احيا حشد من الشيوعيين بحضور رفيقات ورفاق من قيادة الحزب، الذكرى الخامسة والسبعين ليوم الشهيد الشيوعي عند قبرِ الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف «فهد»، في مقبرة باب المعظم، حيث استعادوا عهود النضال والمآثر التي صنعها بناة الحزب وتضحياتهم التي أسست لقاعدة الصمود المستمرة وصيانة الجوهر الثوري للشيوعيين العراقيين، بعد تسعة عقود من تأسيس حزبهم والفترات القاسية التي عاشوها، دفاعاً عن حقوق الجماهير الكادحة.
التطلع الى حياة كريمة
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، ارتجل كلمة بالمناسبة، عبّر فيها عن فخر الشيوعيين بقادتهم والتضحيات التي بذلوها، وأشار الى أهمية ما رسخوه من علاقات رفاقية تستمر حاضرة إلى اليوم، وتعبّر عن تطلعاتهم الى حياة كريمة للشعب العراقي.
وقال فهمي: «قبل خمسة وسبعين عاما (14 شباط ـ 1949)، اعتلى الرفاق الأماجد الرفيق الخالد فهد ورفيقيه زكي وبسيم وحسين محمد الشبيبي سُلّم المجد والخلود، وهم مرفوعو الرأس. وبجرأة كبيرة واجهوا الطغاة الذين توهموا بأن القضاء على قادة الحزب يعني القضاء على الشيوعية»، مبيناً «أننا نستذكر هذا الحدث الكبير، ونتوقف ونتفحص واقع عملنا الحزبي، وإلى أي مدى نجحنا في صيانة الجوهر الثوري للحزب، والحفاظ عليه وتعزيز وجوده وعلاقته بالجماهير».
تحديات من نوع اخر
وأضاف، انه «منذ ذلك الوقت وحتى الآن، شهد العراق تقلبات كثيرة والحزب أيضًا واجه أوضاعا بالغة الصعوبة هددت وجوده، لكن بفضل التضحية ونكران الذات والبطولات التي راكمتها كواكب من الشيوعيين واحتضان الشعب وكادحيه، استطاع الحزب والشيوعية أن يستمرا. واليوم نواجه تحدياتٍ من نوع آخر، لا تقل خطورة ـ فكريا وسياسيا وتنظيميا ـ أمام واقع شديد التعقيد. وهناك مطامع كثيرة وعداء طبقي داخلي، ومطامع قوى خارجية، وسعي إلى تشظية هذا المجتمع والنيل من وحدته».
وأوضح أن «الحزب اليوم يواجه هذه التحديات وترافقه نجاحات وإخفاقات. هكذا هي الحياة عندما نخوض النضال في أحداث متسارعة ومعقدة، وليس جميع الاجتهادات تصيب»، مردفا أن «هذا لا يمنعنا من الاجتهاد خشية الأخطاء؛ فالواقع يجب مواجهته. وبالمحصلة الأخيرة الضمانة الرئيسية هي التمسك بالقاعدة النظرية والفكرية ومواجهة التحديات والالتزام بالمصالح والحقوق للجماهير الكادحة التي نمثلها ونسعى دومًا للدفاع عنها».
ولفت فهمي في هذه المناسبة، إلى أن «نوري السعيد وهو مشبع بالعداء للشيوعية، كان يقول إننا سنظل نلاحق الشيوعيين ونكافحهم حتى النهاية، وكان يتوقع عندما ينال من نضال الحزب وقادته بشكل خاص أنه سينهي الشيوعية»، مبينا أنه «حتى السفير البريطاني كان يقول إن القضاء على الرفيق فهد وقادة الحزب سيمنع الحزب من العودة إلى النشاط على الأقل لمدة ١٠ سنوات، لكن بعد فترة وجيزة عاد الحزب بنشاط إلى الساحة السياسية».
وهم القضاء على الشيوعية
وتابع أن «هذا التوهّم بأن القضاء على قادة الحزب سينهي الشيوعية، لم يكن محصورًا بالنظام الملكي وحكم نوري السعيد، بل إن نفس الوهم حمله المعادون للشيوعية في الأنظمة اللاحقة، وتوالت الحملات التي كانت تستهدف القضاء على الحزب، لكنه ظل شامخا، ويواجه التحديات، ويتجاوز الحملات والعقبات. بينما ذهب الطغاة إلى مزبلة التاريخ وظل الحزب شامخا».
وأشار فهمي إلى أن «الرفيق فهد عند خروجه إلى ساحة الإعدام توجه إلى رفاقه وقال لهم (صونوا تنظيمكم والحزب). وفي كلام آخر، قال أثناء نقله من سجن الكوت إلى بغداد: (المهم صيانة الجوهر الثوري للشيوعية)». وهذه الوصية هي التي حرص الشيوعيون على الحفاظ عليها والارتقاء إلى مستوى التحديات والتقاليد والمبادئ التي وضعها هؤلاء القادة الأماجد.
واختتم فهمي كلمته بالقول: «نقف اليوم مستذكرين الرفاق فهد وحازم وصارم وهو يوم حزين بفقدان هذه الكوكبة وهم في قمة العطاء. لكن نضالهم أرسى تقاليد وعمّق جذور الحزب في التربة العراقية»، مؤكدا أنه «بالنهاية، نجد أن مَن أرادوا إنهاء الشيوعية عبر القضاء على قادة الحزب، قد وفّروا لنا مناعة أكبر لمواجهة كل أشكال القمع والملاحقة».
هذا وفي أجواء صدحت فيها الأغاني الثورية والوطنية والتي تتغنى بالحزب ومآثر وتضحيات شهداء الحزب جميعا، تم وضع أكاليل من الزهور على قبور الرفاق يوسف سلمان يوسف (فهد) واحمد زكي وفكرت جاويد.