الحروب التي تحصل بين الدول باختلاف الأسباب المؤدية إلى حدوثها تأخذ بنظر الاعتبار الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي اتفقت عليها الحكومات، ومنها برعاية هيئة الامم المتحدة، بحيث تصبح ملزمة للأطراف المتحاربة من الناحية الادبية والاخلاقية والانسانية على الأقل، وعلى وفق ذلك هناك تقاليد وسياقات تفرض تفادي التعرض للمدنيين والاحياء السكنية بالقصف الجوي أو المدفعي، وتجنب التعرض للأطفال والنساء والشيوخ، ومراعاة الاسرى، لكن هذا التقليد لا ينطبق على بعض الأطراف المتحاربة لأنها لا تؤمن بحقوق الانسان ولأتعرف معنى الانسانية وتتعامل مع الآخر بعدوانية مقيته وكأنها تحارب حيوانات وحشية، بل هي تنظر إلى الآخر بهذه النظرة وكما قالها، وزراء في حكومة الكيان الصهيوني اللقيط، وما قامت به القوات الامريكية مع الفيتناميين والعراقيين، وما يقوم به الكيان الصهيوني المدعوم من الأمريكان والأوربيين مع الفلسطينيين في قصف غزة ورفح ، الا تعبير عن هذه الهمجية، والرسالة التي وردتني من البروفسور الدكتور عباس صيهود الفتلاوي المقيم في إسكتلاندا، توضح كيف يتعامل الأمريكان وتلاميذهم الصهاينة والتي تعبر عن الموقف الوطني للرجل الفيتنامي ( لي دوك ثو )المفاوض عن حكومة فيتنام الشمالية، وكان هذا الفيتنامي بطلًا في حرب التحرير ضد الفرنسيين والأميركيين، والذي يقابله بالمفاوضات عن الحرب القذرة الامريكية على فيتنام طوال عام 1972 و1973 في باريس، كيسنجر وزير خارجية أمريكا، الذي هاتف سيده نيكسون في مساء اليوم الرابع من ديسمبر عام 1972 وأخبره بأن لي دوك ثو صلب الرأس ويحتاج لمبرر قوي لتقديم تنازلات، سأل نيكسون كيسنجر ما المبرر الذي يقترحه؟ فأجاب كيسنجر على الفور ‘‘الكثير من B52‘‘.وهي طائرات قصف عملاقة وثقيلة، وبالفعل أرسلت الطائرات ولمدة الأسابيع الثلاثة الأخيرة من ديسمبر 1972 بدأت الطائرات الاميركية من ذلك الطراز قصفًا جنونيًا على هانوي وعلى المدنيين الذين كانوا الهدف الأول، وكان العدد21 ألف قتيل سقطوا، بل تفحموا حتى ذابوا من القنابل الحارقة والنابالم، ويروي أحد الناجين في وثائق أذاعتها شبكة PBS قبل سنوات، بأنه شاهد أربع سيارات وقد تحولت جميعها لما يُعادل حجم صندوق، سأله المذيع وماذا عن عائلتك؟ أجاب والدمع يتحجر في عينيه ؛ كانوا داخل ذلك الصندوق، حيث حققت أميركا هدفها.
عاد « لي دوك ثو‘‘ لطاولة التفاوض مع كيسنجر، وكان توقيع اتفاق السلام في يناير 1973. ومن المضحكات المبكيات أن لجنة نوبل للسلام منحت الجائزة مناصفة لهنري كيسنجر ولي دوك ثو، لكن ثو رفض استلامها وكان يعلم في قرارة نفسه أن الجائزة ممسوخة، وأن له ثأر مع الأميركيين لم ينته بعد. وبالفعل رفض الجائزة وعاود الحرب إلى أن استولى على فيتنام الجنوبية بعد أن خرجت منها الولايات المتحدة، ووحّد بلاده. ولكن واشنطن قتلت 21 ألف روح إضافية في قصف جنوني فقط لإجبار لي دوك ثو على العودة لمائدة التفاوض، اذ قتل كيسنجر الناس حرقًا، و منح نوبل للسلام على هذه الفعلة الحقيرة، وما طالب به كيسنجر، فعله المجرم القاتل شوارزكوف وبإيعاز من المجرم بوش الابن سيء الصيت مع الجنود العراقيين المنسحبين من الكويت عام 1991، فما الذي يستنتج من هذا السلوك الهمجي الامريكي الصهيوني في التعامل مع الشعوب، لا حقوق انسان ولا انسانية ولا حرية ولا ديمقراطية لا لدى الأمريكان ولا الأوربيين، إلا ما يرتبط بمصالحهم، حيث يستمر الصهاينة بقتل الفلسطينيين أهل الارض بنفس طريقة كيسنجر و شوارزكوف، دروس قتل قذرة عومل بها الفيتناميون والعراقيون، يجري التعامل بها مع أهالي غزة ورفح العزل، وأمام أنظار العالم، فأين حقوق الانسان وحريته في عالم تسوده همجية الحروب .