اخر الاخبار

تغيب الخطط الاستراتيجية الحقيقية الداعمة للشباب في العراق بشكل واضح، وبالتالي فان ذلك يسبب زيادة في نسب البطالة والفقر، هاتان الظاهرتان اللتان خلفتا تداعيات؛ فبينما يعمل الخريجون في أعمال حرة لا ترتقي لمستوى تحصيلهم العلمي، يلجأ البعض الآخر الى الانخراط في أعمال غير أخلاقية وقانونية. اما الفئة الثالثة فيتخذون من الهجرة خيارا قاسيا.

وتزداد هجرة الشباب العراقي بصورتها الشرعية وغير الشرعية عاما بعد اخر، اذ هاجر أكثر من 75 ألف مواطن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، منهم ما يقارب 38 شخصا لقوا حتفهم اثناء الرحلة، و27 شخصا اختفوا دون أثر، كما هناك أعداد كبيرة منهم في السجون.

هيثم رسول (مواطن من حي الإعلام) يقول لمراسل “طريق الشعب”، إنّ الهجرة أصبحت “الخيار الأفضل بالنسبة للكثير من الشباب، بل يرونها الخلاص لهم ولمستقبلهم، وبالرغم من معرفتهم بالمصاعب وبدرجة الخطورة الا انهم لا يخشون ذلك، فحقوقهم في بلادهم أصبحت تحت احتلال الميليشيات والعصابات والسلاح المنفلت والأحزاب المخادعة، التي تواصل نهش حق العراقيين بالحياة في بلد آمن ومستقر مادياً”.

ويضيف، أن “أصدقاء له هاجروا ونجحوا في اجتياز كل المخاطر”، مؤكداً أنه يسعى إلى اللحاق بهم، الا ان ما يوقفه عائلته التي تعتمد عليه، لكنه لا يستطيع أخذهم معه والمخاطرة بهم.

هروب من الواقع

يقول عبد الله ليث، أحد العراقيين المهاجرين، إنّ “سوء الوضع السياسي وما ينتجه من أزمات اقتصادية واجتماعية وامنية، واستشراء الفساد والإدارة ودخول الواسطة والرشوة في التوظيف، دفعت العديد من الشباب الى الهرب باي وسيلة كانت”.

ويصف ليث في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، حال الشباب العراقي بأنهم “مرهقون ومتعبون، ويحملون مسؤولية كبيرة على عاتقهم منذ الصغر، بالإضافة الى أن جهودهم في الدراسة تذهب في مهب الريح بسبب عدم وجود وظائف”.

“لا يبالي الكثير من الشباب بخطورة الهجرة عبر البحر او البر بشكل غير شرعي، بعدما عجزوا عن إيجاد فرص عمل في مجال تخصصاتهم في بلادهم وتحقيق أحلامهم”، بحسب ليث الذي هاجر قبل عشر سنوات مع جمع من الشباب، الذين لم يبالوا بما سيواجهون من مخاطر.

انعدام الأمان

ويؤكد المعموري وهو صحفي استقصائي، إن “سيطرة الأحزاب المتنفذة والفصائل المسلحة التي تتقاسم الموارد والمناصب والوظائف، وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة وعدم الاهتمام بالفئات الشابة وارهاقهم بالانشغال في توفير قوتهم اليومي، جعلتهم يفضلون الهرب لاي مكان قد يوفر لهم حياة كريمة، ويساعدهم في تحقيق احلامهم”، مشيرا الى انه “بالرغم من سقوط ضحايا كثر نتيجة الهجرة السرية، الا انها مستمرة”.

ويلفت المعموري خلال حديثه مع “طريق الشعب”، الى وجود هجرة تتعلق بالنشطاء المدنيين والصحافيين والمدونين وبعض المهن الأخرى التي تملك تأثيرا على الرأي العام، والذين يطاردون من قبل بعض الجهات المتنفذة التي تملك سلاحاً منفلتا”، مشيرا الى انهم يحاولون الهجرة بطرق شرعية.

ويحمل المعموري الحكومات والأحزاب العراقية مسؤولية هجرة العراقيين وتحديدا الشباب، وتحملهم مخاطر كبيرة في سبيل الوصول إلى مناطق آمنة والبحث عن حياة أفضل.

ويؤكد، أن استمرار المشاكل السياسية ومساعي الأحزاب للتناوب على السلطة ستؤدي إلى هجرة الميسورين ايضاً.

وينوه بان الخطة التي وضعتها وزارة الهجرة والمهجرين لن تحقق نتيجة اذ لم تكن هناك إرادة حقيقية لحل هذه المشكلة، التي تتسبب بطرد الكفاءات والشباب من بلادهم.

مقترح للحل

من جانبه، يعزو رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي ارتفاع نسبة الهجرة غير الشرعية للعراقيين، الى عدة عوامل أبرزها “الظروف الاقتصادية والمعيشية وارتفاع تكلفة المعيشة التي أدت الى الارتفاع الكبير في نسبة الفقر والبطالة، خصوصاً لدى شريحة الشباب، التي تمثل النسبة الأكبر من الشعب العراقي”.

وبشأن الحد من الهجرة غير الشرعية للعراقيين يقترح الغراوي في حديث مع “طريق الشعب”، “وضع خطط وحلول لمعالجة نسبة البطالة والحد من نسبة الفقر وإيجاد فرص عمل حقيقية للشباب، إضافة الى الاهتمام بالجانب الخدمي الأمني والاجتماعي”، معتبرا ان هذه العوامل ستساهم بتقليل نسبة الهجرة، لكنها تحتاج الى قرارات حكومية استثنائية.

حملة وزارية

وأعلنت وزارة الهجرة والمهجّرين خلال هذا العام عن إطلاق الحملة الوطنية للحدِّ من مخاطر الهجرة غير الشرعية في البلاد بعد استحصال موافقة مجلس الوزراء على ذلك.

وأكدت وزيرة الهجرة والمهجرين، ايفان جابروا خلال مؤتمر صحفي “دعمها للعودة الطوعية ورفضها العودة القسرية للعراقيين المتواجدين في دول المهجر”، مشيرة الى “ضرورة تعريف الناس بمساوئ الهجرة غير القانونية وانعكاساتها السلبية على المجتمع في جميع نواحي الحياة”.

وأوضحت، أن “الوزارة مستمرة بالتواصل مع فئات العناية في الخارج، ونستمع إلى مشاكلهم ونحاول حلّها، سواء ما يتعلق بإصدار مستمسكات ثبوتية أو إنجاز المعاملات الضرورية”.

وشددت جابرو على حاجة العراق إلى خبرات وكفاءات أبنائه “ليشاركوا في بناء البلد والنهوض به في جميع القطاعات”، معربةً عن خشيتها من وقوع الشباب العراقي “في يد عصابات الاتجار بالبشر أو المتاجرين بالأعضاء البشرية”.

وبحسب الأرقام التي أعلنت عنها مؤسسة “لودكا”، وهي إحدى المؤسسات المعنية بمراقبة الهجرة في إقليم كردستان وفي العراق، فإن هناك 145 ألف لاجئ أو مهاجر حاولوا الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وقدموا طلبات لجوء إلى هذه الدول. وفي العام 2021، كان هناك 73 ألف طلب لجوء مقدم. وفي العام 2022، وصل العدد لما يقارب 72 ألف شخص حاولوا اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي.

 

عرض مقالات: