اخر الاخبار

أ ف ب

نشرت أحزاب اليسار في فرنسا المؤلفة من حزب الخضر والحزب الاشتراكي وفرنسا الأبية والشيوعيين بيانا رسميا مساء الإثنين أعلنت فيه عن اتفاقها على "تشكيل جبهة شعبية" مؤكدة عزمها على تقديم "ترشيحات موحدة منذ الدورة الأولى" في الدوائر الانتخابية لخوض غمار الانتخابات التشريعية التي أعلن عنها إيمانويل ماكرون مساء الأحد إثر حلّ الجمعية الوطنية.

انتخابات حُدد موعدها بشكل مفاجئ عقب نتائج الانتخابات الأوروبية التي تصدر خلالها اليمين المتطرف متجاوزا الأحزاب التقليدية في فرنسا، إذ حصد نحو أربعين بالمئة من الأصوات إذا جمع حزب مارين لوبان "التجمع الوطني" وحزب إيريك زمور "حزب الاسترداد".

اليسار الفرنسي الذي تميز بتشتته في المواعيد الكبرى إلى حد الآن - الانتخابات الرئاسية الأخيرة والانتخابات الأوروبية في 2019 والتشريعية في 2022 -  يبدو كما لو أنه اكتشف واقعا سياسيا فرنسيا جديدا مع الصعود القوي وغير المسبوق لليمين المتطرف، يحاول اليوم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال هذه "الجبهة الشعبية" الجديدة.

 

من هي الشخصية التوافقية؟

لكن العقبة الكبيرة التي قد تواجهها هذه الجبهة غير المتجانسة تماما قد تتجسد في شخصية "الأب الروحي" لحزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلنشون. هذه الشخصية المثيرة للجدل والتي لا تحظى بإجماع كل الأطراف اليسارية نظرا لمواقفه الراديكالية واتهامه بنشر وتقوية نزعة معادية للسامية في فرنسا من خلال مواقفه من الحرب في غزة. 

هذه الجبهة الشعبية قد تجد نفسها إذا مجبرة على العثور على شخصية توافقية جديدة لقيادة يأمل اليسار الفرنسي أن تحدث تغييرا في منحى الانتخابات التشريعية التي ستنظم الدورة الأول منها في 30 يونيو/حزيران والدورة الثانية في 7 يوليو/تموز.

وهي نقطة من أبرز نقاط الغموض التي قد تعترض هذا التحالف. ولو أن عدة أسماء تتردد في الكواليس كأوليفييه فور أمين عام الحزب الاشتراكي أو رافائيل غلوكسمان عن الحزب الاشتراكي وحركة "الساحة العامة"، أو فرانسوا روفان نائب في حزب "فرنسا الأبية"، الذي يتمتع برصيد كبير من الثقة لدى جانب من اليسار، حتى أنه كان السبّاق إلى دعوة أطياف اليسار إلى التوحد في ما أسماه هو "الجبهة الشعبية " مساء الأحد بعد نتائج الانتخابات الأوروبية.

ودعا زعماء الأحزاب إلى "التوقف عن ارتكاب الحماقات"... والانضواء تحت راية واحدة مشتركة، مذكرا بحلقات من التاريخ الفرنسي استوجبت تنظيم جبهة شعبية في ثلاثينيات القرن الماضي وانتشرت هذه الدعوة على نطاق واسع في غضون ساعات قليلة .

 

صعوبة صياغة رسالة واحدة تمثل كل اليسار

قادة حزب "فرنسا الأبية" كانوا وجهوا "اقتراح لقاء" بعد ظهر الإثنين للحزب الاشتراكي والشيوعي والخضر "للعمل بوضوح وبشكل موحد"، بحسب منسق الحزب مانويل بومبار.

الوضوح هو نقطة هامة من بين عدة نقاط قد تعكر صفو هذا التقارب اليساري الشامل الذي يراد منه توحيد الصفوف وهو ما غاب خلال حملة الانتخابات الأوروبية الأخيرة... بسبب خلافات بين الحزب الاشتراكي وحزب "فرنسا الأبية" حول الحرب في غزة.

البيان الذي أصدرته هذه الجبهة اليسارية في حدود العاشرة والنصف مساء الإثنين يقرّ ولو ضمنيا بوجود صعوبات في صفوف اليسار ينبغي تجاوزها. حيث طالب البيان بـ"الدعوة إلى تأسيس جبهة شعبية جديدة تضم جميع قوى اليسار الإنسانية والنقابية والجمعياتية وقوى المواطنة" وبديل "لإيمانويل ماكرون ومكافحة المشروع العنصري لأقصى اليمين". وهي أبرز النقاط التي تتفق حولها أبرز أحزاب اليسار في فرنسا .

 

من سيكون رئيس الوزراء؟

وحتى في حال نجح اليسار من خلال جبهته الشعبية في كسر مد اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية، تبرز نقطة خلافية جديدة تتعلق بشخصية رئيس الوزراء من هذه الجبهة. الشخصية القادرة على الاضطلاع بهذا المنصب والتي قد تكلف بالتعايش مع إيمانويل ماكرون إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في 2027.

رافائيل غلوكسمان يوصف بصعب المراس من قبل أحزاب أخرى وهو ما قد يصّعب من فرص رؤيته في منصب رئيس الوزراء. في وقت يطرح فيه مجددا اسم فرانسوا روفان الذي لا يخفي رغبته بخوض الانتخابات الرئاسية في 2027.

نقاط عدة لا يزال يحيط بها الغموض حول قدرة أحزاب اليسار على تنظيم نفسها والإعداد كما ينبغي لمرحلة سياسية حاسمة وحرجة مقبلة عليها فرنسا مع تنظيم الانتخابات التشريعية المبكرة.

مهلة الأسابيع التي تفصلنا عن هذا الموعد قصيرة لتنظيم الصفوف وإنشاء تحالفات حاسمة. خاصة في ظل تشرذم اليسار بمختلف أطيافه. وهي نقطة قد تستغلها أحزاب اليمين المتطرف وخصوصا "التجمع الوطني" الذي يسعى للوصول لسدة الحكم.

ووفقا لاستطلاعات الرأي، يتصدر التجمع الوطني اليميني المتطرف نوايا التصويت بالانتخابات التشريعية المبكرة بين 33 و34 بالمئة، أي بزيادة قدرها 15 نقطة عن نتائجه قبل عامين. وأعطت الاستطلاعات التي نشرت الإثنين اليسار بمختلف أطيافه 22 بالمئة فقط من نوايا التصويت في حين لا تتجاوز التوقعات لحزب ماكرون 19 بالمئة.

 

عرض مقالات: