تركز وتمركز الرأسمال (concentration and centralization of capital):
هناك طريقان لتكوين رؤوس الاموال الكبيرة:
- أولهما، تركز الرأسمال وهو عبارة عن زيادة مقدار الرأسمال عن طريق تراكم فائض القيمة، أي تحويل قسم منه الى راسمال. ان ما يساعد على التركز هو تسابق الرأسماليين الدائم وراء اعلى الارباح، كما ان المنافسة ايضا تسبب تركز الرأسمال. ثم ان فعل قانون الميل النزوعي لمعدل الربح نحو الانخفاض يحفز الرأسماليين على تركز الرأسمال. ويجهد الرأسماليون لتغطية هبوط معدل الربح عن طريق زيادة كتلة الارباح. وتكبير مقدار الرأسمال يعتبر احد السبل المؤدية الى ذلك.
ففي المزاحمة، “تبتلع الأسماك الكبيرة الأسماك الصغيرة”، فتتغلب المنشآت الكبيرة على المنشآت الأصغر حجما التي تحوز على إمكانيات أقل ولا تستطيع أن تستفيد من إيجابيات الإنتاج واسع النطاق ولا أن تدخل التقنية الأكثر تقدما وكلفة. فيزداد بالتالي حجم المنشآت الطليعية باستمرار (تركز الرأسمال)، وتركيز رؤوس الاموال الفردية يعني في الوقت ذاته نمو جملة الراسمال الاجتماعي في مجموعه.
-ثانيا، بالمقابل لابد أن نميز بين تركز راس المال وبين الشكل الاخر لتكوين رؤوس الاموال الكبيرة، ألا وهو تمركز الراسمال، حيث يتم ابتلاع العديد من المنشآت المغلوبة في المزاحمة من قبل منافسيها الظافرين (تمركز الرأسمال).
يقصد بتمركز الرأسمال، اذن، تضخيمه نتيجة لتوحيد (اندماج) عدد من الرساميل في رأسمال واحد، او نتيجة لإبتلاع الرساميل الكبيرة الرساميل الصغيرة. ويعتبر تمركز رأس المال نتيجة للصراع التنافسي الذي يندحر فيه صغار الرأسماليين ومتوسطيهم فينهارون، اما رساميلهم فيبتلعها كبار الراسماليين أو اتحاداتهم. وفي مرحلة الامبريالية، ينتج، عن مركزة الرأسمال، تجميع القسم الحاسم منه في ايدي الاحتكارات الرئيسية. وفي هذه العملية يلعب اخضاع الاحتكارات الدولة البرجوازية لسيطرتها، دورا كبيرا.
ورغم ان تركز وتمركز رأس المال عمليتان مختلفتان إلا انهما في الحقيقة مترابطتان ومتلازمتان، وهما يعنيان تكوين رؤوس أموال اكثر ضخامة.
إن تركز الرأسمال ومركزته يهيئان الظروف لتركز الانتاج. وقد قادت هذه العمليات، في الدرجة العليا من تطورها، الى نشوء الاحتكارات. اما سيطرة الاحتكارات، في مرحلة الامبريالية، فهي تسّرع، بدورها، تركز الرأسمال الى حد هائل. ان نمو تركز الرأسمال، على اساس سيطرة الاحتكارات، يفاقم، الى اقصى حد، جميع تناقضات الراسمالية.