اخر الاخبار

يواجه سكان محافظة البصرة جنوبي العراق خطرا بيئيا يتمثل في ارتفاع اللسان الملحي في مياه شط العرب؛ اذ رصد مكتب مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة تلوثاً كبيرا و «إهمالاً ولا مبالاة» لمياه الشرب في مناطق شط العرب تحديداً.

إهمال ولامبالاة

وأكدت المفوضية في بيان لها، ضرورة توفير مياه صحية غير ملوثة في محافظة يلتقي فيها نهران عملاقان.

وأشارت إلى أن التلوث يشمل حتى المياه، فيما لمحت الى ان مشاريع تحلية المياه الحكومية موجودة في الإعلام فقط.

وأظهر المكتب جهود مدير ماء البصرة، لكنه أشار إلى الإهمال واللامبالاة في مناطق شاسعة في قضاء شط العرب.

وحذر المكتب من حدوث كارثة في السنوات القليلة المقبلة، مطالبا بملء خزانات المياه، في الوقت الذي وصلت فيه المياه الملوثة الى مناطق عدة في البصرة، مع التأكيد على أهمية عدم إهمال تحذيراته بشأن التلوث الخطير للمياه والهواء والتربة.

وكانت المفوضية أعلنت خلال 2018، أن محافظة البصرة منكوبة بسبب ما تشهده من كارثة بيئية، وارتفاع نسبة الملوحة في المياه ونقص الأدوية. ولفتت الانتباه إلى أن نسبة التلوث الكيماوي في مياه الشرب، التي تضخها محطات التحلية الحكومية، بلغت 100 في المائة، في حين بلغت نسبة التلوث الجرثومي 60 في المائة.

وضع معالجات حقيقية

 يقول سعد ناظم ناشط بيئي من محافظة البصرة، أن «حالات التسمم بسبب المياه انخفضت عن السنوات السابقة، لكن وضع الماء لا يزال غير جيد، ويتطلب إجراء مزيد من العمل لمنع حدوث ازمة بيئية وصحية أخرى».

واقترح خلال حديثه لـ «طريق الشعب»، على الحكومة المحلية، ان تبحث عن جذور المشاكل الرئيسية وتضع معالجات لها، بالإضافة الى أهمية الاستثمار في البنى التحتية وتحسين طريقة إدارة ملف المياه وتقليل التلوث والضرر البيئي.

ويعمل ناظم ضمن فريق «صحفيون من أجل البيئة والمناخ»، الذي يعمل بالشراكة مع الجهات المعنية بالبيئة في محافظة البصرة.

وأشرف الفريق على حملة المحافظة على البيئة ومكافحة التلوث من خلال تنظيف نهر البصرة السيمر، كونه يمر باهم مؤسسات الدولة الثقافية والفنية، والتي تعتبر من المناطق السياحية التي تستقطب السائحين، وتم توزيع بوسترات إرشادية تهدف لخلق الوعي البيئي لدى المواطنين وعدم رمي النفايات داخل النهر، وفق ناظم.

وشارك في الحملة مديرية بلدية البصرة، والبيئة، ودائرة مجاري البصرة.

فقدان نصف المياه

تقول الأمم المتحدة، إن 45 في المائة من المياه في البصرة يتم فقدانها جراء تسربها من شبكات الأنابيب القديمة والمتهالكة. كذلك جراء التجاوزات على تلك الشبكات.

حملات توعية

وتوقعت وزارة البيئة خلال العام الماضي ارتفاعًا خطيرًا في نسب التلوث والملوحة في المحافظات الجنوبية، نتيجة أزمة المياه المستمرة في البلاد، حيث حذرت الوزارة من استمرار ارتفاع نسب التلوث في بغداد والمحافظات دون اتخاذ إجراءات حازمة. فيما اعتبرت ان الوضع يتطلب إنشاء مدينة إدارية جديدة لمكافحة التلوث.

ووفقا لوزير البيئة نزار آميدي، فإن اقتراب فصل الصيف ونقص إمدادات المياه المتدفقة من الدول المجاورة، سيؤثر سلبًا على كميات المياه المتاحة في العراق، ما يتسبب في ارتفاع نسب الملوحة والتلوث، خاصة في المحافظات الجنوبية كالبصرة والمثنى وذي قار.

وثيقة المساهمات الوطنية

ويقول المتحدث باسم وزارة البيئة، أمير علي حسون، أن «الوزارة مستمرة بالتنسيق مع جميع الوزارات القطاعية لتنفيذ وثيقة المساهمات الوطنية العراقية NDC، التي تعتبر خارطة طريق لتنفيذ اتفاق باريس للمناخ. وسيتم إطلاق وثيقة خطة التخفيف الملائمة وطنياً، ووثيقة الاحتياجات التكنولوجية عام ٢٠٢٤، والتي تشكل جزءًا من الوثائق الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية ومكافحة التلوث، وتعبر عن نهج الحكومة في مجال التغيرات المناخية».

ويؤكد حسون في حديث خصّ به «طريق الشعب»، أن «الوزارة كثفت جهودها خلال العام الماضي، ودشنت العديد من الورش التوعوية، التي سلطت الضوء على كيفية الحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث والتغير المناخي».

تحذيرات

يقول الاستشاري البيئي د. جاسم المالكي من محافظة البصرة، إن «وجود ملوثات بيئية يعد تحديًا كبيرًا في المنطقة؛ حيث تلعب مياه الأنهار دورًا هامًا في نقل الملوثات، والتي تحدث عن طريق مياه المبازل ومخلفات المصانع والمنازل، التي تضاف إلى أنهر المنطقة، ما يسهم في ارتفاع نسب الملوحة».

ويؤكد المالكي خلال حديثه مع «طريق الشعب»، وجود «حاجة الملحة لتنسيق وزاري لمكافحة هذه الظواهر، والعمل على محاسبة المخالفين، إضافة إلى أهمية نشر الوعي حول مخاطر هذا التلوث وضرورة التحرك الحكومي نحو دول الجوار، وتكثيف الجهود الداخلية لإزالة الملوثات البيئية».

وبصفته مسؤولًا في إحدى المؤسسات الحكومية، يقدر المالكي نسب التلوث في بعض الأنهار، بنسبة 90 في المائة. كما وصلت نسب التسمم خلال عام ٢٠٢٠ لنحو ١١٠ أشخاص. اما في عام ٢٠٢١ فوصلت الى ٦٠ الف شخص»، مشيرا إلى أن تلك النسب تتزايد سنويًا في ظل ذبذبة إطلاقات المياه الواردة للعراق.

ويشدد المالكي على أن «الهدر وغياب الحلول الاستراتيجية يشكلان تهديدًا كبيرًا على الإنسان والثروة الحيوانية والزراعية»، محذرا من انتشار الكوليرا والإسهال بين السكان.

ويضيف، أن «الأعداد المرتفعة لحالات التسمم ونفوق المواشي، يتسبب في تصحر المساحات الزراعية وهجرة الأهالي». ويختتم المالكي بالتأكيد على أن محافظة البصرة تعيش في أزمة تلوث للمياه منذ سنوات، محذراً من تبعات خطرة على حياة سكان المنطقة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة لمعالجة هذا التحدي البيئي.

عرض مقالات: