اخر الاخبار

العربي الجديد

في تطور لافت يعكس تحولات مهمة وعميقة في الخطاب السياسي للفصائل المسلحة العراقية، الحليفة لإيران، برزت خلال الـ24 ساعة الماضية مؤشرات واضحة على قبول متزايد بفكرة حصر السلاح بيد الدولة، بعد سنوات من الرفض القاطع من قبلها لأي نقاش يمس هذا الملف، وبدا هذا التحول يخرج إلى العلن على لسان قيادات بارزة في الفصائل و"الإطار التنسيقي"، يقرأ على نطاق واسع باعتباره استجابة لضغوط أميركية ودولية متصاعدة، ومحاولة لإعادة التموضع سياسياً من قبل الفصائل مع اقتراب استحقاقات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

أبرز هذه المواقف وأولها جاء على لسان زعيم فصيل "الإمام علي" شبل الزيدي، الذي أكد تعزيز العمل المؤسسي واحترام السلطات الدستورية والتشريعية والعمل ضمن الأطر القانونية والأعراف الوطنية، وشدد على أن وحدة الدولة وسيادتها تقتضيان "حصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية"، في بيان عُدَّ تحولاً نوعياً مقارنة بالمواقف التقليدية للفصائل.

وعلى ما يبدو، لم يكن موقف الزيدي معزولاً، إذ تبعته تصريحات ومواقف مماثلة. فقد أكد زعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، ضمن "الإطار التنسيقي" أمس الجمعة، أن السلاح ينبغي أن يكون بيد الدولة، داعياً إلى الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية.

كذلك أعلن زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، دعمه لحصر السـلاح بيد الدولة وتنفيذ مطلب الحكومة، وذلك خلال كلمته في احتفالية لحركته السياسية "الصادقون" أمس الجمعة.

وانضم فصيل "أنصار الله الأوفياء" بزعامة حيدر الغراوي، الى هذا المسار، معلناً دعمه الصريح لحصر السلاح بيد الدولة، وقال في تدوينة له على "إكس"

هذه التصريحات أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، بعدما كانت تلك الجهات حتى وقت قريب تعارض بشدة أي حديث عن حصر السلاح بيد الدولة، وترفض مساس الحكومة به، معتبرة أنه سلاح مقدس.

يرى مراقبون ومصادر مطلعة أن التحول ليس نابعاً من قناعة فكرية، بل من حسابات سياسية فرضتها موازين القوى الجديدة، فالفصائل التي حققت ثقلاً برلمانياً في الانتخابات الأخيرة، بحصولها على نحو 90 مقعداً، تسعى اليوم لتحقيق مكاسب سياسية والحصول على وزارات ومناصب سيادية مهمة، غير أن هذه الطموحات اصطدمت بجدار من التحفظات الأميركية والدولية، الأمر الذي دفع باتجاه تغيير مواقفها وطرح إمكانية حصر السلاح بيد الدولة.

ووفقاً لمصدر مطلع ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، فإن "الفصائل قلقة بشأن طموحاتها السياسية، وتدرك أن المضي في تحدي واشنطن بشكل صريح قد يكلفها أثماناً سياسية واقتصادية باهظة، لذا فإنها بدأت تناقش وتبحث لها عن مخرج، وإمكانية تقديم الفصائل تعهدات بخفض التصعيد العسكري، وتنازلات بشأن حصر السلاح، مقابل مشاركة سياسية أوسع داخل الحكومة".

وأكد المصدر، لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، أن هذا الخيار "بدأ يحظى بقبول واسع داخل قوى الإطار، وقد تبلور بخطابات حصر السلاح بيد الدولة التي تتابعت على لسان زعامات الفصائل، على الرغم من وجود تحفظ عليه من قبل بعض منها حتى الآن، إذ تخشى من أن يؤدي أي تنازل إلى فقدان جزء من قواعدها الشعبية".

وأشار الى أن "ملف نزع السلاح أو دمج الفصائل في المؤسسات الرسمية هو العقدة الأبرز مع واشنطن، الأمر الذي يطرح إمكانية التوصل إلى تفاهمات، حتى وإن كانت غير مباشرة، تفضي الى قبول الفصائل بنزع سلاحها".