اخر الاخبار

في مناسبة الذكرى الـ 18  لسقوط نظام الدكتاتور صدام حسين، تعد “طريق الشعب”، سلسلة من الحلقات في مواضيع مختلفة، تستطلع من خلالها الآراء، وتطرح سؤلاً عن توقعات الناس وتطلعاتهم، في شأن المستقبل، ومقارنتها بالنتائج التي افرزتها المرحلة على الارض.

أعراف انهت الديمقراطية

وقال عميد كلية العلوم السياسية، في الجامعة المستنصرية، الدكتور خالد عبدالاله، لـ”طريق الشعب”: ان “ما تحقق ايجابا هو انهاء النظام الدكتاتوري، ثم التداول السلمي للسلطة، (الانتخابات)، التي مكنت المواطنين من اختيار ممثليهم في مجلس النواب، وهذا من أساسيات بناء الدولة المدنية الحديثة”، مبيناً أنه “رغم هذه الميزة الاساسية، لكن التحول الى الديمقراطية رافقته اعراف وسلوكيات شوهت الديمقراطية مثل نهج المحاصصة الطائفية والقومية والإثنية”.

وأضاف أن “الاخفاق الذي حدث في ما بعد يكمن في عملية بناء الدولة الذي لم يكن على أسس المواطنة، وذهبنا باتجاه بناء دولة المكونات”، مشيرا الى ان “تغيير النظام لم يكن بالطريقة المثالية، ورافقته احداث كثيرة اهمها تدخل بلدان الجوار في بناء الدولة الجديدة”. 

وأوضح ان “القوى السياسية لم تتحدث عن عصر سياسي جديد في العراق، يلتزم بالشروط الاساسية لبناء الدولة الحديثة، إلا بعد تشرين 2019”، مشددا على ضرورة ان “يكون هناك تغيير في بعض الجوانب واصلاح في جوانب أخرى”.

وأشار الى أن “النظام البرلماني واحد من افضل الانظمة في العالم، لكن الانحراف عن مسارات النظام البرلماني والممارسات الخاطئة التي مارستها الكتل السياسية ـ حيث لم تتبن أي كتلة سياسية دور المعارضة داخل البرلمان والحكومة ـ قدم نموذجا سيئا عن هذا النظام”.

إزاحة الطغمة السياسية

من جهته، قال المحلل السياسي، احسان الشمري، انه قد يكون هناك تغيير في طبيعة النظام السياسي، تفرزها العملية الانتخابية”.

وأضاف الشمري في حديث خص به “طريق الشعب”، انه “بعد 18 عاما يبدو ان كل شيء قد تغير. لم يعد الدستور معترفا به. عملية الانتخابات مزورة، وحرية الرأي أصبحت مقيدة. كما أن حق التظاهر والاحتجاج، يقابل بالقمع والقتل”.

واتهم الشمري، القوى السياسية المتنفذة التي تقود نظام بعد التغيير بأنها “تقترب تدريجياً من الاستبداد، وتحاول الامساك بالسلطة”.

ويجد ان “حلم الديمقراطية انتهى في العراق، وان الدعوة لإعادة هيكلة النظام السياسي هي دعوة جادة، لإزاحة الطغمة السياسية الموجودة، مع الحفاظ على النظام البرلماني، واجراء اصلاحات جدية في الدستور ومحاسبة قتلة المتظاهرين وكبار الفاسدين وحل الاحزاب التي مارست دورا سلبيا في المرحلة السابقة”.

واقع متعدد الازمات وعجز تشريعي

أما عميد كلية الآمال الجامعة د. عامر حسن فياض، فوصف الوضع الراهن في البلاد بأنه “في مرحلة انتقالية”، مبينا أن العراق “يقف ما بين حدين؛ الماضي التسلطي السيء، والمستقبل المنشود، صعب التحقيق”.

وقال فياض في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “بعد مرور 18 عاما على تغيير النظام الديكتاتوري، نعيش واقعا متعدد الازمات”، مسترسلا “اننا نشهد الان عجزا خدميا. وهذا الموضوع لا يحتاج الى تفصيل او تحليل، وكذلك عجز تشريعي”.

ولاحظ د. عامر أن “العراق بعد دستور 2005 لم يسن قوانين تأسيسية لبناء الدولة، لأن الدستور ترك 66 قانونا غير مشرعة الى مجلس النواب”.

وأشار الى أن “البلد يعاني عقما في الانتاج بينما هناك خصوبة عالية في الاستهلاك، فضلاً عن عبث في المال العام، الذي وصل الى ارقام كبيرة”، مبيناً ان “الولايات المتحدة عندما اسقطت النظام السابق لم تكن ترغب في بناء نظام بديل للنظام التسلطي”.  

وبيّن أن “العيب في النظام السياسي، ومفتاح الحل هو بناء نظام سياسي، وكان يجب ان يبنى فور التخلص من النظام الدكتاتوري”، لافتا الى ان “القوة السياسية التي ادارت البلاد بعد 2003 لم تنتج لنا رجال دولة. وهي اجادت طرق المعارضة، لكنها لم تجِد البناء”.

منظومة سياسية تمثل الشعب

من جهته، قال المحلل السياسي إياد العنبر لـ”طريق الشعب”، ان “كل القوى السياسية الحاكمة الان تدرك ان الرؤيا الجيدة لحل الاشكالات ‏السياسية والاقتصادية، تتطلب توفير منظومة سياسية تدار من قبل زعامات ‏سياسية، تكون ممثلة حقيقية للشعب”.

وأضاف العنبر، “هناك من يعتقد ان المخرج من الازمة السياسية في العراق تتطلب خطوتين ‏اولا حصر السلاح بيد الدولة، ثم توفير انتخابات حرة ونزيهة”.  ‏

ويعلّق العنبر على هذا الاعتقاد قائلا: “اذا كانت القوى التي يجب ان تعمل على حصر ‏السلاح بيد الدولة، لها ميليشيات واذرع مسلحة، فمن يتصدى للسلاح ‏المنفلت، البرلمان لا استعداد لديه لتقديم حكومة تحصر السلام بيد الدولة”. ‏

وأشار الى ان “هذه المنظومة السياسية لن تقبل ان يأتي رئيس حكومة يقيدها، ويحد من ‏عملها؛ ففي ظل هذه المنظومة السياسية الان اصبح شعار حصر السلاح ‏بيد الدولة وهما كبيرا”.  ‏

وعن الانتخابات بوصفها احد مخارج الازمة، قال العنبر “لم يكن هناك نظام سياسي يحمل مخرجات تتلاءم مع ‏مدخلاته، فبالتأكيد لن تنتج الانتخابات نتائج مرجوة. نحن في السنوات ‏السابقة نذهب للمشاركة في الانتخابات لكن في النتيجة الحكومات ‏تتشكل نتيجة لصفقات، وليست نتيجة استحقاق لمن اخذ الاصوات الاعلى”، لافتاً الى ان “الانتخابات مدخل لشرعية النظام، لكن مخرجات النظام، لا تعتمد على ‏الانتخابات”.