اخر الاخبار

دأبت وزارة الصحة العراقية على إصدار تقريرها السنوي العام والذي بمجمله يشكل معطيات في غاية الأهمية تؤشر إلى الواقع الاقتصادي – الاجتماعي وما يفرزانه من تأثير مباشر على الواقع الصحي.

بين يدينا التقرير الإحصائي السنوي لعام 2013 والتقرير الإحصائي السنوي لعام 2022. فمن خلال تحليل المعطيات المذكورة في هذين التقريرين المهمين ودراستهما بالمقارنة الإحصائية سنتوصل إلى نتائج مثيرة لمعرفة مخرجات سياسة الجهات التشريعية والتنفيذية خلال عقد من الزمان. 

ففي صدر التقريرين وتحت عنوان (رسالة وزارة الصحة) ورد ما يلي:

“تعمل وزارة الصحة على إتاحة الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة لكافة أفراد المجتمع وبأعلى مستوى من الجودة باستثمار الموارد المتاحة بكفاءة وفقاً لأخلاقيات المهنة وقيم المجتمع لضمان التنمية الصحية المستدامة للحد من المراضة والوفيات [وبمشاركة أصحاب الشأن]”.

ملاحظة: عبارة [وبمشاركة أصحاب الشأن] وردت في تقرير 2022 بينما في تقرير عام 2013 تنتهي(الرسالة)، عند كلمة “والوفيات”.

يبدو أن وزارة الصحة قد أخفقت في أيصال رسالتها إلى أبناء المجتمع خلال فترة قد جاوزت العشر سنوات، فعملياً ومن أرض الواقع الملموس فأن الوزارة لم تتح الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، ولم تقترب من المستوى العالي، وبالتالي لم تتمكن من ضمان التنمية الصحية المستدامة كي تتمكن من الحد من المراضة والوفيات. فبالرغم من ارتفاع عدد سكان العراق خلال عقد من الزمن إلى أكثر من 42 مليون نسمة مقارنة عام 2013 حيث كان سكان العراقي 35 مليون نسمة، إلا ان الخدمات التي قدمتها وزارة الصحة لا تتناسب مع هذه الزيادة وربما لأسباب خارج ارادتها والمتعلقة بـ:

  1. عدم الاستقرار الإداري سواء بالمركز ام بالمؤسسات التابعة لها وذلك ناتج عن سياسة المحاصصة الطائفية والأثنية.
  2. المخصصات المالية المبتسرة لوزارة الصحة والتي لا تتناسب مع ضخامة المهام المنوطة بها.
  3. انحسار المردود المالي لوزارة الصحة كون أحد مهامها هو الجانب الإنتاجي ذو المردود الربحي.
  4. الرتابة والروتين والتراجع في أداء الكوادر الطبية والصحية والتمريضية مما جعل الناتج خاضعا لقيم بعيدة عن قيم المواطنة في أداء المهام المنوطة بتلك الكوادر.
  5. عدم التوسع في المباني والمنشآت الصحية والتي من المفترض أن تتناسب مع زيادة عدد السكان.
  6. المنافسة غير المتكافئة بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات الصحية الأهلية (القطاع الخاص) وهذا مؤشر قوي جدا نحو الخصخصة والتوجه الرأسمالي للبلد، والدليل على ذلك واضح من الأرقام التالية والواردة في تقرير 2022:
  • نسبة الولادات القيصرية في المستشفيات الأهلية بلغت أعلى نسب لها (وهي 100 بالمائة) في محافظتي ديالى وبابل مقارنة مع المستشفيات الحكومية والتي بلغت (51.2 و39.9 على التوالي) وهذا يدل على:
  1. أن الحوامل اللاتي يحتجن إلى عمليات قيصرية يفضلن المستشفيات الأهلية على الحكومية.
  2. هناك “تفاهمات!!”بين المستشفيات الأهلية وبين العيادات الخاصة في إحالة الحوامل.
  • اما فيما يخص معدلات الوفيات للأطفال أقل من خمس سنوات ولكل 1000 ولادة حيّة فقد بلغت أعلى نسبة لها في محافظة النجف حيث كانت 30.3 ومعدل الوفيات للرضع لكل 1000 ولادة حية فقد بلغت 24.4، علماً أن الكثير من الولادات هي خارج المؤسسات الصحية سواء الحكومية أو الأهلية، ولكن هذه الأرقام المهولة لها دلالات مهمة:
  1. إن الرعاية الصحية للحوامل دون المستوى المطلوب.
  2. التأثير النفسي العميق للحامل حينما يتوفى وليدها.
  3. أن الالتهابات (وخصوصاً) التنفسية لازالت تلعب دوراً مؤلماً في حياة حديثي الولادة والأطفال دون الخامسة.
  4. العدوى البكتيرية وخصوصاً النفاسية عادت مما يشير إلى قصور في لقاحات الحوامل.
  5. ظروف التوليد غير الصحية.
  6. قصور في متابعة القابلات المأذونات.
  7. عودة ظهور ظاهرة الـ (جِدّة) التي تقوم بتوليد الحوامل وهي لا تملك أي خلفية طبية او صحية.
  8. انتعاش الأفكار الغيبية والظلامية بهذا الخصوص بين العائلات تماشياً مع العودة إلى الحياة البدائية بسبب فشل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 في تطوير المجتمع.

- يتبع –

عرض مقالات: