيزات الطبية حالة من الحزن واليأس في وجوه العديد من الأسر.
أجهزة إنعاش شحيحة
وتتحدث رسل حسين عن تعرض ابنة أحد أقاربها للوفاة، بسبب غياب أجهزة الإنعاش الرئوي في مستشفى المسيب في المحافظة.
تقول حسين لـ «طريق الشعب»، إن «الطفلة تبلغ من العمر أربع سنوات. وكانت مصابة بمرض التهاب الرئة الذي يسبب ضيق تنفس حاد، ما يتطلب إدخالها بين فترة وأخرى إلى المستشفى لانعاشها رئويا»، مشيرة إلى أن «أهل الطفلة يواجهون في كل مرة صعوبة باستحصال جهاز إنعاش».
وعبّرت حسين عن استيائها من الواقع الصحي العام في البلاد، فيما قالت ان «من المعيب ان نطالب اليوم بأبسط حقوقنا. غير معقول ان ندخل للمستشفى ونخرج امواتا!».
أب يفقد طفلين
أما صباح المسعودي، فتحدث عن فاجعة أخيه الذي فقد طفلين خلال عشرة أيام فقط.
يقول المسعودي لـ»طريق الشعب»، إن «ابنة أخي رقدت ثلاثة أيام في مستشفى الامام علي في ناحية جبلة بمحافظة بابل، وكانت تنتظر وضعها على جهاز الإنعاش الوحيد في المستشفى، لكنها توفيت قبل أن يصلها الدور».
ويضيف لـ «طريق الشعب»، قائلاً أنه «بعد مرور أسبوع، مرّ ابن أخي ـ شقيق الطفلة المتوفية ـ بانتكاسة صحية، وبعد الفحوصات اتضح أن لديه مشاكل في التنفس ايضا، الأمر الذي يتطلب وضعه على جهاز الإنعاش، لكن الطفل لم يستطع التحمل أكثر من ١٢ ساعة، فالتحق بأخته، وللسبب نفسه».
ويحمل المسعودي الجهات الحكومية كافة وعلى رأسها وزارة الصحة، مسؤولية وفاة ولدي شقيقه.
حسين عامر، (موظف في مستشفى بابل الاهلي)، يقول أن «اغلب الأهالي ينتظرون وقتاً طويلا حتى يفرغ أحد الاسرة».
ويضيف أن «الأطباء في الردهة يحاولون بذل ما في وسعهم لضمان عدم تضرر أي طفل، وفي بعض الأحيان يتشارك كل أثنين في سرير واحد، لكن أحيانا يخرج الامر عن سيطرتهم بسبب قلة الاسرة».
ويردف كلامه لـ «طريق الشعب»، قائلاً أنه «بسبب نقص الأجهزة توفى العديد من الأطفال»، مستذكرا حالة طفل بقيت عالقة في ذهنه، حيث توفى طفل لم يتجاوز عمره سنتين، ولم يستطع الانتظار 3 أيام للحصول على سرير شاغل في الإنعاش.
ويزيد بالقول، أن «بعض الأهالي يضطرون الى الذهاب للمستشفيات الاهلية، إذ تصل كلفة العلاج نحو 6 مليون دينار لبضعة أيام، وهذا المال لا يتوفر عند العوائل الفقيرة، التي تجبر على الانتظار».
وتقدر اعداد الافراد البالغين من العمر 15 وما دون في محافظة بابل بنحو 861.655، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.
لا تسد الحاجة
تقول مديرة قسم الإنعاش الرئوي في مستشفى بابل للأطفال، وجدان عبد سبتي، أن «المستشفى تملك 18 سريرا فقط مزوداً بأجهزة الإنعاش»، مؤكدة أن 9 منها مخصصة لحديثي الولادة، والمتبقي للأطفال من عمر شهرين فما فوق».
وتردف سبتي كلامها لـ «طريق الشعب»، قائلة إن «المستشفى تستقبل مرضى من كافة الاقضية ونواحي المحافظة، ما يجعل عدد الاسرة غير كاف مقارنة بعدد السكان، خاصة ان هناك حالات تتطلب الرقود في الردهة لأكثر من 3 أيام قبل التماثل للشفاء».
وأكدت وجود «حاجة لافتتاح ردهات إنعاش رئوي في جميع المستشفيات الموجودة في أقضية ونواحي بابل، لتخفيف الزخم الحاصل»، مشددة على «أهمية بناء مستشفى أطفال تخصصي، يقدم خدمات متكاملة للمرضى من الأطفال، وتحديداً الإنعاش الرئوي».