اخر الاخبار

تعتبر القروض الخارجية التي تلجأ اليها الدول النامية في الغالب، من العقبات الكأداء التي تقف أمام عملية النمو الاقتصادي من خلال حجم ومقدار هذه الديون وشروط تسديدها ، وقد اثبتت التجارب العالمية في العديد من البلدان النامية أنها تدخل اقتصاداتها في حلقة مفرغة تتسبب في إضعاف قدرة البلد على التسديد في المدى الطويل والمتوسط وبالتالي انعكاسها على مستوى التطور الاقتصادي فضلا عن دورها في تنميط شكل النظام السياسي بالنظر إلى الشروط المجحفة التي بضعها المقرضون الذين يحتكرون عمليات الإقراض بفعل هيمنة الدول الكبرى المسيطرة على صناديق الاقراض المعروفة خارج المبادي التي وضعت عام 1945 في اتفاقية (بريتون وودز )التي شاركت فيها 44 دولة.

وجدير بالتنويه أن مقدار الديون السيادية 25 مليار دولار تدفع خلال الفترة 2020 – 2028 وهناك ديون خارج نادي باريس وهي ديون سيادية تعود لعام 1990 يتطلب شطبها تعود لأربعة دول خليجية وهي السعودية والكويت وقطر والامارات وثمانية عالمية منها بولندا والبرازيل وتركيا، واجمالي هذا الدين 43 مليار دولار.

وفي العراق لنا تجربة قاسية مع هذه الصناديق لا مجال للدخول في تفاصيلها في هذا المجال المحدود لكننا سنتحدث عن تداعيات هذه القروض بما فيها القروض الداخلية من حيث الأسباب والنتائج، فحسب تصريحات المستشار المالي لرئيس الحكومة د. مظهر محمد صالح ففي عام 2020 بلغ مجموع الديون الخارجية والداخلية 134.4 مليار دولار وأن حجم الديون الداخلية 60 مليار دولار. إن أهم الأسباب التي تستدعي هذه القروض هي حجم العجوزات التخمينية في الموازنات السنوية التي تتحول عمليا إلى عجوزات حقيقية تتطلب التغطية عن طريق القروض حيث الافتقار إلى قطاع انتاجي حقيقي كفيل بتوفير الأموال الكافية لتغطية هذه العجوزات الناجمة بالأصل عن مبالغات مفرطة في النفقات العامة في الموازنات السنوية، ولابد من التنويه في هذا المجال أن الدراسات البحثية البرلمانية تشير إلى أن الوزارات المخولة بالاقتراض المؤشرة في الموازنات السنوية هي وزارة الكهرباء والنفط والبلديات والاعمار والإسكان والنقل والصحة والتربية والتعليم العالي والتجارة والتخطيط وامانة بغداد، لكن وزارة الكهرباء تهيمن على معظم هذه القروض للفترة 2018—2022 مع العلم أن الخدمات السنوية لهذه القروض تبلغ ما يزيد عن 10 مليارات وان نسبة التخصيصات الممولة من القروض الخارجية إلى النفقات الرأسمالية 20 في المائة ونسبتها إلى تخصيصات المشاريع الاستثمارية المحلية 26 في المائة وهي نسب عالية اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الوفورات المالية المتوقعة من الإيرادات النفطية في الأجل القصير، ومهما كان حجم الاحتياطات النقدية المتوافرة فانه لا تبرر اطلاق العنان لهذا الحجم من الاقتراض لوزارات تهيمن عليها جهات عرفت بفسادها خاصة وان هذه الاحتياطات قد تراكمت بفعل ارتفاع أسعار النفط المعرضة للانهيار بفعل العوامل الظرفية الدولية.

وهناك الشكل الآخر من القروض التي أخذ العراق ينتهجها، وتتمثل بالاتفاق مع الشركات الاجنبية على تنفيذ المشاريع التي لا تتوفر لدى الحكومة الاموال اللازمة لها، مما تضطر إلى الدفع بالأجل ولكن بمدة أقصر من القروض المالية من المؤسسات الدولية،  ولكنها باهظة ايضا اذا اخذنا بالاعتبار ارتفاع قيمتها وهي في النهاية شكل من أشكال القروض مما ستتحول، اذا استمر الامر على هذا الحال، إلى أعباء حقيقية ومرهقة اذا لم تتخذ الدولة استراتيجية اقتصادية تنموية قائمة على أساس تفعيل القطاعات الانتاجية السلعية وزيادة مساهمتها في الانتاج المحلي الاجمالي وسد الطلب المحلي وتحقيق مصادر مالية اخرى بالإضافة إلى قطاع البترول من خلال تنظيم عملية توطيد التعرفة الكمركية والسياسات الضريبية التصاعدية، والأهم من كل ذلك الترشيق الانفاقي ابتداء من أعلى الهرم الحكومي والتركيز على الاحتياجات الملحة وتقليص حجم الانفاق لأغراض خدمات شخصية غير مبررة، وحملة حقيقية للقضاء على الفاسدين الذين قد يلتفون على هذه القروض حسب العادة، وتفعيل الاجهزة الرقابية على أن يكون الجميع تحت مساءلة القانون.

عرض مقالات: