بغداد ـ طريق الشعب
استعرض سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، حالة الصراع والانقسامات والاتهامات المتبادلة بين القوى المتنفذة حول ملفات إخراج القوات الأجنبية من العراق، وتداعيات انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، ما أدّى إلى تأزيم الأجواء السياسية وشحنها، محذرا من ارتداد ذلك على الشارع.
الصراع الطائفي
ونبّه فهمي الى أن استفحال الانقسامات والصراع ببعده الطائفي مازال حاضرا، مؤكدا ان تلك القوى مستمرة في خلق اصطفافات طائفية عبر مواقفها من المستجدات الأخيرة.
وقال فهمي، أنّ «البعد الطائفي في الصراع ما زال حاضرا»، مبيناً أنه «لاحظنا أثناء الحملات الانتخابية أن بعض الاطراف قام باستخدام التلميح بالبعد الطائفي، واليوم حتى المواقف ازاء المستجدات تقدم لها تفسيرات ومواقف ترتكز على اصطفافات طائفية أيضا».
واضاف، ان «جوهر المشكلة هو في بنية العملية السياسية وبنية الدولة ما بعد 2003»، مضيفاً أن «هذه البنية قامت على أساس توزيع السلطات ضمن نظرة هوياتية للمجتمع العراقي، والنظر إلى المجتمع العراقي بهوياته الدينية والطائفية والقومية»، مبيناً أنّه «حتى الأحزاب الأساسية التي برزت وتتحكم او تقود العملية السياسية هي أحزاب لها مرتكزات هوياتية، وتقوم على تسييس الانتماءات المذهبية، وهذا العامل أدّى إلى ان تنشأ مصالح لهذه الأحزاب ضمن عملية المحاصصة، وهي التعبير عن نظام الديموقراطية التوافقية وتسهيل العمل لها».
الانقسام والتشظي
وتابع سكرتير اللجنة المركزية للحزب، ان «مصالح القوى المتنفذة تتماهى مع حالة الانقسام والتشظي، وهذا الأمر له انعكاسات كبيرة، ونتلمس ذلك بوضوح في صعوبة التوصل الى توافقات حول قضايا وطنية كبيرة. وحين يتم الحديث عن انهاء تواجد القوات الأجنبية، يفترض انهاء اي تواجد سواء كان امريكيا او تركيا او ايرانيا، أيا كان هذا التواجد. ويفترض ان هذا يشكل جزءا من السيادة الوطنية ومقوماتها، وايضا جزء أساسي لتعزيز قدرة العراق على ان يكون له قرار سياسي مستقل».
وأشار فهمي إلى أنّ «هذا الموضوع يجب ان يكون محط إجماع لكلّ القوى السياسية الحريصة على المصالح الوطنية العليا»، مردفا «لكننا للأسف، نلاحظ أن هناك انقساما كبيرا، والمبررات الصريحة او الضمنية التي تسوقها احزاب وقوى تدعي تمثيل طيف أو مكون معين، بانها تخشى من انسحاب القوات الأجنبية، لكونه يخل بالتوازنات الداخلية، أو انه سيكون لصالح طرف على حساب طرف اخر».
ولفت إلى ان «هذا الأمر مؤشر على الانتقال من المصلحة الوطنية الجامعة إلى مخاوف نابعة من عدم التوازن والاختلال الموجود في توزيع واجواء عدم الثقة»، موضحاً أنّ «ردود الفعل بين القوى المتنفذة وصلت الى مراحل التهديد بمنع تشريع اي قانون قد يكون فيه خدمة لهذا الطرف او ذاك. وبدأنا نسمع ان الصراع يصاغ بصياغات هوياتية بدلا من ان يصاغ من منطلق مصالح وطنية وقرار سياسي وتحقيق إجماع عام. وبالتالي فإن هذه الألية المتبعة منتجة للأزمات، وهي تحول عمليا دون ان ينطلق البلد نحو توفير مقومات الاستقرار السياسي ثم الاستقرار الاقتصادي او اتخاذ خطوات عملية وفعلية مؤثرة على صعيد استكمال السيادة الوطنية الفاعلة».
بناء الدولة على أساس المواطنة
ونوّه فهمي بأن «الأهم من ذلك، هو العلاقة المباشرة بالمواطنين في بناء الدولة على أساس المواطنة، وعلى أساس عدم التمييز بين المواطنين، وأن تكون الوظيفة العامة أساسا لتحقيق منفعة المجتمع، وليس أداة من أدوات هذا الحزب او ذاك او هذا الطرف او ذاك، وبالتالي نلاحظ ان المتلازمة مع هذا الموضوع مسألة الفساد والمحسوبية والمنسوبية والفشل في اداء المهمات».
وواصل فهمي حديثه بان «ما يتحقق من إنجازات عمرانية هو نقاط إيجابية ضمن مشهد غير محفز وغير حاضن وغير صديق لتوجه كهذا، بل على العكس، هو مليء بالعناصر الكابحة. لذلك نحن نقول اليوم اننا سنبقى نعاني من مسألة توظيف الهوية الطائفية والهوية الدينية وغيرها من هذه الامور في الصراع السياسي».
ورهن سكرتير اللجنة المركزية للحزب «المخرج الحقيقي» من هذه الإشكالات «بالتوجه نحو دولة المواطنة، دولة تقوم على الطابع المدني، وان يكون القانون الوضعي هو الحاكم، فضلا عن فسح المجال للحريات وضمان ممارسة الشعب لحقوقه كاملة، إضافة الى توجهات تعالج مشكلة الانقسامات في الدخل والثروة والعدالة الاجتماعية».
واختتم حديثه بأن «هذه المتلازمة والتوجهات هي من تضع العراق على درب الخروج من دوامة الأزمات بما يحقق الاستقرار والسير على طريق التنمية المستدامة واستكمال سيادته الوطنية».