اخر الاخبار

أولى الحزب منذ تأسيسه إهتماماً خاصاً بالجانب الصحي للمواطن والمجتمع كونه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس المحددة بضوابط أقتصادية وإجتماعية مباشرة، وكان أخر ما تداوله الشيوعيون حول أوضاع الشعب كان المؤتمر الوطني العام الحادي عشر(كانون أول 2021) والذي تم خلاله أقرار برامج الحزب النضالية ومنها البرنامج الصحي، حيث تشهد الأوضاع الصحية في البلاد تراجعاً كبيراً وهي نتائج غير غريبة عن سياسة التحاصص المقيتة التي أودت وما زالت تودي بأوضاع مربكة ومرتبكة في القطاعات كافة، وهي ليست وليدة ماجرى في البلاد بعد نيسان 2003 وإنما أمتداد لما قبل ذلك التأريخ.

فقد عانت الأوضاع الصحية في البلاد من الكثير من مظاهر العجز عن تقديم الخدمات الصحية للمواطنين بما يتماشى مع ما توصلت أليه العلوم الطبية والصحية والتمريضية في القرن الواحد والعشرين، وأبسط ما يمكن قوله عن الوضع الصحي في العراقي ومستوى الخدمات فيه، بأنه مزري..!

لقد عالج المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب وقدم الحلول الناجعة وفق الرؤى التالية:

  1. بناء منظومة صحية حديثة ومتكاملة، قادرة على الوقوف في وجه المخاطر التي قد تتعرض لها البلاد، واعتماد الوسائل الحديثة في رفع مستوى الوعي الصحي للمواطنين.

هذا يعني أن هناك نقصاً حاداً ملموساً في المؤسسات الصحية الخدمية كافة(المراكز الصحية الأولية والثانوية والتخصصية والشعبية والمستشفيات بمختلف تخصصاتها الباطنية والجراحية، المختبرات، مراكز البحوث الطبية ..الخ) شريطة أن تكون حديثة فقد تطورت العلوم الصحية اليوم في العالم كله، ما جعل العراق في أخر قائمة البلدان المتخلفة عن مواكبة تلك التطورات.

  1. ضمان تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية، الوقائية والعلاجية، والارتقاء بمستواها وتطوير خدمات الطب الوقائي، وتعزيز خدمات رعاية الامومة والطفولة والصحة المدرسية.

يؤكد ويناضل الشيوعيون على أهمية تقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية أستناداً الى الدستور وإنطلاقاً من أن الصحة تمثل ثلث مشاكل البلد مع الفقر والجهل إضافة الى أن العراق مازال بلدا غنياً بثرواته يمكنه من تطوير شبكة الرعاية وعلى المستويات كافة. ويشكل الطب الوقائي اليوم مفتاح حل المشاكل الصحية على مستوى العالم أجمع وفق خطط وبرامج متقنة في وقاية المجتمع والفرد من الأفات المَرَضية.

  1. ضمان الحق في التأمين الصحي للجميع، عبر بناء منظومة ضمان صحي حديثة، وتطوير قانون الضمان الصحي، بما يضمن تكاملا حقيقيا في عمل القطاعين العام والخاص، واعتماد آليات عادلة في تمويله.

نعم فالتأمين الصحي هو أحد مكاسب نضالات الشعوب وتحديداً بعد الحرب العالمية الثانية وإنتصار الثورات الإشتراكية في العديد من الدول، وبقيت هذه الأفكار والمبادئ من صميم نضال القوى الوطنية والديمقراطية بما يحقق جانب من جوانب العدالة الأجتماعية خصوصاً أذا ما تم إستيعاب فكرة (بناء منظومة ضمان صحي حديثة) بحيث يشترك القطاعين الخاص والعام في تكامل عملهما بهذا الجانب الحيوي والمهم الذي يخص قطاعات الشعب كافة.

  1. توسيع شبكة المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، والاهتمام بتوزيعها الجغرافي وإعادة تأهيلها، بجانب تأهيل وتطوير شبكة العيادات الطبية الشعبية وعيادات التأمين الصحي المنتشرة في عموم البلاد، وتفعيل دور البطاقة الدوائية لذوي الأمراض المزمنة وتأمين مفرداتها، وتعزيز الرقابة الصحية.

جاء هذا المطلب المهم والفعال بناء على معطيات مأساوية يعاني منها المواطنون والمتمثلة بـقلة عدد المستشفيات والمستوصفات والمركز الصحية الأخرى، أضافة الى تخلف الخدمات وإنحسارها ناهيك عن الأداء غير المُرضي في تلك المؤسسات، أما البطاقة الدوائية فهي من الأساليب الحديثة في الحصول على العلاج اللازم لذوي الأمراض المزمنة والخطرة علماً أن الكثير من دول العالم تعمل بها وفق منطق التكافل لتوفير ما يحتاجه المريض مما يساعد على حصر التلاعب والمتاجرة والمضاربات اللا إنسانية..وهذا مرتبط بأقتصاد الدولة الرصين والذي يجب أن يكون أحد أنشطته فرض الضرائب التصاعدية.

  1. أما بخصوص الرقابة الصحية والتي تعد جوهر متابعة القوانين والتشريعات الصحية في البلد فهي تعاني من الفساد المستشري حالها حال باقي المؤسسات التي لها أرتباط مباشر بقوت ودخل المواطن وكل ما يهم صحة المواطن الجسمانية والتغذوية والجلدية ومتابعة وحصر الأصابات التي تظهر في مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية والمختلطة وتطبيق القانون الذي يحد من التلاعب بصحة المواطن والمجتمع.
  2. تطوير طرق الرصد الوبائي، والاهتمام الخاص بالأمراض المستوطنة والمشتركة

أستطيع أن أقول أن الرصد الوبائي في العراقي يعاني من تلكؤ كبير والسبب ليس في القائمين عليه سواء في المديريات العامة والقطاعات الصحية أو في مركز الوزارة وحسب وإنما في الطرائق القديمة وغياب الحوكمة وعدم دقة تدوين المعلومات ومتابعتها. إن من أهم واجبات الرصد الوبائي هو رصد حركة ونمو أو إنحسار الأمراض المتوطنة والمشتركة، وفي ذلك أهمية بالغة كوننا بلداً زراعياً يقوم الفلاحون فيه على تربية الحيوانات والتي تشترك مع الأنسان بطيف واسع من الأمراض خصوصاً أن الجانب البيطري هو الأخر يعاني من الأشكاليات الحقيقية.

  1. تأمين الخدمات التشخيصية والعلاجية للمرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الرعاية والاسناد النفسي الخاص لهم، وإنشاء المراكز والمستشفيات التأهيلية ومشاغل الأطراف الصناعية لتشمل المحافظات كافة.

الإحصائيات (غير الدقيقة) عن عدد ذوي الأحتياجات في العراق تشير الى وجود 4 ملايين حالة وهو عدد لا يستهان به. في البلدان المتقدمة أو المتوسطة يتمتعون برعاية استثنائية بأعتبارهم طاقات أنتاجية مهمة، وقد رصدت تلك البلدان لهم المراكز التخصصية العلاجية والنفسية بما فيها المستشفيات ومراكز التأهيل ما يعني عملياً تأمين الخدمات التشخيصية والعلاجية لهم لخلق موردا بشريا مهماً وهذا يعني رصد الأموال الكافية لهذه الأهداف. لم تعد النظرة البالية السابقة عنهم كما في السابق فقد وجد علماء الطب والأجتماع أن الأمكانات الذهنية والجسمية التي يمتلكها هؤلاء كبيرة جداً ومفيدة جداً.

  1. استكمال المنظومة التشريعية الصحية، وذلك عبر تشريع قوانين حقوق المريض والاخطاء الطبية، وتطوير قوانين حماية الكادر الصحي، واخيرا وضع واقرار اللائحة الطبية.

اللائحة الطبية من ضوابط العمل في كل المجتمعات، وهذه اللائحة تتضمن قوانين واسعة الطيف تدخل فيها حقوق المواطن والكادر الطبي والصحي تنظمها القوانين وفق حقوق الإنسان بما يقتضيه الدستور. فقد غزت مجتمعنا الكثير من الظواهر وإن كانت موجودة ولكن اليوم أصبحت ظاهرة، فمنها الطب التجاري والكارتلات الطبية والحلف غير المقدس على حساب المريض بين ذوي الشأن، أضافة الى مكاتب الدجل والشعوذة والعلاج خارج سياقات العلم ناهيك عن الممارسات غير الصحيحة والتلاعب بمقدرات المرضى، وهذه تشمل الأخطاء الطبية والتي يجب أن تحاسب وفق القانون.

  1. تحديد اجور الفحص والتشخيص والعلاج في مؤسسات القطاع الخاص، وايجاد آليات فاعلة من اجل الالتزام بها.

يناضل الشيوعيون من أجل مصالح الكادحين (عديمو الدخل وذوو الدخل المحدود) ومنها مصالحهم وحقوقهم في العلاج، ولكن ما يشهده بلدنا ومنذ عقود طويلة ربما تعود الى منتصف القرن الماضي هو غليان أسعار التطبيب بدون وازع أو صد لهذا الجنون على حساب المريض ومعاناته، لذلك فنضال الشيوعيين بهذا المجال منصب على تحديد أجور الفحص والتشخيص والعلاج في المؤسسات الصحية كافة.

  1. مواجهة انتشار المخدرات وظاهرة بيع الاعضاء البشرية، والعمل على مكافحتهما، وتفعيل القوانين المتعلقة بمعاقبة مروّجيهما.

 ومرة أخرى وجراء سياسة المحاصصة وشيوع الفساد وكذلك الأنفلات الأمني وفقدان     السيادة فقد إنتشرت بشكل أوسع من ذي قبل المخدرات بين الشباب الذين يعانون من البطالة والفقر والجهل، ناهيك عن أستخدام أرذل الوسائل من أجل العيش وهي ظاهرة بيع الأعضاء البشرية والتي خصصت لها مافياتها مبالغ طائلة ومراكز جراحية لا تضمن أبسط شروط الصحة فيها.

  1. دعم الصناعة الدوائية الوطنية التابعة للدولة وللقطاع الخاص، وفق الشروط والمعايير الدولية، وسن قوانين تضمن حماية الإنتاج الوطني وحماية المواطن، ومكافحة توزيع الأدوية بطريقة غير مرخصة.

نتيجة السياسات الهمجية للنظام البائد، فقد العراق ركن مهم من أركان صناعته والتي كانت احدى المنجزات العظيمة لثورة 14 تموز الخالدة وهي الصناعات الدوائية الوطنية فقد احال القسم الأكبر والمهم منها الى خطوط أنتاجية حربية والقسم الأخر الى القطاع الخاص مما فسح في المجال التلاعب بالأسعار وبالجودة والغش الصناعي، لذلك يناضل الشيوعيون من أجل أعادة هيبة تلك الصناعات وتخليصها من الشوائب وذلك وفق المعايير الدولية وضمان حقوق المواطن.

  1. ضمان حقوق العاملين في القطاع الصحي وصيانتها، ودعم نقاباتهم وجمعياتهم

لا يمكن للعمل في الميدان الصحي أن يؤدي دوره المنشود مالم نضمن حقوق العاملين فيه خصوصاً بعد ظاهرة الفلتان الأمني وضياع الكثير من القيم الأخلاقية بعد طغيان ظواهر غريبة كالدكَة العشائرية والمليشيات، لذا وجب دعم نقابات وجمعيات القطاع الصحي من خلال الأسناد المباشر والتثقيف بحقوقهم وواجباتهم.