اخر الاخبار

تعتبر المشاريع الخدمية من الملفات ذات المساس المباشر بحياة المواطنين، ويشكل تلكؤ تنفيذها عاملاً سلبياً في حياتهم.

وهناك الآلاف من المشاريع المعلقة والمتلكئ تنفيذها منذ سنوات، ويعود ذلك لجملة أسباب، أبرزها الفساد المالي والإداري الذي أثر بشكل كبير على عمليات التنفيذ والرقابة، وتسبب في تأخير العديد من المشاريع وحتى تعليقها تماماً، بالشكل الذي أثر على البنى التحتية وعيش المواطنين.

ورفعت الحكومة الحالية شعار “حكومة الخدمات” بهدف تسليط الضوء على قطاع الخدمات العامة، غير أن التحديات المرتبطة بمعالجة مشاريع الخدمات المتلكئة ليست سهلة، فالحكومة ملزمة باتخاذ إجراءات جذرية لمكافحة الفساد وتحسين آليات الإشراف والتنفيذ، لكن هل ان ما يجري حتى الآن يضع حدا لهذه الآفة؟

ويمكن من معالجة ملف مشاريع الخدمات المتلكئة المفتوح منذ أكثر من 15 عامًا؟

انخفض عددها

يؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن “عدد المشاريع المتلكئة انخفض الى (٩٦٣) مشروعا، بعد أن كان (١٤٥٢) ثم انخفض الى (1093)، وهذه المشاريع موزعة بين جميع الوزارات تقريباً”، مشيرا الى انها “تعود لأغلب القطاعات في البلد، مثل مشاريع المستشفيات والماء والمجاري والطرق، وأخرى تعود لقطاعي الصناعة والزراعة ومجالات اخرى “.

ويشير الهنداوي خلال حديث خص به “طريق الشعب”، الى “جهود تبذل من قبل الحكومة الحالية، وعن طريق وزارة التخطيط وجهات أخرى معنية لمعالجة واقع هذه المشاريع”.

ويضيف، أن “هناك توجيهات من قبل رئيس الوزراء ووزير التخطيط بضرورة إنجاز المشاريع المتلكئة في مدة أقصاها العام القادم، وعلى اقل تقدير إنجازها بنسبة 90 في المائة”.

ويبين الهنداوي، انه “في ما يتعلق بمشاريع المستشفيات المتلكئة، فقد تم وضع حلول لما يقارب ٥١ مستشفى: ١٤ مستشفى منها بسعة سريرية تتجاوز ٤٠٠ واخرى بسعات مختلفة، وتنتشر في غالبية المحافظات”، مؤكدا انها ستنجز خلال العام الجاري او المقبل.

واختتم المتحدث باسم وزارة التخطيط، حديثه بالتأكيد على “وجود جهود تبذل لمعالجة بقية المشاريع المتلكئة”.

توحيد الجهود

اما النائب محمد عنوز فيقول: أن “الحكومة مُشكلة من مجموعة أطراف سياسية وكل طرف يقع عليه جزء من المسؤولية، أي لا يمكن القاء اللوم على شخص واحد”، مشيرا الى ان أبرز التحديات الحالية تعود لقوى ائتلاف الدولة التي تبنت موضوع المشاريع، والتي ساهمت بتشكيل الحكومة”.

ويشير عنوز خلال حديثه لـ “طريق الشعب”، الى زيادة التحديات على مستوى المشاريع، عازيا ذلك “لكون الائتلاف الحالي تشكل على نهج المحاصصة، حيث لا يوجد منهج يربط الاطراف المشتركة بقدر ما تربطهم مصالح حزبية ضيّقة وامور تتعلق بحصصهم في الوزارات”.

ويرى عنوز، أن “الحكومات ترتقي بمستوى عملها، من خلال وضع برنامج حقيقي، شرط ان يتجاوز خطط واليات عمل الحكومات المتعاقبة”، موضحا ان التحديات تتمثل بكيفية استثمار المال العام بالشكل المناسب، وبحسب اولويات تتعلق بنمط العيش الكريم للمواطن من بنية تحتية وخدمات وامور تتعلق بضمانات اجتماعية وغيرها”.

ويستدرك عنوز قائلاً، “سمعنا خلال السنوات السابقة العديد من الشعارات مثل “شراكة وطنية”، “خدمات”، “حكومة خدمات”، الا انها كلها لا تؤدي النتيجة المطلوبة، طالما ان تشكيلها تم بشكل غير سليم، لافتا الى ان رئيس وزراء الحكومة الحالية لن يستطيع النهوض ايضا بواقع الحال بمفرده من دون ان يساعده المجلس الوزاري في ذلك”، مبينا أن الحكومة الحالية تشكلت بذات النمط الذي اعتمد سابقا في تشكيل الحكومات”.

واختتم بالقول ان “هناك اضاعة لكثير من الوقت إضافة الى خسائر موارد بشرية عديدة من الكفاءات التي اما ان تهمش او تغادر خارج البلد”، مشددا على ضرورة اعتماد اسلوب اخر في التعامل مع الواقع العراقي وكيفية استخدام المال العام”.

أين الخدمات الحقيقية؟

يقول الناشط علي القيسي إن “حكومة الخدمات حتى الآن لم تقدم خدمات حقيقية وأساسية للمواطن، حيث تركزت معظم المشاريع التي تعمل عليها على خدمات ترقيعية محدودة، لا ترتقي للمستوى المطلوب، مثل اكساء الشوارع وإعادة تأثيث الارصفة”، مشيراً إلى إن “هذه الخدمات هي مجرد إجراءات إلزامية لأي حكومة محلية”.

وخلال حديثه مع “طريق الشعب”، يشير القيسي إلى أن المواطنين يفتقرون للخدمات الأساسية والمهمة، كالمياه والكهرباء وغير ذلك، وهذا ما يزيد من تفاقم الوضع وتراكم الصعوبات الحياتية.

ويجد القيسي أن حكومة السوداني تواجه صعوبة في تجاوز الفشل الحكومي السابق”، عازيا السبب إلى “وجود قوى مسلحة خارج إطار الدولة، تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وتسيطر على جوانب قطاعية عديدة، الأمر الذي يمنع الحكومة من تقديم الخدمات وتحقيق التقدم في الوضع الراهن”.

الفساد الاداري

ويرى المحلل السياسي، علاء مصطفى، ان “تلكؤ المشاريع خلال السنوات السابقة لا تتحمله حكومة السوداني وحدها، كون التلكؤ ناتجا عن تراكمات واخطاء مستمرة منذ 15 عاماً”، مستدركاً بالقول إن “ملف المشاريع المتلكئة يتطلب وقتا ليس بالقليل”.

ويعزو مصطفى أسباب تلكؤ المشاريع،  في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، الى “الفساد المتجذر في مفاصل الدولة ومؤسساتها الخدمية، وغياب التدرج الوظيفي للمناصب، إضافة الى منح المشاريع الخدمية لمقاولين غير متخصصين وبعضهم نهب الكثير من الأموال من الجهة المنفذة دون تقديم عمل”، مشيرا الى ان “الفساد الإداري اشد خطورة من المالي”.

ويؤكد ان عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، سبب شللا في عمل المؤسسات، منوها بالعمل الحكومي على تقييم المدراء العامين ومطالبتهم بتقديم إنتاجية العمل بشكل شهري وفصلي، وعلى أساسه يتم تقييم الوكلاء والوزراء.

ويرهن مصطفى نجاح الحكومة في ملف المشاريع الخدمية، بتقويض الفساد الإداري.