اخر الاخبار

رغم سنوات الانتظار بعدما كانت سنجار مسرحا لجرائم حرب خطيرة وتهجير جماعي منذ عقد من الزمن، لا يزال حوالي 183 ألف سنجاري مهجّرين حتى اليوم لم يتلقوا أيّ مدفوعات التعويض التي يستحقها بموجب القانون العراقي عن تدمير ممتلكاته والأضرار التي لحقت بها.

وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير ، انه "تمّ تدمير 80% من البنية التحتيّة و70% من المنازل في بلدة سنجار أثناء النزاع ضدّ "داعش" بين 2014 و2017 دون هذا التعويض، حيث يفتقر الكثير من السنجاريين المهجرين إلى الموارد الماليّة اللازمة للعودة إلى ديارهم وإعادة بناء المنازل والشركات التي خسروها أثناء الحرب بعد عقد من الزمن".

وأضافت "مايزال عشرات الآلاف من السنجاريين يعيشون في مخيّمات في أنحاء إقليم كردستان العراق، ويعتمدون إلى حدّ كبير عن المساعدات الإنسانيّة. مع اقتراب الموعد النهائي لإغلاق هذه المخيمات، الذي حدّدته الحكومة الاتحادية بـ 30 تموز، صار تسليم هذه الدفوعات أكثر أهميّة".

وبحسب التقرير فأنه حتى العام الماضي، كان هناك 3,500 مطلب تعويض مكتمل بانتظار الدفع من "الدائرة المالية في محافظة نينوى". لكن ممثلا عن "مكتب التعويضات في سنجار" قال لـ "هيومن رايتس ووتش" إنّ "الرقم ارتفع الآن إلى عشرة آلاف، دون أن يتّم سداد أي مدفوعات".

كما قال الممثل إنّ "المكتب نظر في 26 ألف طلب آخر بانتظار الموافقة النهائيّة من محكمة الاستئناف قبل إرسالها إلى الدائرة الماليّة للدفع".

وذكر رئيس "لجنة تعويضات تلعفر" التي تُشرف على مكتب سنجار الفرعي عمار محمد، "أنهينا النظر في كل القضايا المرفوعة بين 2021 و2023، لذلك لم تعد هناك قضايا متراكمة. أنجزنا مهمتنا، والآن على الحكومة الدفع".

الوضع الذي يبدو عليه مكتب تعويضات تلعفر نفسه يُثير مخاوف من أنّ الحكومة العراقيّة لا تُعطي الأولويّة الكافية لهذه القضايا. زرت هذا المكتب المؤثث بشكل سيء في كانون الثاني، وهو يقع في منزل مستأجر. كانت فيه أكوام من المجلدات الصفراء المكدّسة على الأرض والرفوف. كلّ خطوة في العملية تُدوّن على الورق.

وتابع محمد: "طلبنا من الحكومة مساعدتنا في رقمنة العمليّة، لكن شيئا لم يحدث. نحن قلقون بشأن الملفات. إذا هطلت أمطار غزيرة وغمرت المكتب، ستتعرض الملفات للتلف، وسيتعيّن على أصحابها البدء من جديد. ليس لدينا حتى رفوف مناسبة".

وبعد نشر تقرير هيومن رايتس ووتش في أيار 2023، بعثت لنا وزارة الخارجيّة العراقيّة برسالة وضحت فيها التدابير التي اتخذها مكتب رئيس الوزراء لتسهيل دفع التعويضات، بما في ذلك تبسيط الإجراءات الأمنيّة، وتوفير تمويل كاف "للقانون رقم 20"، وتقديم دعم لوجستي وبشري للجنة الفرعيّة للتعويضات. وفقا للقاضي محمد، فإنّ أيّا من هذه الوعود لم يتحقق بعد.

واكد محمد "أثناء مؤتمر مع جميع رؤساء لجان التعويض، وعدونا بإلغاء إجراء التصريح الأمني عن أهل سنجار، لكنّه ظلّ ساريا"، لافتا الى "انهم حذفوا فقط شرط الفحص الأمني الذي يُثبت أنّ أصحاب المطالب لم يكونوا في السابق أعضاء في حزب البعث".

جميع الناس من محافظات العراق الأخرى يحصلون على دفوعات تعويض، فلماذا سنجار هي الاستثناء؟

وأشار المسؤولون الحكوميون الذين تحدثت إليهم إلى "مشاكل في الميزانية" بشكل غامض كسبب وراء عدم الدفع، دون مزيد من التفاصيل.

وبالنسبة إلى الكثير من السنجاريين، فإنّ عدم دفع مطالب التعويض هو مثال آخر على تجاهل الحكومة الاتحاديّة لاحتياجاتهم وتهميش فعليّ للمنطقة، ومكتب التعويضات المتهالك يبدو مثالا حيّا على هذا الإهمال.

واحد فقط من السنجاريين الذين قابلتهم العام الماضي عاد إلى منزله: هو خليل حسن، ذكر ان "العودة إلى سنجار كانت قرارا دفعتني إليه راحتي الذاتية، فالحياة في المخيّم لم تعد تُطاق".

وتابع ا إنه "استثمر مبلغا كبيرا في تجديد منزله، لكن ذلك لم يكن كافيا: "أكملت أوراق التعويض الخاصة بي في منتصف 2022، لكنّ الدفع لم يحصل بعد"، لافتا الى انه "يشعر ان مبلغ التعويض الذي عُرض عليه لا يتناسب مع خسائره: " أوصوا بتعويض قدره عشرة ملايين دينار عراقي (6,800 دولار أمريكي) على متجري ومنزلي، رغم أنني اشتريت منزلي بـ50 مليون دينار عراقي (34 ألف دولار)".

التعويض هو واحد من العوامل التي تمنع عودة السنجاريين.

كما أنّ نقص الخدمات والبنية التحتية وعدم الاستقرار المستمر عوامل جعلت الكثيرين يخشون من أن تكون حياتهم في سنجار أسوأ مما هي عليه المخيمات.

عرض مقالات: