إرم نيوز
مع استمرار المفاوضات لحسم الرئاسات في العراق بعد انتخابات 11 تشرين الثاني/نوفمبر، انتقل ثقل اللعبة داخل المكوّن السني من سؤال "من يمثلنا؟" إلى سؤال أكثر دقة "من يملك تفويض المكوّن لقيادة البرلمان المقبل؟"؛ خاصةً بعد ولادة "المجلس السياسي الوطني" الذي جمع تحت مظلته القوى السنية الرئيسة في محاولة نادرة لتوحيد الموقف قبل الدخول إلى بازار التفاهمات مع الشيعة والأكراد.
مجلس سياسي جديد
تشكّل المجلس السياسي الوطني بوصفه الإطار الجامع لخمس قوى سنية فائزة في الانتخابات هي حزب تقدّم بزعامة محمد الحلبوسي، تحالف عزم بزعامة مثنى السامرائي، تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، تحالف حسم برئاسة ثابت العباسي، وتيار الجماهير بقيادة أحمد الجبوري.
هدف المجلس، كما يقدّمه قادته، هو إنهاء مرحلة التشتت التي سمحت للقوى الأخرى بالتعامل مع "سُنة متفرقين"، والانتقال إلى مرجعية واحدة تفاوض باسم نحو 65–70 نائبا سنيا في البرلمان الجديد، مع طموح لأن يصل العدد إلى 77 مقعدا بإدخال مستقلين وقوائم صغيرة تحت المظلة نفسها.
بحسب مصدر سياسي عراقي مطلع على طبيعة المجلس وظروف تأسيسه تحدث لـ "إرم نيوز"، فإن "المجلس السياسي ليس مجرد تنسيقية جديدة، بل محاولة لتأسيس بيت سني يقرّر من هو المرشح، وما هي قائمة المطالب، وكيف تُدار العلاقة مع الإطار التنسيقي ومع الأكراد في آن واحد".
ستة أسماء في الواجهة داخل المجلس السياسي الوطني
خلال الأيام الماضية، ثُبّتت قائمة أولية من ستة مرشحين سنّة لرئاسة مجلس النواب، على رأسمهم محمد الحلبوسي، محمد تميم، ثابت العباسي، مثنى السامرائي، سالم العيساوي، ومحمود القيسي.
المصدر السياسي أكد لـ "إرم نيوز" أن هذه الأسماء لا تزال في مرحلة "التداول" داخل المجلس السياسي، لكن الحراك الفعلي يتجه إلى حصر المنافسة بين الحلبوسي ووزير التربية الأسبق محمد تميم، مع إبقاء الآخرين كخيارات توازن أو تسوية في اللحظات الأخيرة.
وتضيف المصادر أن تيار الحلبوسي يراهن على عامل الخبرة ونتائج حزب تقدّم المتقدمة في الانتخابات، ويروّج لفكرة أن بقاء الرجل في رئاسة البرلمان يعني "استمرارية" في التمثيل والوزن السني داخل الدولة.
في المقابل، يقدم داعمو محمد تميم الرجل بوصفه "مرشح التهدئة" القادر على فتح قنوات مع الشيعة والكرد من دون أن يُستفز خصوم الحلبوسي داخل البيت السني، خاصة بعد تراكم خصوماته مع أطراف سنية وشيعية منذ إقالته السابقة من رئاسة البرلمان.
المجلس السياسي وضع، رسميا، أربعة شروط للرئيس المقبل، أهمها أن يكون من قيادات الصف الأول في المكوّن السني، عابرا للانتماءات الحزبية الضيقة، ملتزما بضمان الحقوق الدستورية والسياسية للمكوّن، وقادرا على خلق تفاهمات مع بقية الكتل.
حياد.. وفرصة
يتابع "البيت السني" انقسام الإطار التنسيقي الشيعي حول تجديد ولاية محمد شياع السوداني أو البحث عن بديل، لكنّه يتجنب التورط في الاصطفاف العلني مع أي جناح.
ينقل المصدر السياسي عن أحد القياديين في المجلس السياسي رؤيتهم وموقفهم من الانقسام في الإطار التنسيقي. يقول هؤلاء: "لا مصلحة لنا في أن نكون طرفا في حرب خلافة داخل الإطار؛ ما يهمنا هو أن تلتزم أي حكومة مقبلة بعقد واضح مع المحافظات السنية، بغض النظر عن اسم رئيس الوزراء".
ويلفت المصدر إلى أن "السنّة يتعاملون عمليا مع صراع الإطار كـفرصة تفاوضية لرفع سقف مكاسبهم في رئاسة البرلمان والوزارات السيادية، لكن من دون تحويل البرلمان إلى ساحة مواجهة بالوكالة بين واشنطن وطهران؛ فذلك، كما يقولون "ثمنه يُدفع دائما في الأنبار ونينوى وصلاح الدين".
قائمة مطالب "ثقيلة"
في خلفية سباق الأسماء على رئاسة البرلمان، توجد قائمة مطالب سنية ثقيلة يجري تداولها في كواليس المجلس السياسي، تلخصها مصادر "إرم نيوز" في ضرورة الوصول إلى اتفاق مكتوب مع الحكومة المقبلة حول إعادة الإعمار في المحافظات المحررة، مع جداول زمنية ملزمة ومؤشرات قياس واضحة.
يضاف إليها، مراجعة ملف المعتقلين والمغيبين منذ سنوات "داعش" وما بعدها، عبر لجنة مشتركة بين السلطات القضائية والحكومة والقوى السنية، وضبط سلاح الفصائل في المناطق السنية، أو على الأقل حصر انتشاره ضمن إطار رسمي واضح؛ ما يمنع الازدواجية في القرار الأمني.
كما تنص المطالب على توسيع حصة السنّة في الوزارات الخدمية والاقتصادية، وعدم حصر تمثيلهم في المناصب البروتوكولية أو الوزارات الهامشية. وأخيرا فتح نقاش جدي حول قانون الموازنة والموارد المحلية بما يسمح للمحافظات باستثمار جزء أكبر من إيراداتها بدل العودة الدائمة إلى بغداد.