اخر الاخبار

في كثير من الحالات، تكون القضايا الإنسانية والمشاكل الاجتماعية والصحية أكثر فعالية من السياسة في تحريك الرأي العام وتحفيز الناس على التحرك والمناصرة لقضايا الشعوب الملحة. عبثاً يحاول الكيان الصهيوني تحويل الصراع إلى صراع ديني، تأكيدهم على أن ما يحدث من مسيرات ومظاهرات في العالم هي معادات للسامية وبنفس الوقت تحاول بعض القوى والتيارات الإسلامية وصف الصراع بأنه ديني بين المسلمين واليهود، هكذا يتم تفريغ محتوى نضال الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه من حقه في التحرر الوطني من هيمنة الاحتلال.

 عندما يتعلق الأمر بالقضايا الإنسانية وبالمنظومة الأخلاقية مثل العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، يكون التأثير أكبر وأشمل لأنها تتعلق بمصالح وقيم وأخلاق وحياة الناس بشكل مباشر.. عادةً وبنفس الوقت هذه القضايا الإنسانية والعدالة تحتاج لحاضنة فكرية وسياسية تدعمها، لذلك فأن عدم حسم الأمر لصالح هذه القوى الاجتماعية المحتجة والغاضبة على ما يحدث يعود لعدم مشاركتها في صنع القرار على المستوى الحكومي والتشريعي، من هنا تأتي الحاجة لحزب سياسي يكون حاضنة لفئات وشرائح المجتمع المختلفة، بدون هذه الحاضنة تبقى تتأرجح هذه المسيرات والاحتجاجات بين النجاح والفشل، ولدينا تجربة مريرة في انتفاضة تشرين عام ٢٠١٩.

 بشكل عام، تكون الأحزاب السياسية ضرورية لتحقيق التغيير السياسي والاجتماعي. تظاهرات الطلبة في الولايات المتحدة وأوروبا والدول الاسكندنافية يمكن أن تكون مثالاً حياً على حركة المجتمع التي تسبق حركة الحكومات، لأن الشعوب تنظر لما يحصل من إبادة في غزة (جريمة وعار على الإنسانية) بينما الحكومات تنظر اليه بعين (المصالح السياسية والاقتصادية)، وكل هذا موجود في الذاكرة الجمعية لشعوب العالم بعد معاناة الحرب العالمية الأولى والثانية، لذلك العالم اليوم يحتاج لقوة ساندة قانونية وسياسية للحفاظ على السلم العالمي وحقوق الإنسان.

هذه الاحتجاجات بعيده عن السياسة والأديان والمذاهب والقوميات، إنها بصراحة قضية مبادئ انسانية ضد الجريمة التي ترتكب بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ورفح. هذه الاحتجاجات لم تأت من فراغ بل نتيجة الفواعل الاجتماعية الضاغطة وهي روافع اجتماعية منظمة، منظمات شبابية واتحادات طلابية ونقابية، الفواعل الاجتماعية أو المحركات الاجتماعية المؤثرة لها الدور الأكبر اجتماعياً ويسعون لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع.

هيمنة الحكومات وأحزاب السلطة على هذه المنظمات النقابية يصادر حقها بالكامل ويعطل واجباتها ويعيق تحقيق أهدافها المهنية والإنسانية وبالتالي تصبح بلا قيمة وغير مؤثرة في المجتمع لأنها مسيسة وخاضعة للنظام. لذلك إعادة النظر بأهمية هذه المنظمات والنقابات أصبح أمرن ملحا ومن أجل العمل على تفعيل الدور النقابي والمهني نحتاج لاستراتيجية تشمل:

  1. التوعية والتثقيف: توجيه الجهود نحو تعزيز الوعي بأهمية العمل الجماعي وتحفيز الناس لتحقيق التغيير في مجتمعهم.
  2. الإلهام والقدوة: توفير الأمثلة الإيجابية والنماذج القادرة التي يمكن أن تحفز الآخرين على العمل والمساهمة الفعّالة.
  3. إنشاء بيئة داعمة: توفير الهياكل والمنصات التي تشجع على المشاركة وتعزز الاندماج الاجتماعي والمساهمة الفعّالة في المجتمع.
  4. تطوير القدرات: توفير الفرص التعليمية والتدريبية التي تمكن الأفراد من اكتساب المهارات اللازمة للمشاركة والتأثير الإيجابي في بيئتهم. باستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن خلق مجموعة مؤثرة حتى في مجتمع يظهر توجهًا للكسل وعدم الاهتمام بما يحيط به. هذه الحركات الاجتماعية الضاغطة تجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات إصلاحية أو حتى يمكن أن تؤدي إلى تغييرات سياسية كبرى.
عرض مقالات: