اخر الاخبار

تنعكس عادات وتقاليد المجتمع سلباً على الكثير من النساء، خاصة في مناطق الريف، في ما يتعلق بالحق في التعليم والحقوق الاخرى. فنسبة الأمية بين نساء الريف، حسب التحليل الشامل للأمن الغذائي والهشاشة للأسرة في العراق عام 2016، تقرب من 27.3 في المائة، بينما لا تستطيع سوى 1.8 في المائة منهن إكمال دراستهن او بلوغ  مراحل متقدمة فيها.

وتبدأ المواطنة حلا عمر (50 عاماً)، التي تسكن قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، يومها قبل أن تشرق الشمس، حيث تصحو في الرابعة فجراً لتهيئة التنور والخبز. وبعدها تحضر الفطور للعائلة، كي يخرج من يذهب إلى أرضهم الزراعية او لرعاية المواشي، فيما تقوم هي أيضا بحلب الأبقار. وهذا كله قبل ان تعود إلى المنزل لإعداد وجبة الغداء.

لقد حُرِمَتْ حلا، كسائر النساء في مختلف مناطق البلاد، من التعليم بسبب زواجها المبكر الذي أُرغِمَها عليه والده.  وهي تقول لـ «طريق الشعب» أن والدها «كان يُفَضِّلُ تعليم الأبناء على البنات، وتلك عادةٌ يتوارِثَها الأبناء من الآباء.»

وتضيف موضحة انها «وأخواتي الأربع لم نَدْخُلِ مدرسة، وأكبرنا تزوجت وهي لا تَتَجاوَزُ ١٢ عامًا من  العمر».

ولا تُريد حلا أن تَلَقى ابنتها نفس المصير. لذلك حَرَصَتْ على تعليمها حتى اكملت دراستها الجامعية في كلية القانون، إلا أنها لم تَتَمَكَّنْ من ممارسة تخصصها حتى الآن بسبب ضغط العمل عليها كامرأة في منطقة زراعية. مستطردة بالقول «ان تعليم المرأة وعملها قبل الزواج سندان لها في الحياة». وبخصوص العائدات المالية من عملها، تفيد حلا أن زوجها هو المسؤول عن الإيرادات المالية من بيع المحاصيل وهو أيضًا المسؤول عن توفير متطلبات المنزل، ولا تتقاضى هي أية أجور مقابل عملها اليومي المستمر.

وتتضارب الأرقام بخصوص نسب الأمية المرتفعة في البلاد عموما، فوزارة التخطيط تقول بوجود انخفاض في هذه النسبة خلال العشرة أعوام الأخيرة.

ويقول المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لـ «طريق الشعب» إن «نسبة الأمية انخفضت إلى 50 في المائة خلال العشر سنوات الأخيرة»، موضحًا انه «في عام 2012 كانت نسبة الأمية 20 في المائة وقد انخفضت مطلع 2022 إلى 12 بالمائة».

وأضاف ان «معدلات الأمية ترتفع وسط الإناث إلى حوالي 28 في المائة، فيما تقدر في صفوف الذكور بنحو 13 في المائة، وان الارتفاع بين الاناث ناجم عن الضغوط المجتمعية التي تتعرض لها النساء مقارنة مع الرجال».

في المقابل أعلنت الأمم المتحدة في اليوم العالمي لمحو الأمية ( ٨ أيلول الجاري) أنه كان في العراق مطلع العام الماضي ١٢ مليون أمي.

وأفاد عضو لجنة التعليم البرلمانية جواد الغزالي أن «النسبة التي أعلنت عنها وزارة التخطيط تعني وجود نحو ٦ ملايين مواطن عراقي غير متعلمين وهذا يخالف الواقع».

ورأى الغزالي في تصريح لـ»طريق الشعب»، أن الرقم أعلى بكثير، خاصة مع الإهمال الشديد الذي تعانيه المؤسسات التربوية في العراق، والمتمثل بضآلة التخصيصات المالية، فضلاً عن ارتفاع نسب الفقر في البلاد، وما يؤدي اليه من تفضيل الكثير من العائلات زج أبنائها في سوق العمل بدلاً من التعليم. ويذكر النائب الغزالي أن «الأمية في العراق تشمل ما يزيد على ١٣ مليون مواطن»، معتبراً أن ما أعلنته وزارة التخطيط «لا يتناسب مع الواقع وما يعانيه المجتمع من تحديات اقتصادية كثيرة وكبيرة، ولم تعمل الحكومة حتى الآن على معالجتها».

وبخصوص الإجراءات الحكومية لدعم العائلات الفقيرة، يقول النائب الغزالي أنها «دون المستوى المطلوب، وهناك حاجة كبيرة لان يتكفل الجانب الحكومي بتطبيق مجانية التعليم ويوفر كافة متطلبات الدراسة».

ويشير إلى أن «التعليم في عموم محافظات العراق في حالة انهيار مستمر، وصل إلى مرحلة عجز الوزارة عن توزيع الكتب والقرطاسية المدرسية على التلاميذ، وبالتالي يتحمل الأهالي تكاليف إضافية إلى جانب تكاليف الحياة الاقتصادية الصعبة».

وعن ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث مقارنة بالذكور، قال أن «هناك حاجة ملحة بهذا الخصوص إلى تكثيف حملات التوعية، وتأكيد أهمية التعليم للمرأة، خاصة وأنها المسؤولة الأول عن رعاية الأبناء وتربيتهم، بالإضافة إلى الاهتمام الحكومي بتوفير مدارس خاصة لمحو الأمية للنساء، والاهتمام بتعليم أكبر عدد منهن» معتبراً أن «هناك تقصيراً كبيراً من الجانب الحكومي في الحد من نسبة الأمية في البلاد».

عرض مقالات: