يشكو أصحاب الهمم تهميشاً وإهمالاً كبيرين، جرّاء تناسي الحكومة لحقوقهم ومطاليبهم، التي تتمحور حول تجهيز المباني والمؤسسات الحكومية والمستشفيات ومواقف السيارات بما يناسب احتياجاتهم، وإنشاء ممرات آمنة لهم في الطرقات والشوارع العامة.

ويصف مراقبون الدور الحكومي الخاص بهذه الشريحة بأنه «مغيّب وخجول»، ولا يتعدى الكلام، بينما تحرص فرق تطوعية ومنظمات مجتمع مدني محلية ودولية على تقديم المساعدة لهذه الشريحة.

وتقدر نسبة الأشخاص من ذوي الهمم بنحو 13 في المائة من أصل عدد السكان، وهي نسبة مرشحة للارتفاع في ظل استمرار مسببات تصاعدها كحوادث السير والسلاح المنفلت والحروب وغيرها.

مهمّشون

وتعرّض الشاب حيدر العرداوي، إلى شلل مفاجئ قبل عدة سنوات، بسبب وجود ورم في العمود الفقري، حيث تخلو المؤسسات الصحية في العراق من العلاجات الخاصة به.

يقول العرداوي، إنّ العلاجات الخاصة بمرضه موجودة في ألمانيا، والسفر اليها أمر غير ممكن بالنسبة له.

ويضيف العرداوي في حديث مع «طريق الشعب»، «ليس من السهل أن تكون حبيساً لكرسي بين ليلة وضحاها، فبعد الإصابة بهذا المرض، بدأت رحلة أخرى من حياتي، مليئة بالمصاعب والتحديات، خاصة أني كنت طالبا جامعيا».

عمل العرداوي رغم مرضه بالمجان لمدة 10 سنوات في جامعة الكوفة، دون أن يستسلم، حتى تمكن من الحصول على وظيفة له في قطاع التربية. ولهذا يناشد أصحاب الهمم بأن لا «ييأسوا وأن يستمروا في مواجهة كافة صعوبات الحياة، اذ لا تشكل الإعاقة الجسدية حاجزا يمنع النجاح».

وعن أبرز التحديات التي تواجه ذوي الهمم، يبين العرداوي أن «البيئة العامة في العراق غير صديقة لذوي الهمم. لا أحد يحسب لحسابهم في كل مكان»، مشيرا إلى غياب الرعاية الصحية لهذه الشريحة «على الرغم من حاجتهم لها بشكل يختلف عن باقي الشرائح، لإصابتهم بأمراض مزمنة وإعاقات جسدية».

ويلفت الى غياب التمثيل الرسمي لذوي الهمم في الدوائر الحكومية، لأجل مساعدتهم في تسهيل المعاملات، حتى لا يضطر صاحب الإعاقة الى الانتظار.

ويضيف، ان «الجانب التعليمي هو الآخر مهمل بشكل كبير. وهناك إهمال للفئات الفنية والمبدعة من ذوي الهمم»، مؤكدا ان رواتب الرعاية لا تتجاوز تسعين الف دينار عراقي، والتي لا تسد احتياجاتهم لأسبوع واحد «نحن مهمشون بامتياز» هكذا يختصر العرداوي قصة المأساة.

جهود تطوعية

وفي ظل غياب الدور الحكومي، تنشط الفرق التطوعية لمساعدة هذه الشريحة ومحاولة تقديم المساعدة ضمن امكانياتها المحدودة. ومن ضمن هذه الفرق، كان هناك فريق (أصدقاء ذوي الهمم)، الذي تقول مسؤولته ياسمين الشرع: أن «الفريق أنشئ بهدف النهوض بواقع الخدمات المقدمة لأصحاب الهمم، كونهم الشريحة المنسية بالرغم من أهميتها».

وتشير في حديث مع «طريق الشعب»، الى ان «الفريق يعمل على جانب التمكين السياسي لهذه الشريحة، ومحاولة ايجاد تمثيل لهم في مناصب حكومية وسياسية، بالإضافة الى ذلك نعمل على دمجهم مجتمعياً من خلال الأنشطة التي يتبناها الفريق، والحرص على إقامة لقاءات دورية ومهرجانات سنوية».

وتضيف، أن «الفريق سعى الى اكتشاف العديد من المواهب الدفينة لأصحاب الهمم، وتمكن العديد منهم من التفوق في المراكز الأولى».

وطالبت الشرع بـ»تخصيص شعبة أو قسم لخدمة هذه الشريحة في جميع دوائر ووزارات الدولة».

وتصف الشرع دور الحكومة تجاه هذه الشريحة، بـ»الخجول، وأنه لا يرتقي لمستوى طموح شريحة كبيرة من المجتمع»، موضحة ان «حقوق أصحاب الهمم مسلوبة واغلبهم لا يملكون الأدوات لإيصال أصواتهم، ما يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع لمحاولة مساعدتهم ومد يد العون لهم».

لا دور للحكومة

ويقول مدير الدائرة القانونية في دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، في محافظة النجف، سبحان الفتلاوي أن «دور الجهات الحكومية تجاه ذوي الهمم يتمثل بإعطاء رواتب فقط»، والتي «تتحدد وفق درجة الإعاقة، ولا تتجاوز في أحسن الأحوال 200 ألف دينار».

وأشار الفتلاوي إلى غياب «المدارس المؤهلة لاستقبالهم»، مشيرا الى أنه تمكّن من افتتاح معهد خاص لبعض الشرائح من ذوي الهمم، عندما كان مسؤولا عن قسم الاحتياجات لذوي الإعاقة «حيث كان المعهد يستقبل سنويا 91 طالباً».

وانتقد الفتلاوي بشدة قيام «بعض الموظفين بطلب الرشى من ذوي الهمم مقابل الحصول على راتب الرعاية».

وسبق للفتلاوي أن قدم مقترحاً لمستشارة رئيس الوزراء لشؤون الرعاية الاجتماعية، سناء الموسوي، بشأن تقليص الإجراءات الخاصة باستحصال راتب الرعاية الاجتماعية، لمنع استغلال ذوي الهمم، لكنها لم توافق على مقترحه.

عرض مقالات: