اخر الاخبار

يعد تنظيم الأسواق والسيطرة على حركتها، في معظم المذاهب السياسية والاقتصادية، واحدا من أولويات الحكومة، ويشمل من بين أمور عديدة حركة الأسعار وحركة الأموال وقياس جودة البضائع بأنواعها واختلاف مناشئها بما يصب في الحفاظ على حياة الناس وصحتهم ومسكنهم ومواجهة المخاطر التي تنغص حياتهم الناتجة عن أشكال الاستغلال ومصادر الاحتكار وأساليب التداول النقدي وانعكاسها على مستويات الأسعار وعلى عملية التنمية الاقتصادية في نهاية المطاف.

إن البحث في كل هذه التفاصيل يستلزم تناول العوامل المباشرة وغير المباشرة المؤثرة فيها، فعلى سبيل التوضيح أن تناول مستويات الأسعار بوصفها مؤثرات مفصلية مباشرة في حياة المواطنين وضمان العيش اللائق من خلال وفرة مستلزماتها، فبين العوامل المؤثرة فيها بصورة غير مباشرة الضرائب والرسوم التي تفرض على السلع والبضائع المستوردة والتي تنعكس لاحقا على مستوى الأسعار وتؤثر في نهاية الأمر على حماية المستهلك من الآثار السلبية الناتجة عنها والموازنة الفعلية لبرمجة استهلاك الفرد في ضوء مستوى دخله وأن زيادة هذه الرسوم او تخفيضها في الدوائر الكمركية على سلع الاستيراد على سبيل المثال تتحدد في مدى الحاجة لأغراض الاستهلاك الشخصي الضروري والحاجة لسد الطلب لغرض الإنتاج وحاجات التنمية الصناعية.

والعامل الثاني المؤثر في حركة الأسواق والحاجة إلى تنظيمها يتمثل في شكل تداول العملة بين الأطراف الفاعلة في حركة السوق لتنظيم عملية التبادل، غير أن ضبط هذا العامل والسيطرة على آثاره يتحدد بطريقة إنفاذ مبدأ ما يسمى بالسيادة النقدية التي تمنع تحكم أية عملة أجنبية بالتسعيرة داخل البلد ومنع ما يسمى بالازدواج النقدي، ومن المعروف أن هناك سوقين للصرف الأول السوق النظامي يتمثل بالبنك المركزي كمنصة تتحكم في بيع العملة الأجنبية لأغراض استيراد البضائع من قبل القطاع الخاص، والسوق غير النظامي المسمى بالسوق الموازي وهذا الأخير يمثل 10 في المائة من حجم التداول النقدي في السوق العراقية، ولكنه يمثل الخاصرة الأكثر خطورة على مستوى الأسعار التي تصاعدت بصورة كان ثمنها غاليا على أصحاب الدخول الواطئة والمحدودة، ما يضع حماية المستهلك في الهدف، ومن هذه الزاوية أظهرت ظاهرة استخدام الدولار في السوق العراقية ضعفا حاكما في سياسة الدولة المتعلقة بحماية المستهلك، ومن هنا يبرز التهاون في اتساع ظاهرة الدولرة في التعاملات الداخلية التي تتعارض مع مبادئ الدستور العراقي الذي أكد على حماية العراقيين وتوفير العيش الكريم لهم.

والعامل الثالث المؤثر في تنظيم السوق وضمان سلامة البضائع والسلع المتداولة يتمثل بالتقييس والسيطرة النوعية سواء المستوردة منها او المنتجة محليا ما يدخل منها في الاستهلاك الشخصي من غذاء ودواء وملبس او ما يدخل منها في العمليات الإنتاجية او الخدمية، لكن الوقائع على الأرض تشير إلى ارتباك في إدارات الموانئ والمنافذ الحدودية وارتباك في طبيعة الإجراءات المتخذة وفشل في السيطرة النوعية وتفتقر إلى النزاهة والانضباط، فغالبا ما يصار إلى تأخير انسيابية البضائع وتأخيرها لأيام وبالتالي تسببها في تلف البضائع خاصة التي تدخل في غذاء المواطن او علاجه او ربما تكون بالأصل غير صالحة للاستهلاك او الاستخدام لأغراض خدمية او صناعية، وكل ذلك ناتج عن تقصير الجهات العراقية المعنية بفحص وتقييس جودة تلك البضائع او التعاقد مع شركات متخصصة في أداء هذه الوظيفة.

  إن تنظيم السوق مهمة الدولة بما فيها السلطة التنفيذية وأنها مطالبة باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لهذا الغرض ونقترح من بينها:

  1. الانتهاء من ظاهرة الدولرة والازدواج النقدي في التعاملات الداخلية ومنعها قانونيا وتفعيل التوجيهات الحكومية السابقة المتعلقة باعتماد الدينار في التعاملات اليومية.
  2. تشكيل مجلس أعلى لحماية المستهلك المشار له في قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 ليكون الجهة الرسمية الوحيدة المعنية بالتخطيط وقوننة الدفاع عن حقوق المستهلك ومراقبة سير اتجاهات السوق بالتنسيق مع وزارة التجارة.
  3. تشكيل جهاز مركزي لتحديد الأسعار يتولى مهمة حركة الأسعار والحد من محاولات التلاعب بها وإلزام أصحاب المولات التجارية وتجار الجملة بالالتزام بالقوائم التي يحددها الجهاز.
عرض مقالات: