اخر الاخبار

ثبّت المنهاج الوزاري للحكومة الجديدة  بشان الانتخابات“ التزام الحكومة بالقيام بواجبها في دعم المفوضية المستقلة للانتخابات في جميع المجالات، لتمكينها بالقيام باجراء الانتخابات القادمة لمجلس النواب الاتحادي وانتخابات مجالس المحافظات، وذلك بتوفير التخصيصات المالية وتهيئة الاجواء الآمنة المستقرة لاجراء الانتخابات لضمان نجاحها ونزاهتها”. 

وفي ورقة المنهاج الوزاري التي اتفقت عليها الكتل السياسية المشكلة والداعمة للحكومة،   والتي بعد تصويت مجلس النواب عليها غدت ضمن منهاج الحكومة ومُلزما لها، ورد ذكر الانتخابات في عدة مواقع: “اجراء انتخابات مجالس المحافظات وتحديد موعد اجرائها في البرنامج الحكومي” وكذلك“تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة اشهر، واجراء انتخابات مبكرة خلال عام”. 

ورغم هذه النصوص الصريحة بشان الانتخابات المبكرة وتحديد مواعيد إنجازها، ظهرت تصريحات من بعض القادة السياسيين، وأخيراً من رئيس الجمهورية الدكتور لطيف رشيد، تتنصل من التزام تنظيمها، كما أن ما تضمنه المنهاج الحكومي بخصوصها جاء عموميا من دون سقوف زمنية، فيما رهن رئيس الوزراء اقامتها، في تصريح له منذ أيام، بقرار  مجلس النواب حل نفسه. 

ان على الحكومة الحالية ان تفي بوعودها في ما يخص الانتخابات المبكرة، فهذا مطلب ليس للقوى والكتل السياسية او لبعضها الذي توافق على تمرير الحكومة، بل هو بالأساس مطلب شعبي وجماهيري.

ولماذا هذا المطلب ما زال قائما وملحا ؟  

بدءا يتوجب القول ان مجلس النواب الحالي امتلك عند انتخابه الشرعية القانونية، لكنه فاقد التمثيل الحقيقي للمواطنين، بدليل ان غالبية الذين يحق لهم التصويت، إما عزفوا عن المشاركة في التصويت او قاطعوه، ولم تتجاوز نسبة المشاركين الـ ١٨ في المائة، فهو اذن برلمان يمثل اقلية، وهي عموما الأقلية الحاكمة ومن يدعمها ويساندها. ثم ان هذه النسبة انخفضت بعد استقالة نواب التيار الصدري من المجلس، بما يمثلون عددا وبعدا جماهيريا. 

وعلينا هنا إعادة التأكيد بان جماهير واسعة قد فقدت الثقة بالمنظومة الحاكمة المؤسسة على المحاصصة، وانها  تتطلع الى الانتخابات المبكرة، التي كان مطلب المنتفضين في تشرين الاول ٢٠٢٢ ان تكون رافعة لتغيير بات مطلوبا وليس ترفا فكريا، وان تكون خطوة واعدة على طريق تغيير موازين القوى لصالح أصحاب المشروع البديل، الوطني الديمقراطي.

من جانب آخر هناك قناعة كبيرة بان لا امان ولا استقرار ولا تنمية حقيقية، مع هيمنة منظومة المحاصصة والفساد وانتشار السلاح المنفلت، ولذا بات مطلوبا زعزعة هذه المنظومة، وان الانتخابات المبكرة بشروطها المعلنة يمكن ان تسجل بدايات تفكيك هذه المنظومة، التي جُرّبت ولم تجلب لبلادنا سوى الخراب والدمار والكوارث على مختلف الصعد.

لابد للحكومة الجديدة اذن من المضيّ بتهيئة الاستحقاقات المطلوبة، والبدء باعداد مسودة قانون جديد للانتخابات البرلمانية، او ادخال تعديلات جدية على القانون النافذ الحالي، بما  يجعله اكثر عدلا وانصافا وتمثيلا لارادة المواطنين، مع إعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية وابعادها عن المحاصصة والتوافقات السياسية، وان تكون معاييرها واضحة وصريحة وموحدة وتشمل جميع المحافظات. 

والامر الهام الآخر، وهو تحد كبير امام الحكومة الجديدة والقضاء والمفوضية، ذو صلة بالتطبيق السليم لقانون الأحزاب السياسية، ومنع من يمتلك منها السلاح تحت أي عنوان من المشاركة في الانتخابات. 

كما ان تحقيق انتخابات عاجلة ونزيهة يتوجب وجود منظومة انتخابية كفوءة ومحايدة وتقف على مسافة واحدة من الجميع، وان يعاد النظر في تركيبة المفوضية ومؤسساتها، في المركز وفي المحافظات، وان يعاد بناؤها على أسس الكفاءة والنزاهة والقدرة الفعلية على الإنجاز. 

ان جماهير واسعة تنتظر من الحكومة خطوات في هذا الاتجاه، وان على مجلس النواب هو الآخر مسؤولية كبيرة في تنفيذ ما صادق عليه من فقرات وبنود المنهاج الوزاري، من دون ابطاء او تسويف او اعذار بشأن الأولويات. 

فعلى هذه الحكومة ومعها الكتل السياسية التي شكلتها ودعمتها، كذلك مجلس النواب، عليهم ان يدركوا عميقا دروس الفترة الماضية ويتعظوا بها، فيستجيبوا لمطالب الناس المشروعة، وبضمنها اجراء الانتخابات المبكرة كما جاء في ورقة المنهاج الوزاري.