اخر الاخبار

يحذر أكاديميون وخبراء اقتصاديون من الاقتراب من مرحلة الخطر في معدلات الدين العام قياسا بالناتج القومي المحلي، في ظل زيادة الانفاق التشغيلي، والعجز الكبير الذي خمنته الموازنة العامة للبلاد.

ووفقا لأرقام البنك الدولي، فإن الدين العام العراقي لسنة 2023 يبلغ 152 مليار دولار: الديون الخارجية تبلغ 50 مليار دولار، والداخلية 102 مليار دولار.

الزيادة والنقصان

واوضحت اللجنة المالية البرلمانية تفاصيل الديون الداخلية والخارجية، ومدى خطورتها على الاقتصاد، مؤكدة أن عملية تسديدها مرهونة بأسعار النفط.

وقال عضو اللجنة جمال كوجر: إن “ارتفاع وانخفاض الديون يعتمد بالدرجة الأساس على أسعار النفط، فإذا ارتفع سعر بيع برميل النفط فوق 76 دولارا، يمكن للعراق تغطية العجز الموجود في الموازنة. أما في حالة انخفاضه الى أقل من هذا السعر، فهذا يعني زيادة في العجز، وبالتالي ارتفاع الديون”.

وأضاف كوجر، أن “الديون تعود الى العام 2014 حين اضطر العراق إلى سحب أموال من الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي العراقي، بسبب انخفاض أسعار النفط. كذلك أزمة الانخفاض التي رافقت جائحة كورونا”، مبينا أن “وضع الاقتصاد العراقي حاليا أفضل بكثير من السنوات السابقة”.

وبيّن، أن “بعض الديون الخارجية مجمدة ويطلق عليها الديون البغيضة، وهي بحدود 40 مليار دولار، جراء تزويد السعودية للنظام السابق بالأسلحة، إبان الحرب العراقية الإيرانية”، مستدركاً أن “السعودية لا تطالب بهذه الديون، وهي مسكوت عنها”.

إنفاق تشغيلي

وقال مصدر حكومي مطلع، إن حجم الناتج القومي يقدر بحوالي 268 مليار دولار، مشيرا الى أن مستويات الدين العام ما زالت في حدود المقبول خاصة مع استمرار أسعار النفط.

وأضاف المصدر، أنّ “العراق لم يدخل بعد مرحلة الخطر، ففي حال تجاوز نسبة الدين العام 60% من قيمة الناتج الاجمالي القومي، يكون القلق مبررا”، مشيرا الى ان “الحكومة الحالية كان عليها تقليص النفقات قدر المستطاع وتوجيه الاموال صوب مشاريع تنموية، بدل زيادة النفقات التشغيلية، التي سوف تفاقم بالتأكيد من قضية الديون”.

أرقام غير دقيقة

بدوره، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي نبيل المرسومي، إنّ البنك الدولي قدم أرقاماً غير صحيحة عن الدين العام في العراق.

وذكر المرسومي، أن “أرقام البنك الدولي حول الدين العام في العراق غير صحيحة، وهي أن الدين العام لسنة 2023 يبلغ 152 مليار دولار، تنقسم إلى ديون الخارجية بقيمة 50 مليار دولار، وداخلية 102 مليار دولار”، موضحا ان “نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي تساوي 58.3%”.

وأوضح، أن “هذه الأرقام تفترض ان موازنة 2023 ستنفذ بالكامل، ما سيترتب عليها إضافة نحو 31 مليار دولار الى اجمالي الدين العام”، لكن الموازنة لم تطلق تخصيصاتها حتى الان، برغم مرور اكثر من ثمانية أشهر على العام الحالي.

وأضاف، أن “الديون الخارجية على العراق زائدا ديون الخليج المجمدة، تبلغ 61 مليار دولار، وليس 50 مليارا، وبعد تنفيذ الموازنة بالكامل تصبح نحو 70 مليار دولار”.

وزاد المرسومي ان “الديون الداخلية تبلغ 70 ترليون دينار، وعند تنفيذ الموازنة ستصبح 100 ترليون دينار، اي نحو 77 مليار دولار، وليس 102 مليار دولار”.

وخلص الى ان “اجمالي الدين العام سيكون في حالة تنفيذ الموازنة بشكل كامل، 138 مليار دولار، وليس 152 مليار دولار، كما يقول البنك الدولي”.

تقرير البنك الدولي

وفي وقت سابق، ذكر البنك الدولي في التقرير الصادر بشأن الاقتصاد في العراق وديونه، تحت عنوان: (ضغوط متجددة: تعافي العراق في خطر) إن “اقتصاد العراق يعاني من ركود الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، والصناعات، والأنشطة الزراعية، الذي صاحبه ارتفاع معدلات التضخم، حيث يفتقر العراق في ظل حكومته الحالية لإصلاحات هيكلية واسعة النطاق، تقوّي اقتصاده بعيدًا عن النفط”.

وبين، أن “الموازنة السنوية التي أقرتها السلطات الحكومية، تشهد زيادة كبيرة في حجم النفقات العامة بنسبة 59% عن السنة السابقة، والتي تمثل 74.3% من إجمالي الإنفاق، ما سيؤدّي إلى عجز مالي كبير قدره 51.6 تريليون دينار عراقي – أي ما يعادل 39.7 مليار دولار - والذي يمثل 14.3% من حجم الواردات العامة، أي أكثر من نصف الاحتياطيات القياسية الأخيرة التي تراكمت في أعقاب الطفرة في أسعار النفط”.

وبشأن سياسات (البنك المركزي) في تخفيض قيمة العملة المحلية، أفاد البنك الدولي بأن “خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى زيادة التضخم الكلي والأساسي، جراء الاعتماد الكبير على عمليات الاستيراد في ظل ضعف الإنتاج المحلي الذي لا تدعمه السلطات الحكومية”.

وأضاف تقرير البنك الدولي أن “معايير المعاملات التي يعتمدها (البنك المركزي) من خلال مزادات بيع العملة، تسببت في إعادة توجيه العملة الصعبة إلى السوق الموازية الأمر الذي تسبب في خفض قيمة الدينار مقابل الدولار”.

وبحسب البنك الدولي، فإن “افتقار العراق إلى تنويع مصادر الدخل بسبب السياسات الفوضوية للحكومات المتعاقبة، أدى إلى انكماش الناتج المحلي بمقدار1.1%، في 2023 وزيادة الدين العام للبلاد ليبلغ 58.3% بعد أن كان في السنة السابقة 53.8% أي سيصل إلى 152 مليار دولار، بزيادة 10 مليارات دولار، فيما وبلغ مجموع الديون الخارجية إلى 50 مليار دولار، والداخلية 102 مليار دولار، مما يعني أن السلطات الحكومية اقترضت في السنوات الثلاث السابقة داخليًا حوالي 60 مليار دولار، بمعدل 15 مليار سنوياً، وبفوائد سنوية للديون الداخلية تبلغ 16 إلى 17% من حجم الديون”.

ووفق البنك، فإنّ “آفاق المستقبل الاقتصادي في العراق ما تزال معرّضة لمخاطر كبيرة؛ بسبب الاعتماد المفرط على النفط، الذي يجعله عُرضةً للصدمات في أسواق النفط والطلب العالمي مثلما يتّضح من تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى العوامل المحركة للهشاشة والتي تشكّل تحديات أساسية للاقتصاد، كاستشراء الفساد، وسوء تقديم الخدمات وتطوير البنى التحتية، والمخاطر الأمنية”.

وأضاف البنك الدولي أن “استمرار السلطات الحكومية في اتباع هذه السياسات، ستجعل من موازنة البلاد تصب في صالح الأحزاب السياسية التي أخّرت عجلة التنمية، وجعلتها تعاني من اختلالات كبيرة على الرغم من مرور عقدين من مزاعم انتهاء الحرب”.