أظهر تقرير استقصائي نشرته شبكة “نيريج” تراجعاً غير مسبوق في الأداء التشريعي والرقابي للدورة الخامسة لمجلس النواب العراقي، التي انطلقت في 9 كانون الثاني 2022، وسط خلافات سياسية عطلت الجلسات وأضعفت ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية.
وذكر التقرير أن انتخابات تشرين الأول 2021 أفرزت ثلاثة فائزين كبار هم التيار الصدري، حزب تقدم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ما عزز الآمال بتشكيل حكومة أغلبية وطنية تنهي حقبة التوافقات والمحاصصة. إلا أن الصراعات السياسية التي أعقبت إعلان النتائج انعكست سلباً على عمل البرلمان، لتتحول الوعود بالإصلاح إلى حالة من الجمود والتعطيل المستمر.
وبحسب بيانات المرصد النيابي، عقد المجلس خلال أربع سنوات نحو 140 جلسة اعتيادية و6 جلسات استثنائية وجلستين تداوليتين فقط، وهو عدد يقل كثيراً عن الحد الأدنى المحدد في النظام الداخلي، فيما بلغت موازنته الجارية أكثر من 346 مليار دينار حتى تموز 2025، ما أثار انتقادات واسعة بشأن الهدر المالي مقابل أداء ضعيف.
وعلى الصعيد التشريعي، شرع البرلمان 69 قانوناً فقط، وقرأ قراءة أولى لـ175 مشروع قانون، وثانية لـ116 مشروعاً، دون تحويل معظمها إلى قوانين نافذة. كما لم يشهد المجلس أي استجواب رسمي لوزير، مكتفياً بأربعة أسئلة شفوية فقط، مقارنة بدورات سابقة شهدت نشاطاً رقابياً أكبر.
وسجل معدل حضور النواب في الجلسات 173 نائباً فقط من أصل 329، وهو أدنى من معدل الدورة السابقة، فيما تسببت الغيابات المتكررة بتعطيل عشرات الجلسات دون تطبيق العقوبات المنصوص عليها.
ووفقاً لتقرير صادر عن مرصد النيابي في مؤسسة مدارك، فإن الدورة الخامسة تعد الأضعف منذ عام 2005، حيث لم يشهد المجلس حضوراً كاملاً في أي جلسة، فيما لم يشارك نحو 76 نائباً بأي مداخلة تشريعية أو رقابية، ولم يتجاوز دوام النائب الشهري ست ساعات فقط.
وعزا عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز هذا التراجع إلى الخلافات السياسية وصفقات التوافق بين الكتل، فيما وصف المحلل السياسي مجاشع التميمي الدورة الخامسة بأنها “الأسوأ في تاريخ البرلمان العراقي” نتيجة تفاقم الصراعات الداخلية وتراجع الكفاءة النيابية.
من جهته، أقر رئيس مجلس النواب محمود المشهداني خلال منتدى عقد في أربيل في شباط 2025 بفشل الدورة الخامسة في أداء مهامها، مشيراً إلى أن السنوات الأربع شهدت توترات سياسية عطلت العمل النيابي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، توقفت معظم أنشطة البرلمان منذ آب الماضي، فيما انخرطت الكتل السياسية في حملاتها الانتخابية وسط تزايد الشكوك بجدوى العملية السياسية، مع امتناع عدد كبير من الناخبين عن إصدار بطاقاتهم الانتخابية.