اخر الاخبار

برغم إعلان الجهات الأمنية اعتقال الآلاف من تجار ومروجي المخدرات وضبط أطنان من المواد المخدرة، منذ مطلع العام الجاري، الا أن تجارة المخدرات لا تزال تمثل تحديا كبيرا للعراق، في ظل تطور أساليب التجارة ونجاح سوق المخدرات في العراق.

ويؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد المحنا، إلقاء القبض على أكثر من 12 ألف تاجر ومروج للمخدرات، مع ضبط أطنان من المواد المخدرة، منذ مطلع العام الجاري.

ويضيف، أن “الأجهزة الأمنية أقرت حزمة من الإجراءات الجديدة، مستندة على تخطيط استراتيجي، يقوم أساسا على “تدعيم عمل مديرية مكافحة المخدرات وإتاحة الإمكانيات لها”، وهو الأمر الذي يمكنها من رفع منسوب نشاطها على المستويين النوعي والكمي، على حد تعبيره.

ويكشف المحنا عن إلقاء القبض على شبكات دولية لتجارة المخدرات والاستدلال الى أماكن إخفاء المواد المخدرة، وتتبع أفرادها في جميع المحافظات.

وتابع، أنّ السلطات أطلقت عددا من الإجراءات التي تهدف إلى محاربة تعاطي المخدرات وترويجها، كاشفا انطلاق عملية لـ”فحص أفراد وعناصر الشرطة”.

وأشار الى أن “المرحلة الثانية ستتم عبر فحص المتقدمين على سلك الشرطة، وسيكون هناك فحص مماثل للمتقدمين بالوظائف العامة بشكل عام لمنع انزلاق الشباب في آفة المخدرات”، مؤكدا “إقرار إجراءات جديدة بعد دراسة تجارب دول متعددة نجحت في مكافحة هذه الظاهرة والآفة، فضلا عن جهود غير مسبوقة من خلال إنشاء وزارة الداخلية مصحات لعلاج إدمان المخدرات”.

ويؤكد مدير عام دائرة الطب العدلي، الدكتور زيد علي عباس، أن دائرته تسلمت “مواد مخدرة جديدة ومهلوسة داخل حلوى الجيلاتين وبعض السجائر الإلكترونية من مصادر تحقيقية متنوعة”.

ويقول عباس لـ”طريق الشعب”، ان “الحلوى التي تم ضبطها، كانت تحمل أشكالا مختلفة”، محذرا من بيع تلك المواد في المحال التجارية.

ويدعو الدكتور زيد الى “توحيد الجهود من أجل مكافحة انتشار وتعاطي المخدرات، خاصة بين الفئات العمرية الصغيرة والشباب”.

ويضيف بأن “هذه الواقعة تشير إلى أسلوب جديد في تهريب المخدرات، ما يشكل تهديداً خطيراً للمجتمع”.

ويؤكد قائلاً، إنّ “دائرة الطب العدلي تصلها بشكل يومي كميات كبيرة ومتنوعة من المخدرات لفحصها وإتلافها”.

وتعليقا على هذه الحالة، أكد مصدر مطلع أن العراق بات يعتبر سوقا رائجا للمخدرات بعد النجاح المخيف الذي حققته عصابات المخدرات من خلال فتح سوق جديدة داخل العراق.

وأضاف المصدر في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “جهود القوات الأمنية في السيطرة هذه على التجارة لا تتطلب وجود جهاز أمني قوي فقط”، مشيرا الى ان “العملية تكاملية وهي بحاجة الى تظافر جهود الجميع من اجل تجفيف منابع دخول المخدرات”.

وأكد أن “الفساد وضعف القانون هما العاملان الرئيسان المؤثران في عدم القدرة على مكافحة هذه الآفة الخطيرة”، مبينا ان “القوات الأمنية اعتقلت الآلاف من مروجي وتجار المخدرات، لكن اضعافهم موجودون في الشوارع وبإمكان كبار التجار استبدال ادواتهم بسهولة بفضل المال”.

مرحلة خطرة

وتصف رئيس منظمة (عراق خال من المخدرات) إيناس كريم، حادثة تهريب المخدرات عبر حلويات الأطفال بأنها “صادمة ومقلقة”.

وتقول كريم لـ “طريق الشعب”، إنّ “هناك تحولا خطرا في السياق”، مشيرة الى أن “الأمر أصبح أقوى من تدابير الحكومة، ما يتطلب أن تظهر الجهات الحكومية تكتيكا أكبر من تلك المجموعات، التي تستخدم جميع الوسائل الممكنة لنشر السموم في مراحل تصل إلى درجة يتم فيها استخدام حلوى الأطفال!”.

وتضيف كريم متسائلة: “هل هذه الأساليب تستهدف الأطفال والشباب بغرض جعلهم يتعاطون أم أنها تهدف فقط تمرير المخدرات؟ إذا كانت الغاية هي التهريب، فإننا نواجه مشكلة ذات أبعاد خطرة. أما إذا كان الهدف هو الترويج والاستهلاك، فإن المشكلة تكتسب طابعاً أكثر تعقيداً وخطورة”.

استغلال الفئات الهشّة

يقول الخبير الأمني مخلد الدرب، “اننا بدأنا نشعر بخطر تهديد آفة المخدرات لجميع فئات المجتمع”.

ويضيف الدرب في حديث لـ”طريق الشعب”، انه يتأسف “لتحول العراق من ممر هامشي لعبور المخدرات، الى منتج ومتعاط لها”، مواصلا ان “البلاد صارت أرضا خصبة لتجارة المخدرات، والتي تفاقمها مشاكل البطالة والعوز والفقر”.

ويتابع قائلاً، إنّ “تجار المخدرات يستدرجون الفئات الضعيفة ويسعون لتحويلهم إلى مروِّجين ومتعاطين، مستغلين الأوضاع الصعبة التي تعيشها الناس”.

ويضيف، أنّه “على الرغم من وجود محاولات تعقب من قِبَل الجهات الأمنية للتصدي لهؤلاء التجار، إلا أن وسائل دخول المخدرات تتخذ حيلا واسعة”.

ويتابع مؤكدا، أنّ “الوضع الهشّ قرب الحدود يعتبر السبب الرئيس لدخول هذه المواد، وأن هناك طرقًا كثيرة تمر عبرها المخدرات، إضافة الى ان اغلب تجارها تقف خلفهم مافيات كبيرة توفر لهم الحصانة”.

ويطالب المتحدث، الأجهزة الأمنية بمضاعفة الجهود “لأننا سنجد أنفسنا أمام مشكلة كبرى”.

غياب الرقابة

من جهته، أشّر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، د. علي البياتي، “غيابا ملحوظا للجانب الرقابي”.

وقال البياتي في حديث مع “طريق الشعب”، إن الأرقام الرسمية لعام 2022 كشفت عن اعتقال حوالي 14 ألف شخص، منهم 500 امرأة وفتاة في حملة ضد متعاطي وتجار المخدرات، لافتا الى ان عصابات الاتجار تستغل هؤلاء الأفراد لترويج ونقل المخدرات.

ويضيف البياتي، أن “هذه الظاهرة تكثر بشكل خاص في المناطق الفقيرة والمدن التي تعاني من نسب بطالة مرتفعة”، مشيرا الى ان “نسبة التعاطي بين الشباب في هذه المناطق تصل إلى حوالي 70 في المائة”.

ويتابع، ان “تلك الإحصائيات تدل على وجود العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه تلك المجتمعات”.

وبحسب تصريحات رسمية، فإن وزارة الصحة تمكنت من معالجة 4500 مدمن ومتعاط للمخدرات منذ بداية العام 2022 والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاما.