رغم أن التغيّر المناخي في البلاد، بات واقعا لا يمكن إنكاره، وتظهر تأثيراته السلبية على مختلف جوانب الحياة، فإن هناك نقصًا مريعاً في الإجراءات المطلوبة لمواجهته. وإذا كان البشر في مقدمة المتضررين من هذه المشكلة الكبيرة، فإن الحيوانات تعاني منها أيضًا، حيث هناك حوالي 58 نوعا مهددا بالانقراض في العراق، وفق معطيات وزارة البيئة، وحملاتها التوعوية.

إهمال غير مبرر

وتتفاقم المشكلة بشكل سريع نتيجة الاهمال الكبير من قبل الجهات الحكومية؛ فحسب ما يقوله غالي المرشدي، مدير متنزه حيوانات البصرة، ومروّض الأسود فيها، فإن «التغيّر المناخي يهدد بانقراض عدد من الحيوانات البرية مثل غزلان الريم والقضاعة ناعمة الفراء والركين طويل الذنب والذئاب، إضافة إلى الأسود التي شهدت أعدادها انحساراً منذ زمن».

ويضيف المرشدي في حديث مع «طريق الشعب» إنه «بالرغم من ان العراق هو أحد المواطن الأساسية للأسود، الا ان البيئة الحالية غير ملائمة لمعيشته؛ فعملية التكاثر تتم في محميات خاصة، كما يتم توفير بيئة مصطنعة تلائم طبيعة الأسود».

وإضافة الى التغير المناخي، يذكر المرشدي أسباباً أخرى، ساهمت في تهديد وجود الحيوانات في العراق منها «الصيد الجائر وغياب المساحات الخضراء والواسعة، وتحويل بعض الأراضي الى مراكز تجارية وبيعها إلى مستثمرين، فضلا عن إهمال الجهات الحكومية مثل دائرة السياحة والموارد المائية ووزارة البيئة لهذا الأمر».

ويضيف، أنه «في السنوات الماضية كانت هناك حركة كبيرة وملحوظة للطيور، بعضها يأتي من مناطق الأهوار وأخرى تذهب اليها، مثل البجع والفلامنكو واللقلق، ثم قلّت هذه الحركة جراء جفاف المساحات المائية ومنها مدن الأهوار».

ودعا المرشدي البلديات كافة الى «انشاء محميات طبيعية تتم متابعتها من قبل البلديات»، مستذكرا تجربة بلدية السماوة التي تبنت انشاء محمية طبيعية منذ أربع سنوات، وكانت تجربة ناجحة.

وزارة البيئة

وعن الإجراءات التي تتخذها وزارة البيئة بشأن مكافحة التغيرات المناخي، يقول المتحدث الرسمي باسم الوزارة، مدير دائرة التوعية والإعلام، أمير علي الحسون: إن البيئة «تعمل بالتنسيق مع بقية الوزارات لتنفيذ وثيقة المساهمات الوطنية العراقية NDC، التي تعتبر خارطة طريق لتنفيذ اتفاق باريس للمناخ»، كاشفاً عن «إطلاق الوزارة خلال الأيام المقبلة وثيقة تتضمن خطة لتخفيف تأثيرات التغير المناخي، ووثيقة الاحتياجات التكنولوجية لعام 2024 التي تعّد من الوثائق الوطنية للتغيرات المناخية».

ويؤكد الحسون خلال حديث خصّ به «طريق الشعب»، أن «الوثائق أعلاه تمثل نهج الحكومة في قطاع التغيرات المناخية»، مشيرا الى انه خلال العام الجاري كانت هناك «جهود توعوية كبيرة، من قبل دائرة التوعية والإعلام البيئي؛ اذ تم تنفيذ خطة لتوعية أصحاب القرار، شملت إقامة ورشات عمل لكافة الوزارات، وتحديداً الإدارات العليا والوكلاء العامين والإدارات الوسطى».

ويذكر الحسون، أن الوزارة ستطلق حملة توعية أخرى بعد اسبوعين، وإنها «تستهدف الإدارة الجديدة للحكومات المحلية، وستتضمن التوعية بكيفية التعامل مع التغير المناخي من خلال مناصبهم».

ويشير الى انه «تم تشكيل لجنة برئاسة الوكيل الفني للوزارة وعضوية مدير عام التوعية والاعلام، وعدد من المدراء العامين في وزارة التربية، وتهدف الى تغيير المواد الدراسية وجعلها تلائم الوضع المناخي الحالي».

تهديد

وفي هذا الصدد، يقول الناشط البيئي سلام احمد: إن «التغير المناخي يشكل سببا في فقدان العديد من الميزات الطبيعية والبيئية للبلاد، في السهول والجبال والاهوار، جراء الجفاف وارتفاع درجات الحرارة»، مشيرا الى ان العراق كان موطناً منفرداً للعديد من الحيوانات، التي وجدت فقط على ارضه.

ويضيف قائلاً في حديثه مع «طريق الشعب»، أنّه «يفترض ان يتخذ العراق إجراءات عاجلة لحماية الحيوانات، ووضع خطط بشأن ذلك، خاصة في ظل عضوية البلد باتفاقية (رامسار)، المعنية بالمحافظة على الموارد الطبيعية والأراضي الرطبة والحيوانات والطيور المهددة بالانقراض، والتي انضم اليها العراق وادرج فيها هور الحويزة في العام 2007 وهور الحمار والأهوار الوسطى وبحيرة ساوة، مع نهاية العام 2015».

ويشير سلام الى أن «منظمة طبيعة العراق حذرت في وقت سابق من انقراض 58 نوعاً من الحيوانات والطيور في مختلف مناطق البلاد، وهذا مؤشر خطر يهدد الحياة البيئية في البلاد».

ويؤكد، أن «الإجراءات الحكومية لا تتلاءم مع حجم المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد اخر، حيث لا يستمع احد للعديد من الملاحظات التي ينادي بها الخبراء والناشطون في مجال البيئة».

ومن بين الحيوانات المهددة بالانقراض، يشير الناشط البيئي الى البقر الوحشي، الأسد، الحمار الوحشي، غزلان الريم وغيرها.

عرض مقالات: