اخر الاخبار

في الحادي والثلاثين من تموز 1935 تسامى صوت مدوٍ في بلاد الرافدين، إذ سطعت (كفاح الشعب)، الصحيفة السرية الأولى لحزبنا الشيوعي العراقي، في سماء البلاد.

وكأن هذا الشبح راح يجول في العراق، فيقض مضاجع الطغاة. وليس أعمق دلالة على ذلك من قولة رشيد عالي الكيلاني، وزير داخلية حكومة ياسين الهاشمي يومذاك، وقد عاد مزهوا بعد قمع انتفاضة سوق الشيوخ، ليجد نسخة من (كفاح الشعب) على مكتبه: “هذه الورقة أشد خطرا من ثورة سوق الشيوخ، فاذا ما ثبتت أفكارها سيستحيل علينا قلعها”.

وقد كان الكيلاني على حق، فالشيوعيون العراقيون يستعدون لاستقبال الذكرى التسعين لتأسيس حزبهم، وهو مايزال، رغم الأهوال التي قل نظيرها، فتيّا بتاريخه المضيء، وتضحياته الجسام، ومواقفه السياسية والفكرية الناضجة، وبرامجه الثورية الواقعية، ومنهجه العلمي المتجدد، وتبنيه لمصالح الشغيلة والكادحين، وتجسيده للسمات الوطنية والطبقية والأممية، وللمثل النبيلة، وقد ظلت تجتذب الأجيال، وتلهم المكافحين من أجل وطن حر وشعب سعيد.

ومنذ صدور (كفاح الشعب) بقيت صحافة حزبنا أمينة لوصية لينين التي تضمنها مقاله الشهير (بم نبدأ ؟): “الصحيفة ليست فقط داعية جماعيا ومحرضا جماعيا، بل هي، في الوقت نفسه، منظم جماعي”.

فكانت صحافة الحزب مدرسة خرجت من معطفها أجيال من الصحفيين ممن كان كثير منهم قد مارسوا دور المعلمين لأجيال جديدة أخرى.

وفي هذا المسار، الشاق والمجيد، تألقت أسماء شهداء الصحافة الشيوعية في العراق، الذين قدموا أمثلة ملهمة في الدفاع عن الحقيقة، والتضحية في سبيل قضية الشعب والوطن: وكانت أسماء فهد، وحسين الشبيبي، وعبد الرحيم شريف، ومحمد حسين أبو العيس، وعبد الجبار وهبي، وعدنان البراك، ونافع يونس، وحسن عوينة، وشمران الياسري، واسماعيل خليل، وثائرة فخري بطرس، وسامي العتابي، وقاسم محمد حمزة، وهادي صالح، وكامل شياع... والقائمة تطول، كانت وتبقى أسماء محفورة في ذاكرة التاريخ.

لقد ظلت الصحافة الشيوعية منارا هاديا لمكافحي الحزب، وسائر مكافحي البلاد، من النساء والرجال، الذين وجدوا في هذه الصحافة معينا لا ينضب للوعي وأفكار التقدم والتنوير، وللدفاع عن حرية الفكر والتعبير، وحقوق المرأة، وقيم الثقافة التقدمية، وطموحات القوميات المتآخية، والتنوع الثقافي في المجتمع العراقي.

وتواصل صحافة حزبنا تجسيد سياسة الحزب وبرنامجه، وتتصدى للقضايا الراهنة، وتحلل وجهة التطور الاجتماعي، وتكشف عن حقائق الواقع والتطورات على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وتعبر عن المواقف بشأن مختلف القضايا، مواصلة مهمات السعي الى “التغيير الشامل.. دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية”.

اليوم نمجد شهداء الصحافة والفكر..

اليوم نجدد العهد على المضي في الطريق الذي دشنته (كفاح الشعب).. فمن شرارتها اندلع لهيب الكفاح الذي لا يلين من أجل الغايات الساميات..